الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سِتَّةَ أَعْبُدٍ قِيمَتُهُمْ سَوَاءٌ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيهِ دَينٌ يَسْتَغْرِقُهُمْ، بِيعُوا فِي دَينِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعْتِقَ ثُلُثُهُمْ.
ــ
2952 - مسألة: (وإن أعْتَقَ في مَرَضِه سِتَّةَ أعْبُدٍ قِيمَتُهم سواءٌ، وثُلُثُه يَحْتَمِلُهم، ثم ظَهر عليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُهم، بِيعُوا في دَينِه. ويَحْتَمِلُ أن يَعْتِقَ ثُلُثُهم)
وجملةُ ذلك، أنَّ المريضَ إذا أعْتَقَ عَبِيدَه في مَرَضِه، أو دَبَّرَهم، أو وَصَّى بعِتْقِهم، وهم يَخْرُجونَ مِن ثُلُثِه في الظّاهِرِ، فأعْتَقْناهم، ثم مات، فظَهَرَ عليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُهم، تَبَيَّنًا بُطْلانَ عِتْقِهم وبَقاءَ رِقِّهِم، فيُباعُون في الدَّينِ، ويكونُ عِتْقُهم وَصِيَّةً، والدَّينُ يُقَدَّمُ على الوَصِيَّةِ. قال عليٌّ، رضي الله عنه: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بالدَّينِ قبلَ الوصِيَّةِ (1). ولأنَّ الدَّينَ يُقَدَّمُ على المِيراثِ بالاتِّفاقِ، ولهذا تُباعُ التَّرِكةُ في قَضَاءِ الدَّينِ، وقد قال اللهُ تعالى:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَينٍ} (2). والمِيراثُ مُقَدَّمٌ على الوَصِيَّةِ في الثُّلُثَين، فما يُقَدَّمُ على المِيراثِ يَجبُ أن يُقَدَّمَ على الوَصِيَّةِ. وبهذا قال الشافعيُّ. ورَدَّ ابنُ أبي لَيلَى عَبْدًا أعْتَقَه سَيِّدُه عندَ المَوْتِ وعليه دَينٌ. قال أحمدُ: أحْسَنَ ابنُ أبي لَيلَى. وذَكَر أبو الخَطَّابِ رِوايةً أُخْرَي، في الذي يُعْتِقُ عَبْدَه في مَرَضِه
(1) تقدم تخريجه في 17/ 146.
(2)
سورة النساء 11.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعليه دَينٌ، أنَّه يَعْتِقُ منه بقَدْرِ الثُّلُثِ، ويُرَدُّ الباقِي؛ لأنَّ تَصَرُّفَ المريضِ في ثُلُثِه كتَصَرُّفِ الصحيحِ في جميعِ مالِه، وكما لو لم يكُنْ عليه دَينٌ. وقال قَتادَةُ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ: يَسْعَى العَبْدُ في قِيمَتِه. ولَنا، أنَّه تَبَرَّعَ في مَرَضِ مَوْتِه بما يُعْتَبَرُ خُرُوجُه مِن الثُّلُثِ، فقُدِّمَ عليه الدَّينُ، كالهِبَةِ، ولأنَّه مُعْتَبَرٌ مِن الثُّلُثِ، فقُدِّمَ عليه الدَّينُ، كالوَصِيَّةِ. وخَفاءُ الدَّينِ لا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِه، ولهذا يَمْلِكُ الغَرِيمُ اسْتِيفاءَه. فتَبَيَّنَ أنَّه أعْتَقَهُم وقد اسْتَحَقَّهُم الغَرِيمُ بدَينِه، فلم يَنْفُذْ عِتْقُه، كما لو أعْتَقَ مِلْكَ غيرِه.
فإن قال الوَرَثةُ: نحنُ نَقْضِي الدَّينَ ونُمْضِي العِتْقَ. لم يَنْفُذْ، في أحَدِ الوَجْهَين، حتى يَبْتَدِئُوا العِتْقَ؛ لأنَّ الدَّينَ كان مانِعًا منه، فيكونُ باطلًا، ولا يَصِحُّ بزَوالِ المانِعِ بعدَه. والثانِي، يَنْفُذُ العِتْقُ؛ لأنَّ المانِعَ منه إنَّما هو الدَّينُ، فإذا سَقَط وَجَب نُفُوذُه، كما لو أسْقَطَ الورَثةُ حُقُوقَهم مِن ثُلُثَيِ التَّرِكَةِ، نَفَذ (1) العِتْقُ في الجَميعِ. ولأصْحابِ الشافعيِّ وَجْهان، كهَذين. وقِيلَ: إنَّ أصْلَ الوَجْهَين، إذا تَصَرَّفَ الوَرَثَةُ في التَّرِكَةِ ببَيعٍ أو غيرِه وعلى المَيِّتِ دَينٌ، وقُضِيَ الدَّينُ، هل يَنْفُذُ؟ فيه وَجْهان.
(1) في م: «بعد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن أعْتَقَ المريضُ ثَلاثَةَ أعْبُدٍ لا مال له غيرُهم، فأقْرَعَ الوَرَثَةُ، فأعْتَقُوا واحدًا وأرَقُّوا اثْنَين، ثم ظَهَر عليه دَينٌ يَسْتَغْرِقُ نِصْفهم، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، تَبْطُلُ القُرْعَةُ؛ لأنَّ الدَّينَ شَرِيكٌ في الإِقْراعِ، فإذا حَصَلَتِ القِسْمَةُ مع عَدَمِه كانت باطِلةً، كما لو قَسَم شَرِيكان دُونَ شَرِيكِهما الثّالِثِ. والثانِي، يَصِحُّ الإِقْراعُ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ إمْضاءُ القِسْمَةِ وإفْرادُ حِصَّةِ الدَّينِ مِن كلِّ واحدٍ مِن النَّصِيبَين؛ لأنَّ القُرْعَةَ دَخَلَتْ لأجْلِ العِتْقِ دونَ الدَّينِ، فيُقالُ للوَرَثَةِ: اقْضُوا ثُلُثَيِ الدَّينِ. وهو بقَدْرِ قِيمَةِ نِصْفِ العَبْدَين اللَّذَين بَقِيَا؛ إمّا مِن العَبيدِ، وإمّا مِن غيرِهم، ويَجِبُ رَدُّ نِصْفِ العَبْدِ الذي عَتَق، فإن كان الذيَ أعْتَقَ عَبْدَين، أقْرَعْنا بينَهما، فإذا خَرَجَتِ