الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ تُكْرَهُ كِتَابَةُ مَنْ لَا كَسْبَ لَهُ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
2976 - مسألة: (وهل تُكْرَهُ كِتابَةُ مَن لا كَسْبَ له؟ على رِوايَتَين)
قال القاضي: ظاهِرُ كلامِ أحمدَ كَرَاهَتُه. وكان ابنُ عمرَ يَكْرَهُه (1). وهو قولُ مسروقٍ، والأوْزَاعِيِّ. وعن أحمدَ، أنَّه لا يُكْرَه. ولم يَكْرَهْه الشافعيُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ، وطائفةٌ مِن أهلِ العلمِ؛ لأنَّ جُوَيرِيَةَ بنتَ الحارِثِ، كاتَبَها ثابتُ بنُ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ، فأتتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْتَعِينُه في كِتابَتِها، فأدَّى عنها كِتابَتَها وتَزَوَّجَها (2). واحْتَجَّ ابنُ المُنْذِرِ بأنَّ بَرِيرةَ كاتَبَت ولا حِرْفَةَ لها، فلم يُنْكِرْ ذلك رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3). ووَجْهُ الأوَّلِ ما ذَكَرْنا في عِتْقِه (4). قال شيخُنا (5): ويَنْبَغِي أن يُنْظرَ في المُكاتَبِ، فإن كان ممَّن يتَضَرَّرُ بالكِتابَةِ ويَضِيعُ؛ لِعَجْزِه عن الإِنْفاقِ على نَفْسِه، ولا يَجِدُ مَن يُنْفِقُ عليه، كُرِهَتْ
(1) أخرجه البيهقي، في: باب ما جاء في تفسير قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمُ خَيرًا} ، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 318. وعبد الرزاق، في: باب وجوب الكتاب والمكاتب يسأل الناس، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 374. وابن أبي شيبة، في: باب من كره أن يكاتب عبده. . . .، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 7/ 23.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 347. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 277.
(3)
حديث بريرة تقدم تخريجه في 11/ 234، 235.
(4)
تقدم الكلام عليه في صفحة 7.
(5)
في: المغني 14/ 443.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كِتابَتُه، وإن كان يَجِدُ مَن يَكْفِيه مُؤْنَتَه لم تُكْرَهْ كِتابَتُه؛ لحُصُولِ النَّفْعِ بالحُرِّيةِ مِن غيرِ ضَرَرٍ. فأمَّا جُوَيريَةُ (1) فإنَّها كانت ذاتَ أهلٍ، وكانت ابنةَ سيدِ قَوْمِه، فإذا عَتَقَتْ رَجَعَتْ إلى أهْلِها، فأخْلَفَ اللهُ لها خيرًا مِن أهلِها، فتَزَوَّجَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وصارت إحْدَى أمَّهاتِ المومنينَ، وأعْتَقَ الناسُ ما (2) كان بأيدِيهم مِن قَوْمِها حينَ بَلَغَهم أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَها، وقالوا: أصْهارُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فلم يُرَ امرأةٌ أعْظَمَ بَرَكَةً على قَوْمِها مِنها. وأمَّا بَرِيرَةُ، فإنَّ كِتابَتَها تَدُلُّ على إباحَةِ ذلك وأنَّه ليس بمُنْكَرٍ، ولا خِلافَ فيه، وإنَّما الخِلافُ في كَرَاهَتِه. قال مَسْرُوقٌ: إذا سأل العبدُ مَوْلاه المُكاتَبَةَ، فإن كان له مَكْسَبَةٌ أو كان له مالٌ فلْيُكاتِبْه، وإن لم يَكنْ له مالٌ ولا مَكْسَبَةٌ، فَلْيُحْسِنْ مَلْكَتَه، ولا يُكَلفْه إلَّا طَاقَتَه.
(1) في م: «جويرة» .
(2)
في الأصل: «مما» .