الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَعْتَقَهُمْ، فَأَعْتَقْنَا ثُلُثَهُمْ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَخْرُجُونَ مِنْ ثُلُثِهِ، عَتَقَ مَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ.
ــ
القُرْعَةُ على أحَدِهما، وكان بقَدْرِ السُّدْسِ مِن التَّرِكَةِ، عَتَق، وبِيعَ الآخَرُ في الدَّينِ، وإن كان أكثرَ منه، عَتَق منه بقَدرِ السُّدْسِ، وإن كان أقلَّ، عَتَق، وعَتَق مِن الآخَرِ تَمامُ السُّدْسِ.
2953 - مسألة: (وإن أعْتَقَهم، فأعْتَقْنا ثُلُثَهم، ثم ظَهر له مالٌ يَخْرُجُون مِن ثُلُثِه، عَتَق مَن أُرِقَّ مِنْهُم)
وحملتُه، أنَّه إذا أعْتَقَ عَبِيدَه في مَرَضِه، أو دَبَّرَهم، أو وَصَّى بعِتْقِهم، لم يَعْتِقْ منهم إلَّا الثُّلُثُ، ويَرِقُّ الثُّلُثان، إذ لم يُجِزِ الورَثَةُ عِتْقَهم، فإذا فَعَلْنا ذلك، ثم ظَهَر له مالٌ بقَدْرِ مِثْلَيهم (1)، تَبَيَّنا أنَّهم قد عَتَقُوا مِن حينَ أعْتَقَهم، أو مِن حينِ مَوْتِه إن كان دَبَّرَهم أو وَصَّى بعِتْقِهم؛ لأنَّ تَصَرُّفَ المريضِ في ثُلُثِ مالِه نافِذٌ، وقد بان أنَّهم ثُلُثُ مالِه، وخَفاءُ ذلك علينا لا يَمْنَعُ كَوْنَه مَوْجُودًا، فلا يَمْنَعُ كَوْنَ العِتْقِ واقعًا. فعلى هذا، يَكونُ حُكْمُهم حُكْمَ الأحْرارِ مِن حينَ أعْتَقَهم، فيكونُ كَسْمبُهم لهم. وإن كانوا قد تُصُرِّفَ فيهم ببَيعٍ أو هِبَةٍ أو رَهْنٍ أو تَزْويجٍ بغيرِ إذنٍ، كان باطِلًا. وإن كانوا قد تَصَرَّفُوا، فحُكْمُ تَصَرُّفِهم حكمُ تصَرُّفِ الأحرارِ، فلو تَزَوَّجَ عَبْدٌ منهم بغيرِ إذْنِ (2) سَيِّدِه، كان نِكاحُه صَحِيحًا، ووَجَبَ عليه المَهْرُ. وإن ظَهَر له مالٌ بقَدْرِ قِيمَتِهم،
(1) في ر 2، م:«ثلثيهم» .
(2)
إلى هنا ينتهى الجزء الخامس من نسخة جامعة الرياض، والمشار إليها بـ «ر 2» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَتَق ثُلثاهُم؛ لأنَّه ثُلُثُ جميعِ المالِ، فيُقْرَعُ بينَ الذين وُقِفُوا، فيَعْتِقُ مَن تَقَعُ له القُرْعَةُ إن وَفَّى الثُّلُثان بقِيمَتِه وقِيمَةِ الأوَّلِ، وإلَّا عَتَق منه تَمامُ الثُّلُثَين. وإن ظَهَر له مالٌ بقَدْرِ نِصْفِهم، عَتَق نِصْفُهم، وإن كان بقَدْرِ ثُلُثِهم، عَتَق أرْبعةُ أتْساعِهم، وعلى هذا الحِسابُ.
