الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الناس ولا يريد بيعها إنما يريد الحصول على أجرتها، فهذه لا زكاة فيها وإنما يزكي أجرتها إذا حال عليها الحول.
وكذلك: العمارات، والأسواق المؤجرة، لا زكاة فيها، إنما الزكاة في أجرتها، وما يحصل منها إذا حال عليها الحول (1).
عاشراً: مقدار الواجب في عروض التجارة: ربع العشر:
الواجب في زكاة عروض التجارة ربع عشر قيمتها عند تمام الحول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المقدار الواجب في الفضة: ((وفي الرقة ربع العشر)) (2)، والرقة: الفضة، وقال في حديث علي رضي الله عنه: ((هاتوا ربع العشور: من كل أربعين درهماً درهمٌ وليس عليكم شيء حتى تتمَّ مائتي درهَمٍ، فإذا كانت مائتي درهَمٍ ففيها خمسة دراهم
…
)) (3)، وقال صلى الله عليه وسلم في الذهب: ((
…
فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك)) (4). فالواجب في زكاة عروض التجارة ربع عشر قيمتها، من الذهب، أو من الفضة بالأحظ لأهل الزكاة: مثال ذلك شخص يملك عقاراً قيمته عند تمام الحول مليون جنيه، فزكاته هي:
مليون تقسيم أربعين، يساوي خمسة وعشرين ألف جنيهاً
(1) الفروع لابن مفلح، 4/ 205، والروض المربع، 3/ 268، وفتاوى اللجنة الدائمة، 9/ 332، 345، وفتاوى ابن باز، 14/ 182، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، 18/ 209.
(2)
البخاري، برقم 1454، وتقدم تخريجه في مقدار الزكاة في الذهب والفضة.
(3)
أبو داود، برقم 1572، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 435، وتقدم تخريجه في مقدار زكاة الذهب والفضة.
(4)
أبو داود، برقم 1573، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 436، وتقدم تخريجه في نصاب الذهب، وفي نصاب الفضة.
[1000.000 ÷ 40 = 25.000 جنيهاً]
وشخص آخر له عروض تجارة قيمتها عند تمام الحول خمسون ألف ريالاً سعودياً، فزكاته: خمسون ألف تقسيم أربعين، يساوي: ألف ومائتين وخمسون ريالاً سعودياً.
[50.000 ÷ 40 = 1250 ريالاً] وهكذا (1).
(1) واختلف العلماء في زكاة العروض، هل يجوز إخراجها عرْضاً من نفس العروض أم
لا بد أن تكون من القيمة؟ قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ويخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها وهذا أحد قولي الشافعي)). [المغني، 4/ 250]. وقال المرداوي في الإنصاف: ((هذا الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، قطع به أكثرهم)) [الإنصاف، 7/ 55].
والقول الثاني للشافعي وأبي حنيفة: أنه مخير بين الإخراج من قيمتها وبين الإخراج من عينها؛ لأنها مال تجب فيه الزكاة فجاز إخراجها من عينه كسائر الأموال [المغني، 4/ 250، والشرح الكبير، 7/ 55]. ورد ابن قدامة رحمه الله هذا القول، فقال:((ولنا أن النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها: كالعين في سائر الأموال، ولا نسلم أن الزكاة تجب في المال، وإنما وجبت في قيمته)) [المغني، 4/ 250].
وقال المرداوي: ((وقال الشيخ تقي الدين: ويجوز الأخذ من عينها أيضاً)) [الإنصاف، 7/ 55].
وذكر شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى، [1/ 299] الأقوال في المسألة: يجوز مطلقاً، لا يجوز مطلقاً، يجوز في بعض الصور للحاجة أو المصلحة الراجحة، ثم قال:((وهذا أعدل الأقوال، فإن كان آخذ الزكاة يريد أن يشتري بها كسوة فاشترى رب المال بها كسوة وأعطاه فقد أحسن إليه، وأما إذا قوَّم هو الثياب فأعطاها فقد يقومها بأكثر من السعر، وقد يأخذ الثياب من لا يحتاج إليها، بل يبيعها فيغرم أجرة المنادي، وربما خسرت فيكون في ذلك ضرر على الفقراء)) [الفتاوى الكبرى، 1/ 299] وذكر عن شيخ الإسلام أيضاً في الاختيارات الفقهية: ((ويجوز إخراج زكاة العروض عرضاً، ويقوى على قول من يقول: تجب الزكاة في عين المال)) [الأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 151].
وقال العلامة السعدي رحمه الله: ((والصحيح جواز دفع زكاة العروض من العروض؛ لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير ماله
…
)) [المختارات الجلية من المسائل الفقهية، للسعدي، ص 77]. وقال شيخنا ابن باز رحمه الله: ((اختلف العلماء في جواز أخذ العروض في الزكاة، والأرجح جواز ذلك بحسب السعر حين الإخراج، سواء كان ذلك: طعاماً، أو ملابس، أو غير ذلك؛ لما في ذلك من الرفق بأصحاب الأموال، والإحسان إلى الفقراء؛ ولأن الزكاة مواساة، فلا يليق تكليف أصحاب الأموال بما يشق عليهم)) [مجموع فتاوى ابن باز، 14/ 249 - 254].
قال الإمام البخاري رحمه الله: ((بابٌ: العرض في الزكاة، وقال طاوس قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن: ائتوني بعرضٍ ثيابٍ خميصٍ أو لبيسٍ في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة)). [البخاري، بعد الحديث رقم 1447]. قوله: باب العروض في الزكاة: أي جواز أخذ العرض، والمراد به ما عدا النقدين. قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، لكن قاده إلى ذلك الدليل، وقد أجاب الجمهور عن قصة معاذ، وعن الأحاديث كما سيأتي عقب كل منها [فتح الباري لابن حجر، 3/ 312] وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، قبل الحديث رقم 1448: يذكر أن الزكاة يجوز إعطائها من العروض عند الحاجة للفقير، فلو كان عنده ريال مثلاً، وأراد أن يعطيها الأيتام فلا بأس أن يعطيهم إياها طعاماً لحاجتهم، وكذا لو كان الفقير سفيهاً، وحديث معاذ حجة: أنه إذا رأى العامل أخذ الملابس، أو الطعام، بدلاً من الصدقة للحاجة فله ذلك؛ لأن معاذاً كان يأخذ العروض من الصدقة)). [وانظر: فتح الباري لابن حجر، 3/ 312].
وسئل شيخنا ابن باز رحمه الله، عن موضوع صرف مبالغ الزكاة؛ لشراء مواد غذائية وعينية: كالبطانيات، والملابس، وصرفها لبعض الجهات الإسلامية الفقيرة، مثل: السودان، وإفريقيا، خاصة في الحالات التي لا تتوفر المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان، أو تكاد تكون معدومة، وإن توفرت فهي بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي تصلهم بها
…
فأجاب رحمه الله: ((لا مانع من ذلك بعد التأكد من صرفها في المسلمين، أثابكم الله وتقبل منكم)) [مجموع فتاوى ابن باز، 14/ 246].