الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: العقوبة وبعض الجوانب المتعلقة بها
المبحث الأول: العقوبة وأقسامها
المطلب الأول: معنى العقوبة
…
الفصل الثاني: العقوبة وبعض الجوانب المتعلقة
المبحث الأول: العقوبة معناها وأقسامها
ويشتمل على مطلبين.
المطلب الأول: معنى العقوبة.
المطلب الثاني: أقسام العقوبة.
المطلب الأول: معنى العقوبة
جاء في كتب اللغة: عاقبته عقابا، ومعاقبة بذنبه وعلى ذنبه: أخذه به واقتص منه والاسم العقوبة.
والعرب تقول: أعقبت الرجل: أي جازيته بخير وعاقبته: أي جازيته بشر.
فالعاقبة الجزاء بالخير والعقاب الجزاء بالشر1. وعرفها الفقهاء بأنها جزاء وضعه الشارع للردع عن ارتكاب ما نهى عنه، وترك ما أمر به2.
وذكر الفقهاء الأحناف أن الحد هو العقوبة المقدرة شرعا، وقال المرغيناني: الحد هو العقوبة المقدرة لله تعالى، وعلى هذا فلا يسمى القصاص حدا؛ لأنه حق العبد.
ولا التعزير لعدم التقدير على ما عليه عامة شيوخ الأحناف، أما على
1 المنجد: مادة عقب ط بيروت سنة 1937م.
2 أستاذي الدكتور سلام مدكور المدخل للفقه الإسلامي ص31، وقد عرف المارودي الجريمة بأنها محظورات شرعية زجر الله عنها بحد أو تعزير، فالعقوبة عنده هي هذه الزواجر التي وضعت لكل من ارتكب محظورا شرعيا، الأحكام السلطانية ص214ط المطبعة المحمودية.
التعريف الأول الذي يورد القيد المذكور من كونه حقا لله، فيسمى القصاص حدًّا1.
وقد بين الشاطبي أن حق الله وحق العبد ثابتان في كل حكم، ورأي أن حق الله هو عبادته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وحق العبد ما فيه مصلحة للعباد إما عاجلا، وإما آجلا2.
كما عرف القانونيون العقوبة بأنها الجزاء الذي يقرره القانون، ويوقعه القاضي، من أجل الجريمة، ويتناسب معها.
أو بأنها جزاء يوقع باسم المجتمع تنفيذا لحكم قضائي على من تثبت مسئوليته على الجريمة، فالعقوبة جزاء ينطوي على ألم يحيق بالمجرم نظير مخالفته القانون3، وتعريفات فقهاء الشريعة تؤدي في مجموعها إلى أن العقوبة هي:
الجزاء الذي يستحقه الجاني نظير ما وقع عنه منه من معصية لأمر الشارع، أو نهيه سواء أكان هذا الجزاء مقدار من قبل الله سبحانه
1 فتح القدير ج5 ص212، وقد ذكر القرطبي عند بيانه معنى قول الله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} "أن معنى ذلك من جازى الظلم بمثل ظلمه، فيسمى جزاء "العقوبة جزاء العقوبة عقوبة لاستواء الفعلين في الصورة، فهو مثل {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} الآية 40 من سورة الشورى، ومثل {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} "من الآية 194 من سور البقرة" الجامع لأحكام القرآن ج5 ص4482.
2 يراجع المدخل للفقه الإسلامي ص424، وقد بين ابن تيمية، وأن العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله بعباده، فهي صادرة عن رحمة الخلق، وإرادة الإحسان إليهم، ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، الفتاوي ص171، وراجع المدخل للفقه الإسلامي ص731.
3 شرح قانون العقوبات د. محمود نجيب حسني ص721.
شرح قانون العقوبات د. محمود مصطفى ص537.
وتعالى، حقًا لله أو للعبد، أو كان مقدرا من قبل ولي الأمر بما خول الله له من سلطة.
ولا تختلف تعريفات القانونيين عن ذلك كثيرًا، سوى أن من العقوبة من وجهة نظر الشريعة، ما هو مقدر ومحدد، من قبل الله سبحانه وتعالى، فإذا ثبتت جنايته حكم القاضي بما حدده المشرع، من غير زيادة أو نقصان.
ومن العقوبات ما هو متروك لولي الأمر يحدده، ويقدره بقدر الجريمة مع مراعاة الظروف التي أحاطت بها، متوخيًا تحقيق العدالة1، أما العقوبة من وجهة النظر القانونية، فإنها مقدرة كلها من لدن ولي الأمر غير أن لكل عقوبة حدا أعلى وحدا أدنى، وللقاضي سلطة اختيار العقوبة المناسبة من بين ما قدره ولي الأمر للواقعة مراعيًا الإطار الذي حدده القانون.
وسيتضح ذلك كله بما له، وما عليه من خلال ما سيأتي من حديث عن أقسام العقوبة، وبيان كل قسم.
وكذا فيما سيتبع ذلك من بيان الملامح البارزة، والهامة للنظام العقابي، كما وضعته الشريعة الإسلامية مستهدفة العدل، والإصلاح، والرحمة.
1 المدخل للفقه الإسلامي د. سلام مدكور ص733.
العقوبة للشيخ أبو زهرة ص66.