فصل: وإن وَصَّى بعِتْقِ عبدٍ له يَخْرُجُ مِن الثُّلُثِ، وَجَب على الوَصِيِّ إعْتاقُه، فإن وَصَّى بذلك ورَثَتَه لَزِمَهم إعْتاقُه، فإنِ امْتَنَعُوا أجْبَرَهم السُّلْطانُ أو مَن يَنوبُ مَنابَه كالحاكِمِ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ للهِ تعالى وللعَبْدِ، ومَن وَجَب عليه ذلك ناب السُّلطانُ عنه أو نائِبُه، كالزَّكاةِ والدُّيونِ. فإذا أعْتَقَه الوارِثُ أو السلطانُ عَتَق، وما اكْتَسَبَه في حياةِ المُوصِي فهو للمُوصِي، يكونُ مِن تَرِكَتِه إن بَقِيَ بعدَه؛ لأنَّه كَسْبُ عبدِه القِنِّ، وما كَسَبَه بعدَ موتِه وقبلَ إعْتاقِه فهو للوارِثِ. وقال القاضِي: هو للعَبْدِ؛ لأَنَّه كَسَبَه بعدَ اسْتِقْرارِ سَبَبِ العِتْقِ، فكانْ له، ككَسْبِ المُكاتَبِ. وقال بعضُ أصحابِ الشافعيِّ: فيه قَوْلان، مَبْنِيَّان على القَوْلَين في كَسْبِ العَبْدِ المُوصَى به قبلَ قَبولِ الوَصِيَّةِ (1). ولَنا، أنَّه عَبدٌ قِنٌّ، فكان كَسْبُه للوَرَثةِ، كغيرِ المُوصَى بعِتْقِه، وكالمُعَلَّقِ عِتْقُه بصِفَةٍ، وفارَقَ المُكاتَبَ؛ فإنَّه يَمْلِكُ كَسْبَه قبلَ عِتْقِه، فكذلك بعدَه، ويَبْطُلُ ما ذَكَرُوه بأُمِّ الوَلَدِ؛ فإنَّ عِتْقَها قد اسْتَقَرَّ سَبَبُه في حياةِ سَيِّدِها، وَكَسْبُها
(1) انظر ما تقدم في صفحة 7 وما بعدها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
له، والمُوصَى به مَمْنُوعٌ، وإن سَلَّمْناه، فالفَرْقُ بينَهما أنَّ المُوصَى به قد تَحَقَّقَ فيه سَبَبُ المِلْكِ، وإنَّما وُقِفَ على شَرْطٍ هو القَبولُ، فإذا وُجِدَ الشَّرْطُ اسْتَنَدَ الحُكْمُ إلى ابْتداءِ السَّبَبِ، وفي الوَصِيَّةِ بالعِتْقِ ما وُجِد السَّبَبُ، وإنَّما أوْصَى بإيجادِه، وهو العِتْقُ، فإذا وُجِد لم يَجُزْ أن يَثْبُتَ حُكْمُه سابقًا عليه، ولهذا يَمْلِكُ المُوصَى له القَبُولَ (1) بنَفْسِه. والعبدُ ههُنا لا يَمْلِكُ أن يُعْتِقَ نَفْسَه. فإن مات العبدُ قبلَ مَوْتِ سَيِّدِه، وقبلَ إعْتاقِه، فما كَسَبَه للوَرَثَةِ على قَوْلِنا، ولا نعلمُ قولَ مُخالِفِينا فيه.
فصل: فإن عَلَّقَ عِتْقَ عبدِه على شَرْطٍ في صِحَّتِه، فوُجِدَ في مَرَضِه، اعْتُبِرَ خُرُوجُه مِن الثُّلُثِ. قاله أبو بكرٍ، قال (2): وقد نَصَّ أحمدُ على مِثْلِ هذا في الطَّلاقِ. وقال أبو الخَطَّاب: فيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه يَعْتِقُ مِن رأسِ المالِ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأَنَّه لا (2) يُتَّهَمُ فيه، فأشْبَهَ العِتْقَ في صِحَّتِه. ولَنا، أنَّه عَتَق في حالِ تَعَلُّقِ حَقِّ الوَرَثَةِ بثُلُثَيْ مالِه، فاعْتُبِرَ مِن الثُّلُثِ، كالمُنْجَزِ. وقَوْلُهمْ لا يُتَّهَمُ فيه. قُلْنا: وكذلك العِتْقُ المُنْجَزُ لا يُتَّهَمُ فيه؛ فإنَّ الإنْسانَ لا يُتّهَمُ بمُحاباةِ غيرِ الوارثِ وتَقْدِيمِه على وارِثِه، وإنَّما مُنِع منه لِما فيه مِن الضَّرَرِ بالوَرَثَةِ، وهو حاصِلٌ ههُنا. ولو قال: إذا قَدِم زَيدٌ وأنا مَرِيضٌ فأنْتَ حُرٌّ. فقَدِمَ وهو مَرِيضٌ، كان مُعْتَبَرًا مِن الثُّلُثِ، وَجْهًا واحِدًا.
(1) في الأصل: «بالقبول» .
(2)
سقط من: م.