الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لغة:
السبيل في الأصل الطريق، ويُذَكَّرُ ويُؤنَّث، والتأنيث فيها أغلب، وسبيل الله عام يقع على كل عمل خالص سُلِكَ به طريق التقرب إلى الله تعالى: بأداء الفرائض، والنوافل، وأنواع التطوعات، وإذا أُطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد، حتى صار لكثرة الاستعمال كأنه مقصور عليه (1).
اصطلاحاً:
{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} يعني: وفي النفقة في نصرة دين الله، وطريقه، وشريعته التي شرعها لعباده بقتال أعدائه، وذلك هو غزو الكفار (2) فالمقصود: الغزاة المتطوعة الذين لا ديوان لهم أو لهم ديوان لا يكفيهم (3). والمقصود: لاحق لهم في الديوان، ولا رواتب. قال الإمام ابن قدامة رحمه الله:((هم الغزاة الذين لاحق لهم في الديوان، إذا نشطوا غزوا)) (4). قال الإمام ابن مفلح: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهم الغزاة الذين لاحق لهم في الديوان؛ لأن من له رَزقُ راتب يكفيه مستغنٍ بذلك)) (5).
المسألة الثانية: نصيب الغزاة في سبيل الله
من الزكاة: يعطون من الزكاة ما يشترون به السلاح، والدواب، والنفقة لهم ولعيالهم، حتى ولو كانوا أغنياء؛ لأنهم يأخذون لمصلحة المسلمين، بشرط أن لا يكون لهم رَزقٌ من بيت المال يكفيهم (6)؛ لحديث أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، 2/ 338.
(2)
جامع البيان، للطبري، 14/ 319.
(3)
المغني، 9/ 326، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/ 319، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 7/ 247.
(4)
الكافي، لابن قدامة، 2/ 201.
(5)
الفروع، لابن مفلح، 4/ 345.
(6)
المغني، لابن قدامة، 9/ 326، 327، والكافي، 2/ 201، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 3/ 319، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 7/ 247، وتفسير السعدي، ص341، ومنار السبيل، 1/ 269.
الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحل الصدقة لغنيٍّ إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارمٍ، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني)) (1).
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((
…
الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: محتاج إليها: كالفقراء، والمساكين، وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون: كالعامل، والغازي، والمؤلف، والغارم لإصلاح ذات البين)) (2)(3).
(1) أبو داود، برقم 1635، 1636، وابن ماجه، برقم 1841، وأحمد، برقم 11538، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 455، وصحيح ابن ماجه، 2/ 116، وإرواء الغليل، برقم 870، وتقدم تخريجه في مصرف العاملين عليها.
(2)
المغني، لابن قدامة، 9/ 329.
(3)
اختلف العلماء رحمهم الله: هل يعطى في الحج من الزكاة؟ على قولين: القول الأول: قال الإمام الخرقي رحمه الله: ((ويعطى أيضاً في الحج وهو من سبيل الله)) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ويروى هذا عن ابن عباس، وعن ابن عمر ((الحج من سبيل الله)) وهو قول إسحاق
…
)).
القول الثاني: رواية عن أحمد، أنه لا يصرف من الزكاة في الحج، وبه قال: مالك، والليث، وأبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، قال الإمام ابن قدامة:((وهذا أصح)) واستدلوا بقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، فالمراد به عند الإطلاق الجهاد. واستدل أهل القول الأول بآثار وأحاديث منها حديث أم معقل، وفيه أنها قالت: يا رسول الله إن عليَّ حجة وإن لأبي معقلٍ بكراً، قال أبو معقل: صدقة جعلته في سبيل الله، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعطها فلتحج عليه، فإنه في سبيل الله)) [أبو داود، برقم 1988، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 556] وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((فهلا خرجت عليه؛ فإن الحج في سبيل الله)) [أبو داود، برقم 1989، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 557].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها: احجَّني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك؛ فقال: ما عندي ما أحجّك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم .... )) الحديث وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله)) [أبو داود، برقم 1990، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 557: ((حسن صحيح)) واحتجوا بقول ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري معلقاً، قال: ((يعتق من زكاة ماله ويُعطى في الحج)) [البخاري مع الفتح، 3/ 231، قال الألباني في مختصر صحيح البخاري، 1/ 433: ((وصله أبو عبيد في الأموال بسند جيد عنه))، ومن الآثار في ذلك ما أخرجه البخاري معلقاً عن الحسن (( .... ويعطي في المجاهدين، والذي لم يحج [أي من الزكاة])) البخاري مع الفتح، 3/ 331، وقال الحافظ ابن حجر:((هذا صحيح عنه)) [فتح الباري، 3/ 331] وذكر الحافظ ابن حجر: ((وقال ابن عمر: أما إن الحج من سبيل الله)) أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح عنه [فتح الباري، 3/ 332] وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، قبل الحديث رقم 1468، يقول: على قول ابن عباس: ((أما الحج فقال بعضهم كما ههنا: إنه من الجهاد في سبيل الله. فيجوز دفع الزكاة في الحج، وهو الأظهر؛ لأن الحج جهاد في سبيل الله)).
وفي الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص156، قوله:((ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أُعطي ما يحج به، وهو إحدى الروايتين عن أحمد)).
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في مجموع فتاوى اللجنة، 10/ 38:((يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام، ونفقتهم فيه؛ لدخوله في عموم قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} من آية مصارف الزكاة وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)).
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن القعود
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وانظر: المغني: لابن قدامة، 9/ 328، وفتح الباري، 3/ 332، والمقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، 7/ 248، والكافي، 2/ 201، والفروع لابن مفلح، 4/ 345.