المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ السحر تعليمه وتعلمه: - الشبهات وأثرها في العقوبة الجنائية في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون

[منصور الحفناوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌التمهيد

- ‌الفصل الأول: كلمة عامة عن الجريمة في الفقه الإسلامي المقارن

- ‌المبحث الأول: الجريمة والجناية

- ‌أولا: تعريف الجريمة

- ‌ثانيًا: تعريف الجناية

- ‌المبحث الثاني: أقسام الجريمة

- ‌المطلب الأول: أقسام الجريمة باعتبار ما تفع عليه

- ‌المطلب الثاني: أقسام الجريمة باعتبار العقوبة المستحقة

- ‌المطلب الثالث: أقسام الجريمة باعتبار الحق المعتدى عليه

- ‌المطلب الرابع: أقسام الجريمة من حيث القصد وعدمه

- ‌المبحث الثالث: أركان الجريمة

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة

- ‌المطلب الثاني: الركن المادي للجريمة

- ‌المطلب الثالث: الركن الأدبي للجريمة

- ‌الفصل الثاني: العقوبة وبعض الجوانب المتعلقة بها

- ‌المبحث الأول: العقوبة وأقسامها

- ‌المطلب الأول: معنى العقوبة

- ‌المطلب الثاني: أقسام العقوبة

- ‌المبحث الثاني: بعض سمات التشريع العقابي في كل من الشريعة والقانون

- ‌المطلب الأول: أهداف التشريع العقابي ورعايته ظروف الجاني

- ‌المطلب الثاني: موقف التشريعيين على الجريمة منذ نشأة فكرتها

- ‌المطلب الثالث: بين التشريعين في مجال التنظيم العقابي

- ‌الباب الأول: الشبهات

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأول: تعريف الشبهة وأُثرها في الحدود

- ‌المبحث الأول: المراد بالشبهات

- ‌أولا: عند علماء اللغة

- ‌ثانيًا: عند فقهاء الشريعة

- ‌المبحث الثاني: أثر الشبهة في الحد

- ‌مدخل

- ‌أولًا: أدلة من يدرأ الحد بالشبهة

- ‌ثانيًا: أدلة من لم يقل بدرء الحد بالشبهة

- ‌الفصل الثاني: الشبهات التي تعتري أركان الجريمة

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الشبهات التي تعتري الركن الشرعي

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: شبهة الدليل

- ‌المطلب الثاني: شبهة الحق

- ‌المطلب الثالث: شبهة الملك

- ‌المبحث الثاني: الشبهات التي تعتري القصد الجنائي

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: الجهل

- ‌المطلب الثاني: الإرادة

- ‌الفصل الثالث: الإثبات

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الإقرار

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: شروط في المقر

- ‌المطلب الثاني: شروط في الإقرار

- ‌المبحث الثاني: الشهادة

- ‌مدخل

- ‌المطلب الأول: شروط في الشاهد

- ‌المطلب الثاني: شروط في الشهادة

- ‌المبحث الثالث: القرائن: معناها، وأعمالها في إثبات الحدود

- ‌معنى القرائن:

- ‌أعمالها في الإثبات:

- ‌الباب الثاني: الجرائم الحدية الشبهات التي تعتريها ومالها من أثر في عقوبتها

- ‌الفصل الأول: جريمة الزنا

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الوطء المحرم الذي لا يوجب العقوبة الحدية لقيام شبهة في الركن الشرعي

- ‌مدخل

- ‌الوطء بعد النكاح الباطل

- ‌ الوطء بعد النكاح الفاسد:

- ‌ وطء الميتة:

- ‌ وطء المرأة المستأجرة:

- ‌ إذا كان أحد طرفي جريمة الزنا غير مكلف:

- ‌ وطء الرجل معتدته البائن:

- ‌ وطء البهائم:

- ‌المبحث الثاني: الوطء المحرم الذي لا يوجب العقوبة الحدية لقيام شبهة ترتب عليها انتقاء القصد الجنائي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الوطء الذي لا تجب به العقوبة الحدية نظرًا لجهل الفاعل بالحكم الشرعي لما وقع منه من أفعال، جهلًا يعتد به

- ‌ثانيًا: الوطء الذي لا تجب به العقوبة الحدية لقيام شبهة جهل الفاعل، بمن وقع عليه الفعل وشاركه فيه

- ‌ثالثا: الوطء الذي لا تجب به العقوبة الحدية نظرا لانتقاء القصد الجنائي نتيجة اكراه الفاعل

- ‌المبحث الثالث: الوطء المحرم الذي لا تجب به العقوبة الحدية لقيام شبهة في إثباته

