الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَينِ الْجَارِيَةَ، فَأوْلَدَهَا، صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ
ــ
منهما (1) لا يصْلُحُ مانِعًا؛ لأنَّ الاسْتِيلادَ لا يَمْنَعُ منها، بدليلِ ما قبلَ إسْلامِها (2)، والإِسْلامُ لا يَمْنَعُ، بدليلِ ما لو وُجِدَ قبلَ ولادَتِها، واجتماعُهما لا يَمْنَعُ؛ لأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو في مَعْنَى المنْصُوصِ عليه؛ لأنَّه (3) إذا لم تَلْزَمْه نَفَقَتُها، ولم يكُنْ لها كَسْبٌ، أفْضَى إلى هَلاكِها وضَياعِها، ولأنَّه يَمْلِكُ فاضِلَ كَسْبِها، فلَزِمَه فَضْلُ نَفَقَتِها، كسائِرِ مماليكِه.
3052 - مسألة: (وإذا وَطِئَ أحَدُ الشَّرِيكَيْن الجارِيَةَ وأوْلَدَها
،
(1) في الأصل: «منها» .
(2)
في الأصل: «إسلامه» .
(3)
في الأصل: «ولا» .
لَهُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعِلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، كَانَ فِي ذِمَّتِهِ.
ــ
صارت أُمَّ وَلَدٍ له، ووَلَدُه حُرٌّ، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِه، فإن كان مُعْسِرًا، كان في ذِمَّتِه) وَطْءُ الجارِيَةِ المُشْتَرَكَةِ مُحَرَّمٌ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه بينَ أهلِ العلمِ. ولا حَدَّ فيه، في قول أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال أبو ثَوْرٍ: يَجِبُ عليه الحَدُّ؛ لأنَّه وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، فأَشْبَهَ وَطْءَ الأمَةِ الأجْنَبِيَّةِ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ صادَفَ مِلْكَه، فلم يَجِبْ به (1) الحَدُّ، كوَطْءِ زَوْجَتِه الحائِضِ، ويُفارِقُ ما لا مِلْكَ له فيها (2)، فإنَّه لا شُبْهَةَ له فيها، ولهذا لو سَرَقَ عينًا له فيها شِرْكٌ لم يُقْطَعْ، ولو لم يكنْ له فيها مِلْكٌ قُطِعَ. ويَجِبُ
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «فيه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه التَّعْزِيرُ بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لما ذَكَرْنا في حُجَّةِ أبي ثَوْرٍ. فإن وَطِئَها ولم تَحْمِلْ منه، فهي باقِيَة على مِلْكِهما، وعليه نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِها؛ لأنَّه وَطْءٌ سَقَطَ فيه الحَدُّ للشُّبْهَةِ، فأوْجَبَ مَهْرَ المِثْلِ، كما لو وَطِئَها يَظُنُّها امْرَأتَه. وسواءٌ طاوعَتْه أو أكْرَهَها؛ لأنَّ وَطْءَ جاريةِ الغيرِ يُوجِبُ المهرَ وإن طاوَعتْ، لأنَّ المهرَ لسيدِها، لا يَسْقُطُ بمطاوَعَتِها، كما لو أذِنَتْ في قَطْعِ بعضِ أعْضائِها. والوَاجِبُ عليه مِن المَهْرِ بقَدْرِ مِلْكِ الشَّرِيكِ فيها. فأمَّا إن أحْبَلَها، وَوَضَعَتْ ما يَتَبَيَّنُ فيه بعضُ خَلْقِ الإِنْسانِ، فإنَّها تصيرُ بذلك أُمَّ ولَدٍ للواطِئِ، كما لو كانَتْ خَالِصَةً له، وتَخْرُجُ بذلِك عن مِلْكِ الشَّرِيكِ، كما (1) تخْرُجُ بالإعْتاقِ، مُوسِرًا كان الواطِئُ أو مُعْسِرًا؛ لأنَّ الإيلادَ أقْوَى مِن الإِعْتاقِ. وهذا قولُ الخِرَقِيِّ. ويَلْزَمُه نِصْفُ قِيمَتِها؛ لأنَّه أخْرَجَ نِصْفَها مِن مِلْكِ الشَّرِيكِ، فلَزِمَتْه قِيمَتُه، كما لو أخْرَجَه بالإِعْتاقِ أو الإِتْلافِ، فإن كان مُوسِرًا أدَّاه، وإن كان مُعْسِرًا فهو في ذمَّتِه، كما لو أتْلَفَها. والوَلَدُ حُرٌّ، يَلْحَقُ نَسَبُه بوالِدِه؛ لأنَّه مِن وَطْءٍ في مَحَلٍّ له فيه
(1) في الأصل: «مما» .
فَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَولَدَهَا، فَعَلَيهِ مَهْرُهَا، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا، فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَإنْ جَهِلَ إيَلادَ شَرِيكِهِ، أَوْ أَنَّهَا صَارَت أُمَّ وَلدٍ لَهُ، فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيهِ فِدَاؤُهُ يَوْمَ الْولَادَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ.
ــ
مِلْكٌ، فأشْبَهَ ما لو وَطِئَ زَوْجَتَه. فعلى هذا القولِ (إن وَطِئَها الثاني بعدَ ذلك، فأوْلَدَها، فعليه مَهْرُها) لأنَّه وَطْءٌ صادَفَ مِلْكَ [الغيرِ، فأشْبَهَ وَطْءَ](1) الأمَةِ الأجْنَبِيَّةِ (فإن كان عالِمًا، فولَدُه رَقِيقٌ) لأنَّه وَطْءٌ في غيرِ مِلْكٍ ولا شُبْهَةِ مِلْكٍ، فهو كوَطْءِ مَمْلُوكَةِ غيرِه (وإن جَهِلَ إيلادَ شَرِيكِه، وأنَّها صارَتْ أُمَّ وَلدٍ له، فولَدُه حُرٌّ) لأنَّه مِن وَطْءِ شُبْهَةٍ (وعليه فِدَاؤُه) بقِيمَتِه (يومَ الولادَةِ) لأنَّه الوقْتُ الذي يُمْكِنُ فيه التَّقْويمُ (ذَكَرَه الخِرَقِيُّ) ومَال القاضي: الصَّحِيحُ عندِي أنَّ الأوَّلَ لا يَسْرِي اسْتِيلادُه
(1) في الأصل: «فهو كوطء» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا كان مُعْسِرًا، ولا يُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَرِيكِه، بل يَصِيرُ نِصْفُها أُمَّ وَلَدٍ ونِصْفُها قِنٌّ باقٍ على مِلْكِ الشَّرِيكِ؛ لأنَّ الإِحْبال كالعِتْقِ، ويجري مَجْراه في التَّقْويمِ والسِّرايَةِ، فاعْتُبِرَ في سِرايَتِه اليَسارُ، كالعِتْقِ. وهو قولُ أبي الخَطَّابِ، ومذهبُ الشافعيِّ. فعلى هذا، إذا وَلَدَتْ، يَحْتَمِلُ أن يكونَ الولَدُ كلُّه حُرًّا، واحْتَمَلَ أنْ يكونَ نِصْفُه حُرًّا ونِصْفُه رَقِيقًا، كأُمِّه، ووَلَدِ المُعْتَقِ بعْضُها. وبهذا يَتَبَيَّنُ أنَّه لم يسْتَحِلَّ انْعقادَ الوَلَدِ (1) مِن حُرٍّ وقِنٍّ. ووَجْهُ القَوْلِ الأوَّلِ، أنَّ الاسْتِيلادَ أقْوَى مِن العِتْقِ، ولهذا ينْفُذُ مِن رَأْسِ المالِ مِن المريضِ ومِن المَجْنُونِ، بخِلافِ الإِعْتاقِ.
فصل: وهل يَلْزَمُه نِصْفُ قِيمَةِ الولَدِ؟ على وَجْهَين، ذَكَرَهُما أبو الخَطَّابِ؛ أحَدُهما، لا يَلْزَمُه. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ لأن الولَدَ خُلِقَ حُرًّا، فلم يَلْزَمْه قِيمَةُ وَلَدِه الحُرِّ. والثاني، يَلْزَمُه نِصْفُ قِيمَتِه لشَرِيكِه؛ لأنَّ الوَطْءَ صادَفَ مِلْكَ غيرِه، وإنَّما انْتَقَلَتْ بالوَطْءِ المُوجب للمَهْرِ،
(1) في م: «الأول» .