الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشهدوا: أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله)) (1). ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستُخلفَ أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله تعالى)). فقال أبو بكر: والله! لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه، فقال عمر بن الخطاب: فوالله! ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفتُ أنه الحق)). وفي صحيح البخاري: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: ((والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها)) (2).
12 – ومما يؤكد عظم منزلة الزكاة في الإسلام أن من جحد وجوبها كفر:
إن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهله فإنه يكون مرتدًّا تجري عليه أحكام المرتد، ويستتاب ثلاثاً فإن تاب وإلا قتل؛ لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فلا تكاد تخفى على من هذه حاله، فإذا جحدها لا يكون إلا لتكذيبه: الكتاب والسنة، وكفره
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} برقم 25، [التوبة: 5]، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، برقم 22.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1399 ورقم 1400، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، برقم 20.
بهما، أما من كان جاهلاً: إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار، فإنه يُعرَّف وجوبها، ولا يحكم بكفره حتى يعلم ثم يجحد وجوبها (1).
قال شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: ((
…
في حكم تارك الزكاة تفصيل، فإن كان تركها جحداً لوجوبها مع توافر شروط وجوبها عليه كفر بذلك إجماعاً، ولو زكَّى مادام جاحداً لوجوبها، أما إن تركها بخلاً أو تكاسلاً؛ فإنه يعتبر بذلك فاسقاً، قد ارتكب كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب)) (2).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله ((
…
من أنكر وجوبها فقد كفر إلا أن يكون حديث عهد بإسلام، أو ناشىء في بادية بعيدة عن العلم وأهله فيعذر، ولكنه يعلَّم، وإن أصر بعد علمه فقد كفر مرتدًّا، وأما من منعها بخلاً وتهاوناً ففيه خلاف بين أهل العلم:
فمنهم من قال: إنه يكفر، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (3).
ومنهم من قال: إنه لا يكفر، وهذا هو الصحيح، ولكنه قد أتى كبيرة عظيمة، والدليل على أنه لا يكفر حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عقوبة مانع زكاة الذهب والفضة، ثم قال: ((
…
حتى يُقضى بين العباد فيرى سبيله: إما إلى الجنة وإما إلى النار)) (4). وإذا كان يمكن أن يرى له سبيلاً
(1) انظر: المغني لابن قدامة، 4/ 6، والمجموع للنووي، 4/ 334.
(2)
مجموع فتاوى ابن باز، 14/ 227.
(3)
انظر: المغني لابن قدامة، 4/ 8 – 9، والكافي، 2/ 87.
(4)
مسلم، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 987.