الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ جَزَّأنَاهُمْ ثَلَاثَةَ أجْزاءٍ؛ كُلَّ اثْنَينِ جُزْءًا، وَأَقْرَعْنَا بَينَهُمْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَسَهْمَيْ رِقٍّ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ، وَرَقَّ الْبَاقُونَ.
ــ
2954 - مسألة: (وإن لم يَظْهَرْ له مالٌ جَزَّأْناهم ثلاثَةَ أجْزاءٍ؛ كلَّ اثْنَين جُزْءًا، وأقْرَعْنا بينَهم بسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وسَهْمَيْ رِقٍّ، فمن خَرَج له سَهْمُ الحرِّيَّةِ عَتَق، ورَقَّ الباقُونَ)
وبه قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وأبانُ بنُ عثمانَ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وداودُ، وابنُ جرِيرٍ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ مِن كل واحدٍ ثُلُثُه، ويُسْتَسْعَى في باقِيه. ورُوِيَ نحوُ هذا عن سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وشُرَيحٍ، والشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، وقتادَةَ، وحَمّادٍ؛ لأنَّهم تَساوَوْا في سَبَبِ الاسْتِحْقاقِ، فيَتَساوَوْن في الاسْتِحْقاقِ، كما لو كان يَمْلِكُ (1) ثُلُثَهم وَحْدَه، وهو ثُلُثُ مالِه، أو كما لو وَصَّى بكُلِّ واحدٍ منهم لرجلٍ. وأنْكَرَ أصْحابُ أبي حنيفةَ القُرْعَةَ، وقالوا: هي مِن القِمارِ وحُكْم الجاهِليَّةِ. ولَعَلَّهم يَرُدُّون الخبرَ الوارِدَ في هذه المسْأَلةِ لمُخالفَتِه قياسَ الأُصُولِ. وذُكِرَ الحديثُ لحَمّادٍ، فقال: هذا قولُ الشَّيخِ. يَعْنِي إبْلِيسَ، فقال له محمدُ بنُ ذَكْوانَ: وُضِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ؛ أحَدُهم المجْنونُ حتى يُفِيقَ. يَعْنِي -إنَّك مَجْنونٌ. فقال له حَمّادٌ: ما دَعاك إلى هذا؟ فقال له (2) محمدٌ: وأنت ما دَعاك إلى هذا؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا قَليلٌ في جوابِ حَمَّادٍ، وكان حَرِيًّا أن يُسْتَتابَ عن هذا، فإنْ تابَ وإلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُه (1). ولَنا، ما روَى عِمْرانُ بنُ حُصَينٍ، أنَّ رجلًا مِن الأنْصارِ أعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِين في مَرَضِه لا مال له غيرُهم، فجَزَّأَهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أجْزاءٍ، فأعْتَقَ اثْنَين، وأرَقَّ أرْبَعَةً (2). وهذا نَصٌّ في مَحَلِّ النِّزاعِ، وحُجَّة لَنا في الأمْرَين المُخْتَلَفِ فيهما، وهما جَمْعُ الحُرِّيَّةِ واسْتِعْمالُ القُرْعَةِ، وهو حديثٌ صَحيحٌ، رَواه مسلمٌ، وأبو داودَ، وسائِرُ أصْحابِ السُّنَنِ. ورَواه عن عِمْرانَ: الحسنُ، وابنُ سِيرين، وأبو المُهَلَّبِ، ثلاثَةُ أئِمَّةٍ. ورَواه الإِمامُ أحمدُ (3)، عن إسْحاق بنِ عيسَى، عن هُشَيمٍ، عنْ خالدٍ الحَذَّاء، عن أبي قِلابَةَ، عن أبي زَيدٍ الأنْصارِيِّ، رجلٍ مِن أصْحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ورُوِيَ نحوُه عن أبي هُرَيرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم (4). ولأنَّه حَقٌّ في تَفرِيقِه ضَرَرٌ، فوَجَبَ جَمْعُه بالقُرْعَةِ، كقِسْمَةِ الإِجْبارِ إذا طَلَبَها أحدُ الشُّرَكاءِ، ونَظِيرُه مِن القِسْمَةِ ما لو كانتْ دارٌ بينَ اثْنَين؛ لأحَدِهما ثُلُثُها وللآخرِ ثُلُثاها، وفيها ثلاثةُ مَساكِنَ مُتساويَةٌ لا ضَرَرَ في قِسْمَتِها، فطَلَبَ أحَدُهما القِسْمَةَ، فإنَّه يُجْعَلُ كُل بَيتٍ سَهْمًا (5)،
(1) هذه الحكاية مما يُستبعد وقوعه، وإن ثبتت، فهي من النوادر، فمرجع جميع الأئمة كتاب الله الكريم وما صح عن رسوله الأمين، وكل إنسان يؤخذ من قوله ويُردّ إلَّا رسولنا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
(2)
تقدم تخريجه في 17/ 124 وصفحة 110.
