الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ.
ــ
قَبلَ عَجْزِها عَتَقَتْ بأنَّها أُمُّ وَلَدٍ، وتَسْقُطُ (1) الكِتابَةُ؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ حَصَلَتْ، فسَقَطَ العِوَضُ المبْذُولُ في تَحْصِيلِها، كما لو باشَرَها سيدُها بالعِتْقِ، وما في يَدِها لوَرَثَةِ سيدِها، في قولِ الخِرَقِيِّ، وأبي الخَطَّابِ؛ لأنَّها عَتَقَتْ بحُكْمِ الاسْتِيلادِ، فبَطَلَ حُكْمُ الكِتابَةِ، فأشْبَهَت غيرَ المُكاتَبَةِ. وقال القاضي، في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ، في «الفُصُولِ»: ما فَضَلَ في يَدِها لها. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ العِتْقَ إذا وَقَعَ في الكِتابَةِ لا يُبْطِلُ حُكْمَها، كالإبراءِ مِن مالِ الكِتابَةِ، ولأنَّ مِلْكَها كان ثابتًا على ما في يَدِها، ولم يَحْدُثْ إلَّا ما يُزِيلُ حَقَّ سيدِها عنها، فيَقْتَضِي زَوال حَقِّه عمَّا في يَدِها وتَقْرِيرَ مِلْكِها وخُلُوصَه لها، كما اقْتَضَى ذلك في نَفْسِها، وهذا أصَحُّ.
3009 - مسألة: (وكذلك الحُكْمُ فيما إذا أعْتَقَ المُكاتَبَ سيدُه)
يكونُ كَسْبُه له. في قولِ القاضي ومَن وافَقَه. وعلى قياسِ قولِ الخِرَقِيِّ ومَن وافَقَه يكونُ لسيدِه، كما لو عَتَقَتِ الأمَةُ المُكاتَبَةُ بالاسْتيلادِ (2). ويَحْتَمِلُ أن يكونَ لسيدِها أيضًا، على قولِ الخِرَقِيِّ ومَن وَافَقَه؛ لأنَّ السيدَ
(1) في م: «سقطت» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أعْتَقَه برِضاه، فيكونُ رِضًا منه بإعْطائِه ماله، بخِلافِ العِتْقِ بالاسْتِيلادِ؛ فإنَّه حَصَلَ بغيرِ رِضَى الوَرَثَةِ واخْتِيارِهم، ولأنَّه لو كان مالُ المُكاتَبِ يَصِيرُ إلى السيدِ بإعْتاقِه، لتَمَكَّنَ السيدُ مِن أخْذِ مالِ المُكاتَبِ متى شاء، فمتى كان له غَرَضٌ في أخْذِ مالِه؛ إمَّا لكَونِه يَفْضُلُ عن نُجُوم كِتابَتِه، وإمَّا لغَرَض له في بعضِ أعيانِ مالِه، أو لكونِه يَتَعَجَّلُه قبلَ أَن [يَحِلَّ نَجْمُ](1) الكِتابةِ، أَعْتَقَه (2) وأخَذَ ماله. وهذا ضَرَرٌ على المُكاتَبِ لم يَرِدِ الشَّرْعُ به، ولا يَقْتَضِيه عَقْدُ الكِتابةِ، فوَجَبَ أن لا يُشْرَعَ.
فصل: وإن أتَتِ المُكاتَبَةُ بوَلَدٍ مِن غيرِ سَيدِها بعدَ اسْتيلادِها، فله حُكْمُها [في العِتْقِ](3) بكلِّ واحدٍ مِن السَّببَين، أيُّهما سَبَقَ (4) عَتَقَ به، كالأُمِّ سَواءً؛ لأنَّه تابعٌ [فله حكمُها](5)، فيَثْبُتُ له ما يَثْبُتُ (6) لها. وإن ماتَتِ المُكاتبَةُ بَقِيَ للوَلَدِ سَبَبُ الاسْتِيلادِ وحدَه، فإنِ اخْتَلَفا
(1) في م: «تحل نجوم» .
(2)
في م: «أعتق» .
(3)
في م: «بالعتق» .
(4)
في الأصل: «أسبق» .
(5)
سقط من: م.
(6)
في م: «ثبت» .
وَإنْ كَاتَبَ اثْنَانِ جَارِيَتَهُمَا، ثُمَّ وَطِئَاهَا، فَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
ــ
في وَلَدِها، فقالت: وَلَدْتُه بعدَ كِتابَتِي، أو بعدَ ولادَتِي. وقال السيدُ: بل قبلَه. فقال أبو بكرٍ: القَوْلُ قولُ السيدِ مع يَمينِه. وهذا قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ الأصْلَ كَونُ الأمَةِ ووَلَدِها رَقِيقًا لسيدِها، له التَّصَرُّفُ فيهما، وهي تَدَّعِي ما يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (1). وإن زَوَّجَ مُكاتَبَه أمَتَه، ثم باعَها منه، واخْتَلَفا في ولَدِها. فقال السيدُ: هو لِي؛ لأنَّها وَلَدَتْه قبلَب بَيْعِها لك. وقال المُكاتَبُ: بل بعدَه. فالقولُ قولُ المُكاتَبِ؛ لأنَّهما اخْتَلَفا في مِلْكِه، ويَدُ المُكاتَبِ (2) عليه، فكان القولُ قولَ صاحبِ اليدِ مع يَمينِه، كسائِرِ الأمْوالِ، ويُفارِقُ وَلَدَ المُكاتَبَةِ (3)؛ لأنَّها لا تَدَّعى مِلْكَه.
فصل: (وإن كاتَبَ اثْنان جارِيَتَهما) ثم وَطِئَها أحَدُهما، أُدِّبَ فوقَ أدَبِ الواطِئِ لمُكاتَبَتِه الخالِصَةِ له؛ لأنَّ الوَطْءَ ههُنا حَرُمَ مِن وَجْهَين؛
(1) بعده في م: «ثم» .
(2)
في م: «المكاتبة» .
(3)
في م: «المكاتب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشَّرِكَةُ والكِتابَةُ، فهو آكَدُ وإثْمُه أعْظَمُ، وعليه لها مَهْرُ مِثْلِها، على ما أسْلَفناه فيما إذا كان السيدُ واحِدًا، فإن لم يَكُنْ حَلَّ نَجْم قَبَضَتِ المَهْرَ، فإذا حَلَّ نَجْمُها سَلَّمَتْه إليهما، وإن حَلَّ نَجْمُها وهو مِن جِنْسِ مالِ الكِتابَةِ (1)، وكان في يَدِها بقَدْرِه، دَفَعَتْه إلى الذي لم يَطَأْها، واحْتُسِبَ على الواطِئِ بالمَهْرِ. وإن لم يكُنْ في يَدِها شيءٌ، وكان بقدْرِ نَجْمِها أو دُونَه، أخَذَتْ مِن الواطئ نِصْفَه، وسَلَّمَتْه إلى الآخرِ، وإن لم يكُنْ مِن جِنْسِ مالِ الكِتابةِ، فاتَّفَقَا على أخْذِه عِوَضًا عن مالِ الكِتابةِ، فالحكمُ فيه كما لو كان مِن جِنْسِها. وإن لم يَتَّفِقا قَبَضَتْ ودَفَعَت ما عليها (2) مِن مالِ الكِتابَةِ مِن عِوَضِه أو غيرِه. وإن عَجَزَتْ ففَسَخَا (3) الكِتابَةَ، وكان في يَدِها بقَدْرِ المَهْرِ، أخَذَه الذي لم يَطأْ، وسَقَطَ المَهْرُ مِن ذِمَّةِ الواطئِ، وإن لم يَكُنْ في يَدِها شيءٌ، كان للذي لم يَطأْ أن يَرْجِعَ على الواطئِ بنِصْفِه؛
(1) في الأصل: «المكاتبة» .
(2)
في الأصل: «عليه» .
