الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ بَيعُ الْمُدَبَّرِ وَهِبَتُهُ. وَإنْ عَادَ إِلَيهِ عَادَ التَّدْبِيرُ. وَعَنْهُ، لَا يُبَاعُ إلا في الدَّينِ. وَعَنْهُ، لَا تُبَاعُ الْأمَةُ خَاصَّةً.
ــ
2965 - مسألة: (وله بَيعُ المُدَبَّرِ وَهِبَتُهُ. وإن عاد إليه عاد التَّدْبِيرُ. وعنه، لا يُباعُ إلَّا في الدَّينِ. وعنه، لا تُباعُ الأمَةُ خاصَّةً)
اخْتَلَفْتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في بَيعِ المُدَبَّرِ؛ فنَقَل عنه جَماعَةٌ جوازَ بَيعِه مُطْلَقًا، في الدَّينِ وغيرِه، مع الحاجَةِ وعَدَمِها. قال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ (1): سألتُ أحمدَ عن بَيعِ المُدَبَّرِ إذا كان بالرجلِ
(1) في م: «سعد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حاجَةٌ إلى ثَمَنِه، فقال: له أن يَبِيعَه، مُحْتاجًا كان أو غيرَ محتاجٍ. قال شيخُنا (1): وهذا هو الصَّحِيحُ. ورُوِيَ مثلُ هذا عن عائشةَ، وعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وطاوُس، ومُجاهِدٍ. وهو قولُ الشافعيِّ. وكَرِهَ بَيعَه ابنُ عُمَرَ، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، وابنُ سيرينَ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزَاعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأي، ومالكٌ؛ لأنَّ ابنَ عمرَ روَى، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لا يُباعُ المُدَبَّرُ ولا يُشْتَرَى» (2). ولأنَّه اسْتَحَقَّ العِتْقَ بمَوتِ سَيِّدِه، أشْبَهَ أمَّ الوَلَدِ. ولَنا، ما روَى جابِرٌ أنَّ رَجُلًا أعْتَقَ مَمْلُوكًا له عن دُبُرٍ، فاحْتاجَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فباعَه مِن نُعَيمِ بنِ عبدِ اللهِ بثَمانِمائةِ دِرْهَمٍ، فدَفَعَها إليه، وقال:«أنتَ أحْوَجُ مِنْهُ» . مُتَّفَقٌ عليه (3). قال جابرٌ: عَبْدٌ قِبْطِيٌّ مات عامَ أولَ في إمارةِ ابنِ الزُّبَيرِ. قال أبو إسْحاقَ الجُوزْجانِيُّ: صَحَّت أحادِيثُ بَيعِ المُدَبَّرِ باسْتِقامَةِ الطرُّقِ. والخَبَرُ إذا ثَبَتَ اسْتُغْنِيَ به عن غيرِه مِن رَأيِ الناسِ. ولأنَّه عِتْقٌ بصِفَةٍ ثَبَتَ بقولِ المُعْتِقِ، فلم يَمْنَع البَيعَ، كما لو قال: إن دَخَلْتَ الدارَ فأنْتَ حُرٌّ. ولأنَّه تَبَرُّع بمالٍ بعدَ الموتِ،
(1) في: المغني 14/ 420.
(2)
أخرجه الدارقطني، في: كتاب المكاتب. سنن الدارقطني 4/ 138.والبيهقي، في: باب من قال: لا يباع المدبر ولا يشترى، من كتاب المدبر. السنن الكبرى 10/ 314 وضعفاه، وانظر إرواء الغليل 6/ 177.
