الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: جريمة الردة وما يتعلق بها من شبهات
مدخل
…
الفصل الخامس: جريمة الردة وما يتعلق بها من شبهات
تقديم:
الردة في اللغة: الرجوع عن الشيء إلى غيره، وهو اسم مشتق من الارتداد، وهو مطلق الرجوع، يقال: ارتد على أثره ارتدادًا رجع وكذا عن طريقه ودينه1.
وعند الفقهاء: الرجوع عن الإسلام، أو قطع استمراره ودوامه، سواء كانت بقول كفر أو فعله2.
وعرف ابن حزم المرتد بأنه كل من صح عنه أنه كان مسلمًا متبرئا من كل دين -حاشا دين الإسلام، ثم ثبت عنه أنه ارتد عن الإسلام، وخرج إلى دين كتابي، أو غير كتابي أو إلى غير دين3.
وتقع الردة بواحد من الأمور الآتية:
1-
نية الكفر أو اعتقاده، والعقاب على هذا يختص الله به، طالما لم تترجم هذه النية، أو هذا الاعتقاد في فعل ما من الأفعال، أو قول ما من الأقوال4.
1 مختار الصحاح، لسان العرب.
2 يراجع الصنائع ج7 ص134، الخرشي ج8 ص62، مغني المحتاج ج4 ص133، 134، المغني ج8 ص123، مباني تكملة المنهاج ج1 ص324.
3 المحلى ج8 ص123، وتراجع العقوبة للشيخ أبي زهرة ص188.
4 يقول ابن قدامة: ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة، فيه للنصوص الواردة كلحم الخنزير والزنا، وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر المغني ج8 ص131.
2-
إتيان فعل ما من الأفعال التي يقع بها الكفر كالسجود لغير الله، أو إلقاء كتاب الله، أو أحد كتب الحديث في القاذورات استهانة بها.
3-
ترك إتيان ما أوجبه الشرع، تركًا ناتجا من حجد وجوبه، كترك أداء الصلاة، والزكاة وما مثل مما أوجبه الشرع"1.
4-
إنكار ما علم من الدين بالضرورة عن طريق قول ما من الأقوال، أو ادعاء ما ينقص أما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم كادعاء النبوة مثلًا، أو سب الله سبحانه وتعالى، أو رسوله -صلى الله عليه وسلم2.
وسأقتصر في حديثي هنا على الشبهات، التي تعتري الركن الشرعي لهذه الجريمة، وما اختلف الفقهاء في وقوع الردة بإتيانه، وهو السحر.
1 يقول ابن قدامة: ومن ترك الصلاة دعي إليها ثلاثة أيام، فإن صلى وإلا قتل
…
جاحدًا تركها أو غير جاحد.. ولا خلاف بين أهل العلم في كفر من تركها جاحدًا لوجوبها، إذا كان ممن لا يجهل مثله ذلك....
وكذلك الحكم في مباني الإسلام كلها، وهي الزكاة والصيام والحج، المغني ج8 ص131.
2 يقول ابن قدامة: ومن ادعى النبوة، أو صدق من ادعاها، فقد ارتد ومن سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا، وكذلك من استهزأ بالله تعالى أآو بآياته، أو برسله أو كتبه، قال الله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ، سورة التوبة الآيتين 65، 66 يراجع المغني ج8 ص150، بدائع الصنائع ج7 ص134، وما بعدها حاشية ابن عابدين ج3 ص391، 392، شرح الزرقاني ج8 ص62-65، أسنى المطالب ج4 ص116-118، شرح الأزهار ج4 ص575-577.
وقد ورد في حكم الردة قول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 1.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"من بدل دينه، فاقتلوه" 2، وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد3.
1 من الآية 217 من سورة البقرة، ويراجع تفسير القرطبي ج1 ص855.
2 روي عن ابن عباس، أنه لما بلغه ما كان من شأن علي، مع من خرج عن الإسلام أنه قال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي الرسول عن ذلك، وذكر الحديث يراجع نيل الأوطار ج7 ص216.
3 روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان، وعلي ومعاذ بن جبل، وأبي موسى وابن عباس، وخالد وغيرهم، ولم ينكر ذلك، فكان إجماعًا المغني ج7 ص123.