الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا فَضَلَ في يَدِهِ فَهُوَ لَهُ. وَعَنْهُ، أنَّه إِذَا مَلَكَ مَا يُؤدِّي صَارَ حُرًّا، وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ.
ــ
وعائشةَ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والزُّهْرِيِّ، أنَّهم قالوا: المُكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقِيَ عليه دِرْهَمٌ. رَواه عنهم الأثرَمُ (1). وبه قال القاسمُ، [وسالم](2)، وسليمانُ بنُ يَسارٍ، وعطاءٌ، وقَتادةُ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، ومالكٌ، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْيِ. ورُوِيَ ذلك عن أُمِّ سَلَمَةَ. وروَى سَعيدٌ بإسْنادِه، عن أبي قِلابَةَ، قال: كُنَّ (3) أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يَحْتَجِبْنَ مِن مُكاتَب ما بَقِيَ عليه دينارٌ (4). وبإسْنادِه عن عَطاءٍ، أن ابنَ عمرَ كاتَبَ غُلامًا على ألفِ دينارٍ، فأدى إليه تِسْعَمائةِ دينارٍ، وعَجَزَ عن مائةِ دِينارٍ، فرَدَّهُ ابنُ عمرَ في الرِّقِّ (5).
2986 - مسألة: (وما فَضَلَ في يَدِه فهو له)
لأنَّه كان له قبلَ العِتْقِ، فَبَقِيَ على ما كان (وعنه، أنَّه إذا مَلَكَ ما يُؤَدِّي صار حرًّا) لما
(1) وأخرجه عنهم البيهقي، في: باب المكاتب عبد ما بقى عليه درهم، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 324، 325. وأخرجه عن ابن عمر وزيد وعائشة عبدُ الرزاق، في: باب عجز المكاتب وغير ذلك، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 408. وابن أبي شيبة، في: باب في المكاتب عبد ما بقى عليه شيء، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 146، 147.
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «كذا» .
(4)
في م: «درهم» . والحديث أخرجه البيهقي، في: باب المكاتب عبد ما بقى عليه درهم، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 325.
(5)
وأخرجه البيهقي، في: باب عجز المكاتب، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 341.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَوَتْ أُمُّ سَلمَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:«إِذا كان لإحْداكُنَّ مُكَاتَبٌ، فكانَ عندَه ما يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ» . رَواه التِّرْمِذِيُّ (1). وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فأمَرَهُنَّ بالحِجابِ بمُجَرَّدِ مِلْكِه لما يُؤَدِّيه. ولأنَّه مالِكٌ لمالِ الكِتابةِ، أشْبَهَ ما لو أدَّاه. فعلى هذا، متى امْتَنَعَ مِن الأداءِ، أجْبَرَه الحاكِمُ عليه، كسائِرِ الدُّيونِ الحالَّةِ على القَادِرِ عليها. فإن هَلَكَ ما في يَدَيه قبلَ الأداءِ صار دَينًا في ذِمَّتِه، وقد صار حُرًّا. والصَّحِيحُ أنَّه لا يَعْتِقُ حتَّى يُؤَدِّيَ. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حدِيثِ عمرِو بنِ شُعَيبٍ. ورَوَى سَعيدٌ (2) بإسْنادِه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال:«أَيُّما عَبْدٍ كانَتْ عليه مائةُ أوقِيَّةٍ فأدَّاهَا إلَّا عَشْرَةَ أوَاقٍ، فهو عَبْدُ، [وأيُّما عَبْدٍ كاتَبَ على مائةِ دِينارٍ، فأدّاها إلَّا عَشَرَةَ دنانيرَ، فهو عبدٌ] (3)» . وفي رِوايةٍ «مَن كاتَبَ عَبْدَه على مائةِ أوقِيَّةٍ، فأدَّاها إلَّا عَشْرَ أواقٍ -أو قال- إلَّا عَشَرَةَ دَراهِمَ، ثم عَجَزَ، فهو رَقِيقٌ» . رَواه التِّرْمِذِيُّ (4). وقال: هذا حديثٌ غريبٌ. ولأنَّه عِتْق عُلِّقَ
(1) تقدم تخريجه في 18/ 380.
(2)
تقدم تخريجه في 6/ 300. من حديث «المكاتب عبد. . . .».
(3)
سقط من: م.
(4)
تقدم تخريجه في 6/ 300.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعِوَضٍ، فلم يَعْتِقْ قبلَ أدائِه، كما لو قال: إذا أدَّيتَ إليَّ ألفًا فأنتَ حُرٌّ. فعلى هذه الرِّوايةِ، إذا أدَّى عَتَقَ، وإن لم يُؤَدِّ لم يَعْتِقْ. فإنِ امْتَنَعَ مِن الأداءِ، فقال أبو بكرٍ: يُؤَدِّيهِ الإمامُ عنه، ولا يكونُ ذلك عَجْزًا، ولا يَمْلِكُ السيدُ الفَسْخَ. وهو قولُ أبي حنيفةَ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إذا لم يُؤَدِّ عَجَّزَهُ السيدُ إن أحَبَّ، وعاد عَبْدًا غيرَ مُكاتَبٍ. ونحوَه قال الشافعيُّ، فإنَّه قال: إن شاء عَجَّزَ نَفْسَه وامْتَنَعَ مِن الأداءِ. ووَجْهُ ذلك، أنَّ العَبْدَ لا يُجْبَرُ على اكْتِسَابِ ما يُؤَدِّيه في الكِتابَةِ، فلا يُجْبَرُ على الأداءِ، كسائِرِ العُقُودِ الجائِزَةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه قد ثَبَتَ للكبدِ اسْتِحْقاقُ الحُرِّيةِ بمِلْكِ ما يُؤَدِّي، فلم يَمْلِكْ إبْطالها، كما لو أدَّى. فإن تَلِفَ المالُ قبلَ أدائِه جازَ تَعْجِيزُه واسْتِرْقَاقُه، وَجْهًا واحدًا.
فصل: إذا أَبْرأهُ السيدُ مِن مالِ الكِتابةِ، بَرِئَ وعَتَقَ؛ لأنَّ ذِمتَّهَ خَلَتْ مِن مالِ الكِتابةِ، فأشْبَهَ ما لو أدَّاه. وإن أبْرأه مِن بعضِه، بَرِئَ منه، وهو على الكِتابةِ فيما بَقِيَ؛ لأنَّ الإِبراءَ كالأداءِ. فإن كاتَبَه على دنانِيرَ فأبْرأه مِن دَراهِمَ، أو بالعَكْسِ، لم تَصِحَّ البراءَةُ؛ لأنَّه أَبْرأهُ ممَّا لا يَجبُ عليه، إلَّا أن يُرِيدَ بقَدْرِ ذلك مما لِيَ عليك. فإنِ اخْتَلَفا، فقال المُكَاتَبُ: إنَّما أرَدْتَ مِن قِيمَةِ ذلك. وقال السيدُ: بل ظَنَنْتُ أنَّ لِي عليك النَّقْدَ الَّذي برأتُكَ منه، فلم تَقَعِ البراءَةُ مَوضِعَها. فالقولُ قولُ السيدِ مع يَمينه؛ لأنَّه أعْرَفُ بِنيَّته. فإن مات السيدُ واخْتَلَفَ المُكاتَبُ والوَرَثَةُ، فالقولُ قولُهم مع أيْمانِهم ويَحْلِفونَ على نَفْي العِلْمِ. وإن مات المُكاتَبُ واخْتَلَفَ وَرَثته وسَيدُه، فالقولُ قولُ السيدِ؛ لِما ذَكَرْنا.