الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد
الفصل الأول: كلمة عامة عن الجريمة في الفقه الإسلامي المقارن
المبحث الأول: الجريمة والجناية
أولا: تعريف الجريمة
…
باب: التمهيد
الفصل الأول: كلمة عامة عن الجريمة في الفقه الإسلامي المقارن
المبحث الأول: "لجريمة والجناية"
أولًا: تعريف الجريمة
جاء في كتب اللغة الجرم: التعدي، والجرم: الذنب والجمع أجرام وجروم، وهو الجريمة، وأجرم فهو مجرم، وأجرم جنى جناية، والجاني والمجرم: المذنب1.
وفي الحديث الشريف: "إن أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا من سأل عن أمر لم يحرم، فحرم على الناس من أجل مسألته" 2، وفي القرآن الكريم اشتقاقات كثيرة كل منها يحمل في بنائه هذه الأحرف الثلاثة "جرم"، وقد غاير كل منها الآخر في معناه ومؤداه، وأن كانت كلها تدور حول معان متقاربة بل ومتداخلة أحيانًا.
فيقول الله سبحانه وتعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} 3 {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا} 4، {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ} 5، {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ
1 لسان العرب، مادة جرم.
2 رواه البخاري ومسلم وابن حنبل. معجم ألفاظ الحديث ط لندن.
صحيح البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه جـ9 ص117. ط دار الشعب "أبي داود ج2 ص507 ط الحلبي".
"3، 4" 12، 18 من سورة المائدة.
5 الآية 89 من سورة هود.
جَهَنَّمَ} 1، {قُلْ لا تُسْأَلونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا} 2، {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيه} 3.
فالمشتقات من مادة "جرم" في كل هذه الآيات الكريمة، قد دار معناها حول الأذناب، والمخالفة. والنهي للمسلمين عن أن يحملهم البغض، والخلاف حملًا آثمًا مخالفًا لما يأمر به الله سبحانه وتعالى، ويرضاه الدين4 من هذا كله يتضح أن كلمة جريمة تطلق على كل عمل خالف به فاعله أمر ربه، وحاد به عن الطريق المستقيم وجانب باتيانه، الحق والعدل، مع مراعاة أن الأعمال التي يجرمها الشرع تتفاوت في كمها، وكيفها طبقًا لما وضحه الشرع وبينه.
1 الآية 74 من سورة طه.
2 الآية 11 من سورة المعارج.
3 الآية 25 من سورة سبأ.
4 القرطبي ج3 ص2043، ج4 ص 3318، ج5 ص4267 ط دار الشعب الجريمة للشيخ أبو زهرة ص25 در الفكر، التشريع الجنائي عبد القادر عوده ط ص66 ط دار التراث. والجريمة قد وجدت قبل أن تلمس قدم الأرض، فيقول الله سبحانه وتعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الآيات 11-13] من سورة الأعراف كما وجدت الجريمة من الإنسان منذ عصره الأول، وأول مخالفة هي ما حدث من الإنسان الأول بالاعتداء الذي صدر منه، وزوجه بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها.
المدخل للفقه الإسلامي لأستاذي الدكتور محمد سلام مدكور ص722 ط الرابعة دار النهضة العربية 1969م.