(3)
في: المسند 5/ 341.
(4)
أخرجه البيهقي، في السنن الكبرى 10/ 286.
(5)
في الأصل: «بينهما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُقْرَعُ بينَهم بثَلاثةِ أسْهُمٍ؛ لصاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمٌ، ولِلآخَرِ سَهْمان. وقَوْلُهم: إنَّ الخبرَ يُخالِفُ قياسَ الأُصُولِ. نَمْنَعُ ذلك، بل هو مُوافِقٌ لِما ذَكَرْناه. وقياسُهم فاسِدٌ؛ لأنَّه إذا كان مِلْكُه (1) ثُلُثَهم وَحْدَه، لم [يُمْكِنْ جَمْعُ](2) نَصِيبِه، والوَصِيَّةُ لا ضَرَرَ في تَفْرِيقِها، بخِلافِ مَسْأَلتِنا. وإن سَلَّمْنا مُخالفَتَه قِياسَ الأُصُولِ، فقَوْلُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واجِبُ الاتِّباعِ، سَواءٌ وافَقَ القِياسَ أو خالفَه؛ لأنَّه قولُ المَعْصُومِ الذي جَعَل الله تعالى قَوْلَه حُجَّةً على الخلْقِ أجْمعين، وأمَرَ باتِّباعِه وطاعَتِه، وحَذَّرَ العِقابَ في مُخالفَةِ أمْرِه، وجَعَل الفَوْزَ في طاعَتِه والضَّلال في مَعْصِيَته. وتَطرُّقُ الخَطَأَ إلى القائِسِ في قِياسِه أغْلَبُ مِن تَطرُّقِ الخَطَأ إلى أصْحاب رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والأئِمَّةِ بعدَهم في رِوايَتهمْ، على أنَّهم قد خالفوا قِياسَ الأُصُولِ بأحاديثَ ضَعِيفةٍ، فأوْجَبوا الوُضوءَ بالنَّبِيذِ في السَّفَرِ دُونَ الحَضَرِ، ونَقَضُوا الوُضُوءَ بالقَهْقَهَةِ في الصَّلاةِ دُونَ خارِجِها، وقَوْلُهم في مَسْألَتِنا في مُخالفةِ القِياسِ والأصُولِ أشَدُّ وأعْظَمُ، والضَّرَرُ في مَذْهَبِهم أعْظَمُ؛ وذلك لأنَّ الإجْماعَ مُنْعَقِدٌ على أنَّ صاحِبَ الثُّلُثِ في الوَصِيَّةِ وما في مَعْناها، لا يَحْصُلُ له شيءٌ [حتى يَحْصُلَ للوَرَثَةِ مِثْلاه، وفي مَسْألَتِنا يُعْتِقُون الثُّلُثَ، ويَسْتَسْعُون العَبْدَ في الثُّلُثَين، فلا يَحْصُلُ للوَرَثَةِ شيءٌ](3) في
(1) في م: «ملكهم» .