- ‌أولا: إذا كان إثباتها عن طريق الإقرار

- ‌ثانيًا: إذا كان إثبات جريمة الزنا عن طريق شهادة الشهود

- ‌الفصل الثاني: جريمة السرقة

- ‌المبحث الأول: جريمة السرقة الصغرى

- ‌المطلب الأول: تعريف السرقة

- ‌المطلب الثاني: سرقات اختلف في وجوب الحد بها؛ لقيام شبهة في الركن الشرعي

- ‌المبحث الثاني: جريمة السرقة الكبرى "الحرابة

- ‌المطلب الأول: الحرابة

- ‌المطلب الثاني: "سرقات اختلف في وجوب حد الحرابة بها

- ‌الفصل الثالث: جريمة شرب الخمر

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الشبهات التي تعتري الركن الشرعي

- ‌مدخل

- ‌ شرب قليل الأنبذة:

- ‌ وصول الخمر إلى الجوف عن غير طريق الفم:

- ‌المبجث الثاني: شرب الخمر الذي لا يوجب الحد، لقيام شبهة في القصد الجنائي

- ‌المبحث الثالث: الشبهات التي تعتري إثبات شرب الخمر

- ‌أولا: إثباتها بالإقرار وما يعتريه من شبهات

- ‌ثانيًا: إثبات جريمة الشرب بالبينة، وما يعتريه من شبهات

- ‌ثالثًا: إثبات جريمة الشرب بالقرائن

- ‌الفصل الرابع: جريمة القذف وما يتعلق بها من شبهات

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الشبهات التي تعتري الركن الشرعي

- ‌أولا: القذف بطريق الكتابة أو التعريض

- ‌ثانيًا: الشهادة بالزنا إذا جرح الشهود، أو أحدهم

- ‌المبحث الثاني: شروط في المقذوف

- ‌أولا: البلوغ والعقل

- ‌ثانيًا: إسلام المقذوف

- ‌ثالثًا: عفة المقذوف

- ‌الفصل الخامس: جريمة الردة وما يتعلق بها من شبهات

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأول: الشبهات التي تعتري الركن الشرعي

- ‌ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بأن الكافر إذا قال

- ‌ إسلام السكران:

- ‌ إسلام المكره:

- ‌ السحر تعليمه وتعلمه:

- ‌المبحث الثاني: الشبهات التي تعتري القصد الجنائي

- ‌الخاتمة:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ السحر تعليمه وتعلمه:

5-

‌ السحر تعليمه وتعلمه:

من الأمور التي اختلف الفقهاء في وقوع الردة بها تعلم السحر وتعليمه1، هذا التعلم والتعليم، اللذان اتفق جمهور الفقهاء على تحريمها، وإن اعتقاد إباحتهما كفر.

وجاءت رواية عن الإمام أحمد في الساحر، الذي يعلم السحر تفيد عدم الحكم بكفره، وإنما هو في حكم المرتد تجب استثابته، بقول ابن قدامة بعد أن عرض للسحر: إذا ثبت هذا فإن تعلم السحر، وتعليمه حرام لا نعلم فيها خلافًا بين أهل العلم، قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه، وفعله سواء اعتقد تحريمه، أو إباحته، وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكفر، فإن حنبلا روى عنه قال: قال عمر في العراف والكاهن والساحر: أرى أن يستتاب من هذه الأفاعيل كلها، فإنه عندي في معنى المرتد، فإن تاب ورجع يخلى سبيله، قلت له: يقتل؟ قال: لا، يحبس لعله يرجع، قلت: لم لا يقتل؟ قال: إذا كان يصلي لعله يتوب ويرجع، وهذا يدل على أنه لم يكفره؛ لأنه لو كفره لقتله، وقوله في معنى المرتد يعني في الاستتابة"2، وذهب فقهاء الشافعية إلى أن تعلم

1 السحر قبل أصله التمويه بالحيل والتخاييل، وهو أن يفعل الساحر أشياء، ومعاني فيخيل للمسحور أنها بخلاف ما هي به، كالذي يرى السراب من بعيد، وكراكب السفنية السائرة سيرًا حقيقيا، يخيل إليه أن ما يرى من الأشجار، والجبال سائرة معه، تفسير القرطبي ج1 ص434، والمغني ج8 ص150.

2 المرجع السابق ص151، 152، نيل الأوطار ج7 ص200.

ص: 668

السحر حرام، ولا يكفر بتعليمه إلا من اعتقد إباحته مع العلم بتحريمه، ومن اعتقد ذلك يقتل، كما هو شأن المرتد.

أما من علمه، أو تعلمه مع اعتقاده تحريمه، فإنه لا يكفر بذلك؛ لأن من يتعلم الكفر لا يكفر بتعلمه، فمن باب أولى لا يكفر بتعليم السحر.

