الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ، أَوْ وَطِئَ أَمَتَهَا، فَلَهَا عَلَيهِ
ــ
يَمْلِكْه بالشَّرْطِ،؛ لو زَوجَها أو أعْتَقَهَا. وقال الشافعيُّ: إذا شَرَطَ ذلك في عَقْدِ الكِتابَةِ فَسَدَ؛ لأنَّه شَرْطٌ فاسِدٌ، فأفْسَدَ العَقْدَ، كما لو شَرَط عِوَضًا فاسِدًا. وقال مالكٌ: لا يَفْسُدُ العَقْدُ به، لأنَّه لا يُخِلُّ برُكْنِ العَقْدِ ولا شَرْطِه، فلم يَفْسُدْ، كالصَّحِيحِ. ولَنا، قولُ النبي صلى الله عليه وسلم:«المُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهمْ» (1). ولأنَّها مَمْلُوكَةٌ، له شَرْطُ نَفْعِها، فصَحَّ، كشَرْطِ اسْتِخْدَامِها. يُحَقِّقُ هذا أنَّ مَنْعَه مِن وَطْئِها مع بَقاءِ مِلْكِه عليها ووُجُودِ المُقْتَضِي لحِلِّ وَطْئِها، إنَّما كان لحَقِّها، فإذا اشْتَرَطَه عليها جاز، كالخِدْمَةِ، ولأنَّه اسْتَثْنَى بعْضَ ما كان له، فصَحَّ، كاشْتِراطِ الخِدْمةِ، وفارَقَ البَيعَ، فإنَّه يُزِيلُ مِلْكَه عنها.
3006 - مسألة: (وإن وَطِئَها ولم يَشْتَرِطْ، أو وَطِئَ أمَتَها
،
(1) تقدم تخريجه في 10/ 149. وانظر صفحة 20.
الْمَهْر، وَيُؤَدَّبُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ. وَإنْ شَرَطَ وَطْئَهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيهِ.
ــ
أُدِّبَ، ولم يَبْلُغْ به الحَدَّ) إذا وَطِئَها مِن غيرِ شَرْطٍ لم يَجِبْ عليه الحَدُّ؛ لشُبْهَةِ المِلْكِ، في قولِ عامةِ الفقهاءِ. ورُوِيَ عن الحسنِ، والزُّهْرِيِّ، أنَّهما قالا: عليه الحَدُّ؛ لأنَّه عَقَدَ عليها عَقْدَ مُعاوَضَةٍ يُحَرِّمُ الوَطْءَ، فأوْجَبَ الحَدَّ بوطْئِها، كالبَيعِ. ولَنا، أنَّها مَمْلوكَتُه، فلم يَجِبْ عليه الحَدُّ بوَطْئِها، كالمرْهُونَةِ والمُسْتَأجَرَةِ، ويُخالِفُ البَيعَ، فإنَّه يُزِيلُ المِلْكَ، والكِتابَةُ لا تُزِيلُه، بدليلِ قولِه عليه السلام:«المُكاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عليه دِرْهَمٌ» (1). وعليه مَهْرُها إذا وَطِئَها بغيرِ شَرْطٍ؛ لأنَّه اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَها المَمْنوعَ مِن اسْتِيفائِها، فأشْبَهَ مَنَافِعَ بَدنِها، فإن كانا
(1) تقدم تخريجه في 6/ 300.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عالِمَين عُزِّرا، وإن كانا جاهِلَين عُذِرَا (1)، وإن كان أحَدُهما عالمًا والآخَرُ جاهِلًا، عُزِّرَ العالِمُ وعُذِرَ (2) الجاهِلُ. ولا تَخْرُجُ بالوَطْءِ عن الكِتابَةِ. وقال اللَّيثُ: إن طاوَعَتْه فقد فَسَخَتْ كِتابَتَها وعادَتْ قِنًّا. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لازِمٌ، فلم يَنْفَسِخْ بالمُطاوَعةِ على الوَطْءِ، كالإِجارَةِ والبَيعِ بعدَ لُزومِه. ويَجِبُ لها المَهْرُ، مُطَاوعَةً له (3) كانت أو مُكْرَهَةً. وبه قال الحسنُ، والثَّوْرِيُّ، والحسنُ بنُ صالِحٍ، والشافعيُّ. وقال قَتادةُ: يَجِبُ إذا أكْرَهَها، ولا يَجِبُ إذا طَاوَعَتْه. ونَقَلَه المُزَنِيُّ عن الشافعيِّ، لأنَّ المُطاوعَةَ بَذَلَتْ نَفْسَها بغيرِ عِوَضٍ، فصارَتْ كالزَّانِيَةِ. ومَنْصُوصُ الشافعيِّ، وُجُوبُه في الحالين. وأنْكَرَ أصحابُه ما نقله المُزَنِيُّ، وقالوا: لا يُعْرَفُ. وقال مالكٌ: لا شيءَ عليه؛ لأنَّها مِلْكُه. ولَنا، أنَّه عِوَضُ مَنْفَعَتِها، فوَجَبَ لها، كعِوَضِ بَدَنِها، ولأنَّ المُكاتَبَةَ في يَدِ نَفْسِها، ومَنافِعُها لها؛ ولهذا لو وَطِئَها أجْنَبِيٌّ كان المَهْرُ لها، وإنَّما وَجَبَ في حالِ المُطاوَعَةِ؛ لأنَّ الحَدَّ سَقَطَ عنه للشُّبْهَةِ، فوَجَبَ لها المَهْرُ؛ لو وَطِئَ امرأةً بشُبْهَةِ عَقْدٍ مُطاوعَةً. فإن تَكَرَّرَ وَطْؤُها، وكان قد أدَّى مَهْرَ الوَطْءِ الأوَّلِ، فللثاني مَهْرٌ أيضًا؛ لأنَّ الأداءَ قَطَعَ حُكْمَ الوَطْءِ، وإن لم يكُنْ أدَّى عن الأوَّلِ، لم يَجِبْ إلَّا مَهْر واحدٌ؛ لأنَّ هذا عن وَطءِ الشُّبْهَةِ، فلم يَجِبْ إلَّا مَهْرٌ واحدٌ، كالوَطْءِ في النِّكاحِ الفاسِدِ.
(1) في النسختين: «عزرا» .
(2)
في م: «عزر» .
(3)
زيادة من: الأصل.