(2)
في م: «يكن جميع» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحالِ، ويُحِيلُونَهم على السِّعايَةِ، فرُبَّما لا يَحْصُلُ منها شيءٌ أصْلًا، ورُبَّما لا يَحْصُلُ منها في الشَّهْرِ إلَّا اليَسِيرُ، كالدِّرْهَمِ والدِّرْهَمَين، فيكونُ هذا كمَن لم يَحْصُلْ (1) له شيءٌ، وفيه ضَرَرٌ على العَبِيدِ؛ لأنَّهم يُجْبِرونَهم على الكَسْبِ والسِّعايَةِ مِن غيرِ اخْتيارِهم، وربما كان المُجْبَرُ (2) جارِيَةً، فيَحْمِلُها ذلك على البِغاءِ، أو عَبْدًا، فيَسْرِقُ أو يَقْطَعُ الطَّريقَ، وفيه ضَرَرٌ على المَيِّتِ، حيثُ أفْضَوْا بوَصِيَّته إلى الظُّلْمِ والإضْرارِ، وتَحْقيقِ ما يُوجِبُ له العِقابَ مِن رَبِّه والدُّعاءَ عليه مِن عَبيدِه ووَرَثَتِه. وقد رُوِيَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الذي ذَكَرْناه في حَقِّ الذي فَعَل هذا، قال:«لَوْ شَهِدْتُه (3) لمْ يُدْفَنْ في مَقَابِرِ المُسْلِمِينَ» (4). قال ابنُ عبدِ البَرِّ (5): في قَوْلِ الكُوفِيِّين ضُروبٌ مِن الخَطَأ والاضْطِرابِ، مع مُخَالفَةِ السُّنَّةِ الثابِتَةِ. وأشارَ إلى ما ذَكَرْناه. وأمّا إنْكارُهم القُرْعَةَ، فقد جاءتْ في الكِتابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ، قال اللهُ تعالى:{وَمَا كُنْتَ لَدَيهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (6). وقال سبحانه: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (7). وأمّا السُّنَّةُ، فقال أحمدُ: في القُرْعَةِ خَمْسُ سُنَنٍ؛
(1) في الأصل:. «يجعل» .
(2)
في الأصل: «المخبر» .
(3)
في الأصل: «شهد به» .
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب من أعتق عبيدًا له لم يبلغهم الثلث، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 353.
(5)
في: الاستذكار 23/ 144 - 146.
(6)
سورة آل عمران 44.
(7)
سورة الصافات 141.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أقْرَعَ بينَ نِسائِه (1). وأقْرَعَ في سِتَّةِ مَمْلُوكِين (2). وقال لرَجُلَين: «اسْتَهِمَا» (3). وقال: «مَثَلُ الْقَائِمِ بحُدُودِ اللهِ والْمُدَاهِنِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْم اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ» (4). وقال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّدَاءِ والصَّفِّ الأُوَّلِ لاسْتَهَمُوا عَلَيهِ» (5). وفي حديثِ الزُّبَيرِ، أنَّ صَفِيَّةَ جاءَتْ بثَوْبَينِ ليُكَفَّنَ فيهما حَمْزَةُ، فَوَجَدْنا إلى جَنْبِه قَتِيلًا، فقُلْنا: لحمزَةَ ثَوْبٌ وللأنْصارِيِّ ثَوْبٌ. فَوَجَدْنا أحَدَ الثَّوْبَين أوْسَعَ مِنَ الآخَرِ، فَأَقرَعْنَا عَليهما، ثم كَفَّنَّا كُلَّ وَاحِدٍ في الثَّوْبِ الذي صارَ (6) له (7). وتَشاحَّ النَّاسُ يَوْمَ القادِسِيَّةِ في الأذانِ، فأقْرَعَ بينَهم سَعْدٌ (8). وأجْمَعَ العُلماءُ على اسْتِعْمالِها في القِسْمَةِ، ولا نَعْلَمُ بينَهم خِلافًا في أنَّ الرجلَ يُقْرِعُ بينَ نِسائِه إذا أرادَ السَّفَرَ بإحْداهُنَّ، وإذا أرادَ البِدَايةَ في القِسْمَةِ بَينهُنَّ، وبَينَ الأوْلِياءِ إذا تَشاحُّوا في مَن يَتولَّى التَّزْويجَ، أو مَن يتولَّى اسْتيفاءَ القِصاصِ، وأشباهِ هذا.
(1) تقدم تخريجه في 10/ 32.
