الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا دَبَّرَ شِرْكًا لَهُ في عَبْدٍ لَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإنْ أعْتَقَ شَرِيكُهُ سَرَى إِلَى الْمُدَبَّرِ، وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَن يَسْرِيَ
ــ
2971 - مسألة: (وإذا دَبَّرَ شِرْكًا له في عبدٍ لم يَسْرِ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، وإن أعْتَقَ شَرِيكُه سَرَى إلى المُدَبَّرِ، وغَرِمَ قِيمَتَه لسيدِه
.
في الْأوَّلِ دُونَ الثَّاني.
ــ
ويَحْتَمِلُ أن يَسْرِيَ في الأوَّلِ دُونَ الثاني) وجملةُ ذلك، أنَّه إذا دَبَّرَ أحدُ الشَّرِيكَين نَصِيبَه، لم يَسْرِ التَّدْبِيرُ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا. وذَكَرَ أبو الخَطَّابِ وجْهًا، أنَّه يَسْرِي تَدْبيرُه إذا كان مُوسِرًا، ويُقَوَّمُ عليه نَصِيبُ شَريكِه. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ العِتْقَ بمَوْتِ سيدِه، فسرَى ذلك فيه، كالاسْتِيلادِ. وللشافعيِّ قولانِ، كالمَذْهَبَين. ولَنا، أَنه تَعْلِيقٌ للعِتْقِ بصِفَةٍ فلم يَسْرِ، كتَعْلِيقِه بدُخُولِ الدارِ، ويفارِقُ الاسْتِيلادَ، فإنَّه آكَدُ، ولهذا يَعْتِقُ مِن جميعِ المالِ، ولو قَتَلَت سيدَها لم يَبْطُلْ حُكْمُ اسْتِيلادِها، والمُدَبَّرُ بخِلافِ ذلك. فعلى هذا، إن مات المُدَبرُ عَتَقَ نَصِيبُه إن خَرَجَ مِن الثُّلُثِ، وهل يَسْرِي إلى نصِيبِ شَرِيكِه إن كان مُوسِرًا؟ فيه روايتان، ذَكَرْناهما في كتابِ العِتْقِ (1). فإنْ أعتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَه قبلَ موتِ السيدِ وهو مُوسِرٌ، عَتَقَ وسَرَى إلى نَصِيبِ المُدَبِّرِ. وذَكَر القاضي، وأبو الخَطَّابِ فيه (2) وَجْهَين. وللشافعي فيها قولان؛ أحدُهما، كقولِنا. والثاني، لا يَسْرِي عِتْقُه. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ في (3) المُدَبَّرِ قد انْعَقَدَ له (4) سَبَبُ الوَلاءِ علي العَبْدِ، فلم يكُنْ للآخَرِ
(1) انظر ما تقدم في صفحة 29.
(2)
في الأصل: «فيها» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إبْطالُه. ولَنا، حَدِيثُ ابنِ عمرَ الذي ذَكَرْناه في سِرايَةِ العِتْقِ إلى نَصِيبِ الشَّرِيكِ إذا كان مُوسِرًا (1)، ولأنَّه إذا سَرَى إلى إبْطالِ المِلْكِ الذي هو آكَدُ مِن الوَلاءِ، فالوَلاءُ أوْلَى، وما ذكَرُوه لا أصْلَ له، ويَبْطُلُ بما إذا عَلَّقَ عِتْقَ نَصِيبِه بصِفَةٍ (2).
فصل: إذا دَبَّر كلُّ واحدٍ مِن الشَّرِيكَين نَصِيبَه، فمات أحَدُهما، عَتَقَ نَصِيبُه، وبَقِيَ نَصِيبُ الآخَرِ على التَّدْبِيرِ إن لم يَفِ ثُلُثُه بقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِه، وإن كان يَفِي به، فهل يَسْرِي؟ على رِوايَتَين، ذكرناهما. وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: إذا مِتْنَا فأنت حُرٌّ. فقال أبو بكرٍ: قال أحمدُ: إذا مات أحَدُهما فنَصِيبُه حُرٌّ. فظاهِرُ هذا أنَّ أحمدَ جَعَلَ هذا اللفظَ تَدْبيرًا مِن كلِّ واحدٍ منهما لنَصِيبِه، ومَعْناه: إذا مارت كلُّ واحدٍ مِنَّا فنَصِيبُه حرٌّ، فإنَّه قابَلَ الجُمْلَةَ بالجملةِ، فيَنْصَرِفُ إلى مُقابَلةِ البعضِ بالبعضِ؛ كقَولِه: رَكِبَ الناسُ دَوابَّهمْ ولَبِسُوا ثِيابَهُم وأخَذُوا رِماحَهم. يُريدُ: لَبِسَ كل إنْسانٍ ثَوْبَه، ورَكِبَ دابَّته، [وأخذ رمحَه] (3). وكذلك لو قال: أعْتَقُوا عَبِيدَهم. كان معناه: أعْتَقَ كلُّ واحدٍ عَبْدَه. وقال القاضي: هذا تَعْلِيقٌ للحُرِّيةِ بمَوتِهما جميعًا، وإنَّما قال أحمدُ: يَعْتِقُ نَصِيبُه. بناءً
(1) تقدم تخريجه في صفحة 39.
(2)
في الأصل: «بنصفه» .
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على أنَّ وُجُودَ بعضِ الصِّفَةِ يقومُ مَقامَ جَميعِها. قال شيخُنا (1): ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّه لو كانت هذه العِلَّةَ لعَتَقَ العَبْدُ كلُّه؛ لوُجُودِ بعضِ صِفَةِ كلِّ واحدٍ (2) منهما. وسنُبَيِّنُ بُطلانَ (2) هذا القولِ بما نَذْكُرُ مِن بعدُ. ومُقْتَضَى قولِ القاضي أن لا يَعْتِقَ شيءٌ منه قبلَ موتِهما جميعًا.
فإن قال كلُّ واحدٍ منهما: أرَدْتُ أنَّ ألعَبْدَ حُرٌّ بعدَ آْخِرِنا مَوتًا. انْبَنَى هذا على تَعْلِيقِ الحُرِّيةِ على صِفَةٍ تُوجَدُ بعدَ المَوتِ. وقد ذَكَرْنا الخِلافَ في ذلك. فإن قُلْنا بجَوازِ (3) ذلك عَتَقَ بعدَ مَوتِ الآخِرِ منهما عليهما جميعًا. وإن قُلْنا: لا يَصِحُّ. عَتَقَ نَصِيبُ الآخِرِ منهما بالتَّدْبيرِ. وفي سِرايَتِه إلى باقِيه إن كان ثلُثُه يَحْتَمِلُ ذلك روايتان. وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: إذا مِتُّ قبل شَرِيكي فنَصِيبي له، فإذا مات فهو حُر، وإن مِتُّ بعدَه، فنَصِيبي حُرٌّ. فقد وَصَّى كلُّ واحدٍ منهما للآخَرِ، فإذا مات أحَدُهما صار العَبدُ كله للآخَرِ، فإذا مات، عَتَقَ كُلُّه عليه، وصار وَلاؤُه له كلُّه، إن قُلْنا: لا يَصِحُّ تَعْلِيقُ العِتْقِ على صِفَةٍ بعدَ الموتِ. وإن قُلْنا: يَصِحُّ. عَتَقَ عليهما، ووَلاؤه بينَهما.
(1) في: المغني 14/ 419.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «يجوز» .