يقول الشيرازي بعد أن ذكر أدلة تحريمه: ذم الله الشياطين على تعليمه؛ ولأن تعلمه يدعو إلى فعله، وفعله حرام، فحرم ما يدعو إليه، فإن علم أو تعلم واعتقد تحريمه لم يكفر؛ لأنه إذا لم يكفر بتعلم الكفر، فلأن لا يكفر بتعلم السحر أولى، وإن اعتقد إباحته مع العلم بتحريمه فقد كفر؛ لأنه كذب الله تعالى في خبره، ويقتل كما يقتل المرتد"1.

ولا يعد الإمام الشافعي الساحر كافرًا، إلا إذا وقع منه ما يكفر به من قول، أو فعل كان يشرك بالله تعالى، ويسجد لصنم مثلًا، أو شمس أو قمر، أو يستحل ما حرم الله سبحانه وتعالى، فإن لم يقع من الساحر شيء مما اتفق على الكفر به، فلا يعد كافرًا، وإنما هو مسلم عاص2.

وهذا ما ذهب إليه ابن حزم أيضًا، إذ يقول: إن كان الكلام الذي يسحر به كفرًا فالساحر مرتد، وإن كان ليس بكفر فلا يقتل؛ لأنه ليس كافرًا.

ويقول: وصح أن السحر ليس كفرًا، وإذا لم يكن كفرًا، فلا يحل قتل فاعله؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، ونفس بنفس"3.

ويرى فقهاء الأحناف أن الساحر إذا اعتقد أن الشياطين تفعل له

1 المهذب ج2 ص224.

2 أسنى المطالب ج4 ص117.

3 المحلى ج13 ص468، 480.

ص: 669

ما يشاء فهو كافر قتل حدا لا ردة ولا تجب استتابته؛ لأن للحدود لا استتابة فيها، إلا حيث يوجد نص، بذلك كما أنهم يرون قتل المرأة الساحرة، مع أنهم لا يرون قتل المرأة المرتدة1.

وذهب الإمام مالك إلى أن الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب، ولا تقبل توبته بل يتحتم قتله2.

أما فقهاء الشيعة، فإنهم يرون أن الساحر مرتد، وإن حده القتل بعد الاستتابة إن لم يتب3، واستدل القائلون بقتل الساحر، بما روي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حد الساحر ضربة السيف"، رواه الترمذي والدارقطني، وضعف الترمذي إسناده.

وبما روي أن جارية للسيدة حفصة، أم المؤمنين سحرتها، واعترفت -الجارية بذلك فقتلتها حفصة- أمرت بها فقتلت، فأنكر ذلك عليها عثمان -رضي الله تعالى عنه، فقال له ابن عمر: ما تنكر على أم المؤمنين امرأة سحرت، واعترفت؟ فسكت عثمان.

واستدلوا أيضًا بما جاء في قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} "فيعلمون" بدل من "كفرا"، فتعليم السحر كفر.

1 فتح القدير ج4 ص408، رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين، وبهامشه تنوير الأبصار، ج3 ص399، مطبعة عثمان سنة 1324هـ.

2 حاشية الدسوقي ج4 ص306، الخرشي ج8 ص68، نيل الأوطار ج7 ص200.

3 شرح الأزهار ج4 ص379.

4 نيل الأوطار ج7 ص199.

5 من الآية 102 من سورة البقرة.

ص: 670

وما ذهب إليه القائلون بأن الساحر يستتاب قبل قتله، هو ما أميل إليه، وتؤيده الروايات الصحيحة.

أما ما ورد من حديث: "حد الساحر ضربة السيف"، "فحديث ضعيف، قال عنه ابن حزم حديث في غاية السقوط؛ لأنه لا يدري رواية ممن سمعه".

وأما ما روي من حديث السيدة حفصة، فهو يعارض ما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها، من أنها أعتقت جارية لها عن دبر، وأنها سحرتها واعترفت بذلك، وقالت: أحببت العتق، فأمرت بها عائشة -رضي الله تعالى عنها- ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب من يسيء ملكيتها، وقالت: ابتع بثمنها رقبة فاعتقها1.

كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل لبيد بن الأعصم، وكان قد سحر النبي -صلى الله عليه وسلم2.

كما أن الشرك أعظم من السحر، ولا يقتل من أشرك بعد إيمانه، إلا بعد أن يستتاب.

أما الآية الكريمة، فيرد بها بيان ما كان في شريعة سليمان، وهي لا تلزمنا أو أن كلمة "كفروا" بها القصة، ثم ابتدئ بكلمة "يعلمون"، قصة أخرى، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ولحقته الشبهة والحدود لا تلزم بدليل تلحقه شبهة، كما أن الخلاف يورث شبهة أيضًا تسقط الحد عن الساحر، الذي لم يقع منه ما يكفر به.

1 المحلى ج13 ص471-475.

2 المغني ج8 ص155.

ص: 671