(2)
هو حديث عمران بن حصين، تقدم تخريجه في 17/ 124.
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 257.
(4)
أخرجه البخاري، في: باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه، من كتاب الشركة، وفي: باب القرعة في المشكلات، من كتاب الشهادات. صحيح البخاري 3/ 182، 237. والترمذي، في: باب منه حدثنا أحمد بن منيع. . . . من أبواب الفتن. عارضة الأحوذي 9/ 19. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 268، 270.
(5)
تقدم تخريجه في 3/ 44.
(6)
في م: «طار» .
(7)
أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 165.
(8)
تقدم تخريجه في 3/ 61.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل في كيفيَّةِ القُرْعَةِ: قال أحمدُ: قال سعيدُ بنُ جُبَيرٍ: يُقْرَعُ بينَهم بالخواتِيمِ. أقْرَعَ بينَ اثْنَين في ثَوْبٍ، فأخْرَجَ خاتِمَ هذا [وخاتمَ هذا] (1). ثم قال: يَخْرُجُون بالخَواتِيمِ ثم تُدْفَعُ إلى رجلٍ، فيُخْرِجُ منها وَاحدًا. قال أحمدُ: بأيِّ شيءٍ خَرَجَتْ ممَّا يتَّفقان عليه وَقَع الحُكْمُ به، سواءٌ كان رِقاعًا أو خَواتِيمَ. وقال أصحابُنا المُتَأخِّرون: الأوْلَى أن يَقْطَعَ رِقاعًا صِغارًا مُسْتَويةً، ثم تُجْعَلَ في بنادِقِ شَمْعٍ أو غيرِه، متساويةِ القَدْرِ والوَزْنِ ثم تُلْقَى في حِجْرِ رَجُلٍ لم يَحْضُرْ، ويُغَطَّى عليها بثَوْبٍ، ثم يُقالُ له: أدْخِلْ يَدَكَ فأخْرِجْ بُنْدُقَةً. فيَفُضُّها ويَعْلَمُ ما فيها. وهذا قولُ الشافعيِّ.
وفي كَيفِيَّةِ القُرْعَةِ والعِتْقِ سِتُّ مَسائِلَ؛ أحَدُها، أن يُعْتِقَ عَددًا من العَبِيدِ لهم ثُلُثٌ صحيحٌ، كثلاثةٍ أو تِسْعَةٍ أو سِتَّةٍ و (2) قِيمَتُهم مُتَساويةٌ، ولا مال له غيرُهم، فيُجَزَّءون ثَلاثَةَ أجْزاءٍ؛ جُزْءًا للحُرِّيَّةِ، وجُزْأَين للرِّقِّ، ويُكْتَبُ ثلاثُ رِقاعٍ؛ في واحِدةٍ حُرِّيَّةٌ، وفي اثْنَين رِقٌّ، وتُتْرَكُ في ثلاثِ بَنادِقَ، وتُغَطَّى بثَوْبٍ، ويُقالُ لرَجُلٍ لم يَحْضُرْ: أخْرِجْ على اسْمِ هذا الجُزْءِ. فإن خرَجَتْ قُرْعَةُ الحُرِّيَّةِ، عَتَق، ورَقَّ الجُزْءان الآخران، وإن خَرَجَتْ قُرْعةُ (3) رِقٍّ، رَقَّ وأُخْرِجَتْ أُخْرَى على جُزْءٍ آخَرَ، فإن
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «أو» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
خَرَجَتْ رقعةُ الحريَّةِ، عَتَقَ، ورقَّ الجزْءُ الثَّالِثُ، وإن خَرَجَتْ رُقْعَةُ (1) الرِّقِّ، رَقَّ، وعَتَق الجُزْءُ الثَّالِثُ؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ تَعَيَّنَتْ فيهم، وإن شِئتَ كَتَبْتَ اسْمَ كُلِّ جُزْءٍ في رُقْعَةٍ، ثم أخْرَجْتَ رُقْعَةً على الحُرِّيَّةِ، فإذا أخْرَجْتَ رُقْعَةً، عَتَق المُسَمَّوْن فيها، ويَرِقُّ الباقُون، وإنْ أخْرَجْتَ رُقْعَةً على الرِّقِّ، رَقَّ المُسَمَّوْن فيها، [ثم تُخْرِجُ أُخْرَى على الرِّقِّ، فَيَرِقُّ المُسَمَّوْن فيها، ويَعْتِقُ الجُزْءُ الثَّالِثُ، وإنْ أخْرَجْتَ الثَّانِيَةَ على الحُرِّيَّةِ، عَتَق المُسَمَّوْن فيها](2)، ورَقَّ الثّالِثُ.