(3)
تقدم تخريجه في 18/ 379.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلَم يَمْنَعِ البَيعَ في الحياةِ، كالوَصِيِّةِ. قال أحمدُ: هم يقولون: مَن قال: غُلامِي حُرٌّ رأسَ الشَّهْرِ. فله بَيعُه قبلَ رأسِ الشهرِ. فإن قال: غدًا. فله أن يبيعَه اليومَ. وإن قال: إذا مِتُّ. قال: لا يَبِيعُه. فالموتُ أكبرُ (1) مِن الأجَلِ، ليس هذا قِياسًا، إن جاز أن يَبِيعَه قبلَ رأسِ الشَّهْرِ، فله أن يَبِيعَه قبلَ مَجئِ الموتِ، وهم يقولون في مَن قال: إن مِت مِن مَرَضِي هذا فعَبْدي حرٌّ. ثم لم يَمُت مِن مَرَضِه ذلك، فليس بِشَيءٍ. فإن قال: إن مِتُّ فهو حرٌّ. لا يُباعُ. هذا مُتناقِضٌ، إنَّما أصْلُه الوَصِيِّةُ مِن الثُّلُثِ، فله أن يُغيِّرَ وصِيَّتَه ما دام حَيًّا. فأمَّا خَبَرُهُم، فلم يَصِحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إنَّما هو مِن قولِ ابنِ عمرَ. قال الطَّحاويُّ: هو عِن ابنِ عمرَ، وليس بمُسْنَدٍ عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ويَحْتَمِلُ أنَّه أراد بعدَ الموتِ، أو على الاستِحْبابِ. ولا يَصِحُّ قياسُه على أمِّ الوَلَدِ؛ لأنَّ عِتْقَها يثْبُتُ بغيرِ اخْتِيارِ سَيِّدِها، وليس بتَبَرُّع، ويكونُ مِن جميعِ المالِ، ولا يُمْكِنُ إبْطالُه بحالٍ، والتَّدْبِيرُ بخِلافِه. والهِبَةُ كالبَيعِ؛ لأنَّها تَمْلِيكٌ في الحياةِ، فأشْبَهَتِ البَيعَ. ورُوِيَ [عن أحمدَ](2) رِوايةٌ ثانيةٌ، أنَّه لا يُباعُ إلَّا في الدَّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وقال مالكٌ: لا يُباعُ إلَّا في دَين يَغْلِبُ رَقَبَةَ العَبْدِ. فإذا
(1) في م: «أكثر» .
(2)
في م: «عنه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كان العَبدُ يُساوي ألفًا، وكان عليه خَمْسُمائةٍ، لم يُبَعْ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّه قال: أنا أرَى بَيعَ المُدَبَّرِ في الدَّينِ، وإذا كان فَقِيرًا لا يَمْلِكُ شيئًا رأيتُ أن أبِيعَه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم باع المُدَبَّرَ لمَّا عَلِمَ أنَّ صاحِبَه لا يَمْلِكُ شيئًا غيرَه، باعَه النبي صلى الله عليه وسلم لِما علِمَ [مِن حاجَتِه](1). وهذا قولُ إسحاقَ، وأبي أيوبَ، وأبي خَيثَمَةَ (2)، وقالا (3): إن باعه مِن غيرِ حاجةٍ أجَزْناه. وهذا مِثلُ الرِّوايةِ الأولَى. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِيِّ والرِّوايةِ التي قال أحمدُ أنَّه يَرَى بَيعَه في الدَّينِ وإذا كان صاحِبُه فَقِيرًا لا يَمْلِكُ غيرَه، حَدِيثُ (4) جابرٍ المَذْكُورُ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم باع المُدَبَّرَ عندَ الحاجةِ، فلا يُتَجاوَزُ به مَوْضِعَ الحاجةِ. وعن أحمدَ رِوايةٌ رابعة، أنَّ الأمَةَ لا تُباعُ خاصَّةً. قال شيخُنا (5): لا نَعْلَمُ هذا التَّفْرِيقَ بينَ المُدَبَّرِ والمُدَبَّرَةِ عن
(1) في الأصل: «صاحبه» .
(2)
كذا بالنسحتين وأصل المغني، وفي بعض نسخه:«أبي ثور وأبي حنيفة» .
(3)
في م: «قال» .
(4)
في الأصل: «لحديث» .
(5)
في: المغني 14/ 421.