(3)
في الأصل: «فسخا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنَّه وَطِئَ جارِيةً مُشْتَرَكَةً بينَهما، فإن حَبَلَتْ منه صارت أُمَّ وَلَدٍ له، وعليه نِصْفُ قِيمَتِها لشَرِيكِه مع نِصْفِ المَهْرِ الواجبِ لها، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا، فإن كان مُوسِرًا أدَّاهُ في الحالِ، وإنَّ كان مُعْسِرًا فهو في ذِمَّتِه. هذا ظاهرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. فعلى هذا، تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ للواطئِ، ومُكاتَبَةً له كأنَّه اشْتَرَاها، وتكونُ مُبْقاةً على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِها، وتُعْتَبَرُ قِيمَتُها مُكاتَبَةً مُبْقاةً على ما بَقِيَ عليها (1) مِن كِتابَتِها. واختار القاضي أنَّه إن كان مُعْسِرًا لم يَسْرِ الاحْبالُ؛ لأنَّه بمَنْزِلةِ الإِعْتاقِ بالقولِ، يُعْتَبرُ اليَسارُ في سِرايَتِه، ونَصِيبُ الواطئِ قد ثَبَتَ له حكمُ الاسْتِيلادِ وحُكْمُ الكِتابةِ، ونَصِيبُ شَريكِه لم يَثْبُتْ له إلَّا حُكْمُ الكِتابةِ، فإن أدَّتْ إليهما عَتَقَتْ وبَطَلَ حكمُ الاسْتيلادِ، [وإن عَجَزَت وفَسَخا الكِتابةَ، ثَبَتَ لنِصْفِها حُكْمُ الاسْتيلادِ](2)، ونِصْفُها قِنٌّ لا يُقَوَّمُ على الوارِثِ وإن كان مُوسِرًا؛ لأنَّه ليس بعِتْقٍ. وإن مات الواطئُ قبلَ عَجْزِها، عَتَقَ نَصِيبُه، وسَقَطَ حُكْمُ الكِتابةِ فيه، وكان الباقي مُكاتَبًا. وإن كان الواطئُ مُوسِرًا، فقد ثَبَتَ لنِصْفِها حُكْمُ الاسْتيلادِ، ونِصْفُها الآخَرُ مَوْقُوفٌ، فإن أدَّتَ إليهما عَتَقَتْ كلُّها، وولاوها لهما، وإن عَجَزَتْ وفُسِخَتِ الكِتابَةُ، قَوَّمْناها حينَئِذٍ على الواطئِ، فيَدْفَعُ إلى شَرِيكِه قِيمةَ نَصِيبِه، ويَصِيرُ جَمِيعُها
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُمَّ ولَدٍ له. فإن مات عَتَقَتْ عليه، وكان ولاؤُها له. وهذا مَذهبُ الشافعيِّ، وله قولٌ آخَرُ، أنَّها تُقَوَّمُ على المُوسِرِ، وتَبْطُلُ الكِتابَةُ في نِصْفِ الشَّرِيكِ، ويَصِيرُ جَمِيعُها أمَّ وَلَدٍ، ونِصْفُها مُكاتبًا للواطئَ، فإن أدَّتْ نَصِيبَه إليه عَتَقَتْ وسَرَى إلى الباقِي، لأنَّه مِلْكُه، وعَتَقَ جَمِيعُها، وإن عَجَزَتْ، ففَسَخَ (1) الكِتابةَ، كانت أُمَّ وَلَدٍ له خَاصَّةً، فإذا مات عَتَقَتْ كُلُّها. ولَنا، أنَّ بَعْضَها أُمُّ وَلَدٍ، فكان جَمِيعُها كذلك، كما لو كان الشَّرِيكُ مُوسِرًا (2)، يُحَقِّقُ هذا أنَّ الولَدَ حاصِلٌ مِن جَمِيعِها، وهو كلُّه مِن الواطئِ، ونَسَبُه لاحِقٌ به، فيَنْبَغِي أن يَثْبُتَ ذلك لجميعِها، ويُفارِقُ الإِعْتاقَ، فإنَّه أضْعَفُ، على ما بَيَّنّا مِن قبلُ. ولَنا على أنَّ الكِتابةَ لا تَبْطُلُ بالتَّقْويمِ، أنَّها [عَقْدٌ لازمٌ](3)، فلا تَبْطُل مع بَقائِها بفِعْل صَدَرَ منه، كما لو اسْتَوْلَدَها وهي في مِلْكِه، أو كما لو لم تَحْبَلْ منه، وأمَّا الولَدُ، فإنَّه حُرٌّ، لأنَّه مِن وَطْءٍ فيه شُبْهةٌ، ونَسَبُه لاحِقٌ به، لذلك، ولا تَلْزَمُه قِيمَتُه، لأنَّها وضَعَتْه (4) في مِلْكِه. ورُوِيَ عن أحمدَ في هذا رِوايتان، إحداهما، لا تَجِبُ قِيمَتُه، لأنَّ نَصِيبَ شَرِيكِه انتقلَ إليه مِن حينِ العُلُوقِ، وفي تلك الحالِ لم تكُنْ له قِيمةٌ، فلم يَضْمَنْه. والثانيةُ، عليه نِصْفُ قِيمَتِه، لأنَّه كان مِن سبيلِ هذا النِّصفِ أن يكونَ مملوكًا لشريكِه، فقد أتْلَفَ رِقَّه عليه،
(1) في م.: «ففسخت» .
(2)
في الأصل: «معسرًا» .
(3)
في الأصل: «عنه لازمة» .
(4)
في الأصل: «وضيعة» .