المسألةُ الثَّانِيةُ، أن تُمْكِنَ قِسْمَتُهم أثْلاثًا، وقِيمَتُهم مُخْتَلِفَةٌ يُمْكِنُ تَعْدِيلُهم بالقِيمَةِ، كسِتَّةٍ؛ قِيمَةُ اثْنَين منهم ثلاثةُ آلافٍ [ثَلاثَةُ آلافٍ](3)، وقيمةُ اثنين ألفان ألفان (4) وقيمَةُ اثْنَين ألْفٌ ألفٌ (4)، فتجْعَلُ الاثْنَين الأوْسَطَين جُزْءًا، وتَجْعَلُ اثْنَين قِيمَةُ أحَدِهما ثلاثةُ آلافٍ مع آخَرَ قِيمَتُه ألْفٌ جُزْءًا، والآخَرَين جُزْءًا، فيكونُونَ (5) ثلاثةَ أجْزاءٍ مُتَساويَةٍ في العَدَدِ والقِيمَةِ، على ما قَدَّمْناه في المَسأَلةِ الأُولَى. قِيلَ لأحمدَ: لم يسْتَوُوا في القِيمَةِ؟ قال: يُقَوَّمُون بالثَّمَنِ.
المسألةُ الثَّالِثةُ، أن يَتَساوَوْا في العَدَدِ ويَخْتَلِفوا في القِيمَةِ، ولا يُمْكِنُ
(1) في م: «قرعة» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: «فتكون» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجَمْعُ بينَ تَعْدِيلِهم بالعَدَدِ والقِيمَةِ معًا، ولكن يُمْكِنُ تَعْدِيلُهم بكُلِّ واحدٍ منهما مُنْفَرِدًا، كسِتَّةِ أعْبُدٍ، قِيمَةُ أحَدِهم ألْفٌ، وقِيمَةُ اثْنَين ألفٌ، وقِيمَةُ ثلاثةٍ ألفٌ، فإنَّهم يُعَدَّلُونَ بالقِيمَةِ دُونَ العَدَدِ. نصَّ عليه أحمدُ، فقال: إذا كانت قِيمةُ واحدٍ مثلَ اثْنَين قُوِّمَ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يَقَعَ العِتْقُ في أكثرَ مِن الثُّلُثِ ولا أقَلَّ، وفي قِسْمَتِه بالعَدَدِ تَكْرارُ القُرْعةِ، وتَبْعِيضُ العِتْقِ حتى يَكْمُلَ الثُّلُثُ، فكانَ التَّعْدِيلُ بالقِيمَةِ أوْلَى. بَيانُ ذلك، أنَّا لو جَعَلْنا مع الذي قِيمَتُه ألفٌ آخَرَ، فخَرَجَتْ قُرْعَةُ الحُرِّيَّةِ لهما، احْتَجْنا أن نُعِيدَ القُرْعَةَ بينَهما، فإذا خَرَجَتْ على القليلِ القِيمَةِ عَتَق، وعَتَق مِن الذي قِيمَتُه ألفٌ تَمامُ الثُّلُثِ. وإن وَقَعَتْ قُرْعَةُ الحُرِّيَّةِ على اثْنَين قِيمَتُهما دُونَ الثُّلُثِ عَتَقا، ثم أعِيدَت لتَكْمِيلِ الثُّلُثِ، فإذا وَقَعَتْ على واحدٍ، كَمَلَتِ الحُرِّيَّةُ منه، فحَصَلَ ما ذَكَرْناه مِن التَّبعِيضِ والتَّكْرارِ، ولأنَّ قِسْمَتَهم بينَ المُشْتَرِكِين فيهم، إنَّما يُعَدَّلُون فيها بالقِيمَةِ دُونَ الأجْزاءِ. فعلى هذا، تَجْعَلُ الذي قِيمَتُه ألفٌ جُزْءًا، والاثْنَين اللَّذَين قِيمَتُهما ألفٌ جُزْءًا، والثَّلاثةَ الباقِين جُزْءًا، ثم يُقْرَعُ بينَهم، على ما ذَكَرْنا.
[المسألةُ الرابعةُ: أمْكَنَ تَعْدِيلُهم بالقيمةِ دونَ العَدَدِ، كسَبْعَةٍ قِيمَةُ واحِدٍ ألْفٌ، وقيمةُ اثنين ألفٌ، وقيمةٌ أربعةٍ ألفٌ، فَيُعَدَّلُون بالقيمةِ دون العَدَدِ، كما ذكرنا](1).
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المسألةُ الخامسةُ، أمْكَنَ تَعْدِيلُهم بالعَددِ دونَ القِيمَةِ، كسِتَّةِ أعْبُدٍ، قِيمَةُ اثْنَين ألفٌ، وقِيمَةُ اثنين سَبْعُمائةٍ، وقِيمَةُ اثْنَين خَمْسُمائةٍ، فههُنا، تُجَزِّئُهم بالعَددِ؛ لتَعَذُّرِ تجْزِئَتِهم بالقِيمَةِ، فتَجْعَلُ كلَّ اثْنَين جُزْءًا، وتَضُمُّ كل واحدٍ مِمَّن قِيمَتُهما قليلةٌ إلى واحدٍ ممَّن قِيمَتُهما كثيرةٌ، وتَجْعَلُ المُتَوَسِّطَين جُزْءًا، وتُقْرِعُ بينَهم، فإن وَقَعَتْ قُرْعَةُ الحُرِّيَّةِ على حرٍّ قِيمَّتُه أكثرُ مِنِ الثُّلُثِ أُعِيدَتِ القُرْعَةُ بينَهما، فيَعْتِقُ مَن تَقَعُ له قُرْعَةُ الحرِّيَّةِ، ويَعْتِقُ مِن الآخرِ تَتِمَّةُ الثُّلُثِ ويَرِقُّ باقِيه والباقُون، وإن وَقَعَتِ الحُرِّيَّةُ على جُزْءٍ أقَلَّ مِن الثُّلُثِ، عَتَقا جميعًا، ثم يَكْمُلُ الثُّلُثُ مِن الباقِين بالقُرْعَةِ.
المسألةُ السادسةُ، لم يُمْكِنْ تَعْدِيلُهم بالعَددِ ولا بالقِيمَةِ، كخَمْسةِ أعْبُدٍ، قِيمَةُ أحدِ هم ألفٌ، واثْنان ألفٌ، واثْنان ثلاثةُ آلافً، فيَحْتَمِلُ أن تُجَزِّئَهم ثلاثةَ أجْزاءٍ، فتَجْعَلَ أكْثَرَهم قِيمةً (1) جزءًا، وتَضُمَّ إلى الثاني (2) أقَلَّ الباقِين قِيمةً، وتجْعَلَهُما جُزْءًا والباقِين جُزْءًا، وتُقْرِعَ بينَهم بسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وسهْمَيْ رِقٍّ؛ لأنَّ هذا أقْرَبُ إلى ما فَعَلَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ويُعَدَّلَ الثُّلُثُ بالقِيمَةِ على ما تَقدَّم، ويَحْتَمِلُ أن لا يُجَزِّئَهم، بل تُخْرَجُ القُرْعَةُ على واحدٍ واحدٍ، حتى يَسْتَوْفِيَ الثُّلُثَ، فيَكْتُبَ خَمْسَ رِقاعٍ بأسْمائِهم، ثم يُخْرِجُ رُقْعة على الحُرِّيَّةِ، فمَن خَرَج اسْمُه فيها عَتَق، ثم يُخْرِجُ الثانيةَ، فمَن خرَج اسْمُه فيها عَتَق منه تَمامُ الثُّلُثِ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «الباقي» .