الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الأَدَاءِ كَانَ مَا في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، في الصَّحِيحِ عَنْهُ.
وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُخْرى، لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، وَالْبَاقِي لِوَرَثَتِهِ.
ــ
2987 - مسألة: (فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الأَدَاءِ كَانَ مَا في يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، في الصَّحِيحِ عَنْهُ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الأُخْرى، لِسَيِّدِهِ بَقِيَّةُ كِتَابَتِهِ، وَالْبَاقِي لوَرَثتِه)
هذه المسألةُ تُشْبِهُ أن تكونَ مَبْنِيَّةٌ على المسألةِ التي قبلَها، إن قُلْنا: إنَّه [لا يَعْتِقُ](1) بمِلْكِ ما يُؤَدِّي. فقد ماتَ رَقِيقًا وانْفَسخَتِ الكِتابةُ (2) بمَوتِه، وكان ما في يَدِه لسيدِه. وإن قُلْنا: إنَّه عَتَقَ بملكِ ما يُؤَدِّي. فقد مات حرا، وعليه لسيدِه بَقِيَّةُ كِتابته؛ لأنَّه دَينٌ له عليه، والباقِي لوَرَثَتِه. قال القاضي: الأصَحُّ أنَّ الكِتابةَ تَنْفَسِخ بموتِه، ويموتُ عَبدًا، وما في يَدِه لسيدِه. رَواه الأثْرَمُ بإسْنادِه، عن عمرَ، وزيدٍ، والزُّهْرِيِّ (3). وبه قال: إبراهيمُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وقَتادةُ، والشافعيُّ؛ لِما ذَكَرْناه في التي قَبلَها. ولأنَّه مات قبلَ أداءِ مال الكتابةِ، فوَجَبَ أن تَنْفَسِخَ، كما لو لم يكُنْ له مالٌ، وكما لو عَلَّقَ عِتْقَه بأدَاءِ ألفٍ فماتَ قبلَ أدائِها. وعنه، أنَّه يَعْتِقُ ويمُوتُ حُرًّا، فيكونُ لسيدِه بَقيَّةُ كتابتِه، والباقِي لوَرَثَتِه. رُوِيَ
(1) في م: «عتق» .
(2)
في م: «كتابته» .
(3)
وأخرجه عنهم البيهقي، في: باب موت المكاتب، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 331، 332. وابن أبي شيبة، في: باب في مكاتب مات وترك ولداً أحرارًا، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 416. وأخرجه عن زيد، عبد الرزاق، في: باب ميراث ولد المكاتب وله ولد أحرار، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 392.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك عن عليٍّ، وابنِ مسعودٍ، ومعاويةَ (1). وبه قال عطاءٌ، والحسنُ، وطاوُسٌ، وشرَيحٌ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والحسنُ بنُ صالحٍ، وماللث، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي، إلَّا أنَّ أبا حنيفةَ قال: يكون حُرًّا في آخِرِ جُزْءٍ مِن حَياتِه. وهذا قولُ القاضيِ. ووَجْهُ هذهِ الرِّوايةِ، ما تَقَدَّمَ في التي قبلَها. و (2) لأنَّها مُعاوَضَةٌ لا تَنْفسِخُ بموتِ أحَدِ المُتَعاقِدَين، فلا تَنْفَسِخُ بمَوتِ الآخَرِ، كالبَيعِ، ولأنَّ العَبْدَ أحدُ مَن تَمَّتْ به الكِتابةُ، فلم تنْفسِخْ بموتِه، كالسيدِ. والأوَّلُ أوْلَى. وتُفَارِق الكِتابةُ البَيعَ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ مِن المُتَعاقِدَين غيرُ مَعْقُودٍ عليه، ولا يَتَعَلَّقُ العَقْدُ بعَينِه، فلم يَنْفَسِخْ بتَلَفِه، والمُكاتَبُ هو المعقودُ عليه، والعَقدُ مُتَعَلِّق بعَينِه، فإذا تَلِفَ قبلَ تَمامِ الأداءِ انْفَسَخَ العَقْدُ، كما لو تَلِفَ المَبِيعُ قبلَ قَبضِه، ولأنَّه مات قبلَ وُجُودِ شَرْطِ حُرِّيتِه، ويَتَعَذَّرُ وُجُودُها بعدَ موتِه. فأمَّا إن مات ولم يُخَلِّف وفاءً، فلا خِلافَ في المذهبِ أنَّ الكتابةَ تَنْفسخُ بمَوتِه، ويَمُوتُ عَبْدًا. وما في يَدِه لسيدِه. وهو قولُ أهلِ الفَتاوى مِن
(1) أخرجه عنهم عبد الرزاق، في: باب ميراث ولد الكاتب. . . .، من كتاب المكاتب. المصنف 8/ 391، 393، 394. وأخرجه، عن علي ومعاوية، البيهقي، في: باب موت المكاتب، من كتاب المكاتب. السنن الكبرى 10/ 331، 332. وعن ابن مسعود، ابن أبي شيبة، في: باب في مكات مات وترك ولدا أحرارا، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 415 - 417.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أئِمةِ الأمْصارِ، إلَّا أن يَمُوتَ بعدَ أداءِ ثَلاثَةِ أرْباعِ الكِتابةِ عندَ أبي بكرٍ، والقاضي، ومَن وافَقَهُما، فإنَّه يَمُوتُ حُرًّا في مقْتضَى قولِهم، وسَنَذْكُرُ ذلك، إن شاء الله تعالى. وقال مالكٌ: إن كان له وَلَدٌ حرٌّ انْفَسَخَتِ الكِتابةُ، وإن كان مَمْلوكًا في كتابَتِه أُجْبِرَ على دَفْعِ المالِ إن كان لَه مالٌ، وإن لم يَكُنْ له أُجْبِرَ على الاكْتِسَابِ والأداءِ.
فصل: ولا تَنْفَسِخُ الكِتابةُ بالجُنونِ؛ لأنَّها عَقْدٌ [لازمٌ، فلم](1) تَنْفَسِخْ بالجُنُونِ، كالرَّهْنِ. وفارَقَ الموتَ؛ لأنَّ العَقْدَ على العَينِ، والموتُ يُفَوِّتُ العَينَ، بخِلافِ الجُنُونِ، ولأنَّ القَصْدَ مِن الكِتابةِ العِتْقُ، والموتُ يُنافِيه، ولهذا لا يَصِحُّ عِتْقُ المَيِّتِ والجُنونُ لا يُنافِيه، بدليلِ صِحَّةِ عِتْقِ المجْنُونِ. فعلى هذا، إْن أدَّى إليه المال عَتَقَ؛ لأنَّ السيدَ إذا قَبَضَ منه فقدِ اسْتَوْفَى حَقَّه الَّذي كان عليه، وله أخْذُ المالِ مِن يَدِه، فيَتَضَمَّنُ ذلك بَراءَتَه مِن المالِ، فيَعْتِقُ بحكمِ العَقْدِ، وإن لم يُؤَدِّ إليه، كان للسيدِ أن يُحْضِرَه عندَ الحكمِ. وتَثْبُتُ الكِتابَةُ بالبَيِّنَةِ، فيَبْحَثُ الحاكمُ عن مالِه، فإن وَجَدَ له مالًا سَلَّمَه في الكِتابَةِ وعتَقَ، وإن لم يَجِدْ له مالًا جعَلَ له أن
(1) في الأصل: «لم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُعَجِّزَه، ويُلْزِمَه الإنْفاقَ عليه؛ لأنَّه عاد قِنًّا، ثم إن وَجَدَ له الحاكمُ بعدَ ذلك مالًا يَفِي بمالِ الكِتابةِ، أَبْطَلَ فَسْخَ السيدِ؛ لأنَّ [الباطنَ بان](1) بخِلافِ ما حَكَمَ به، فبَطَلَ حُكْمُه، كما إذا أخَطأ النَّصَّ وحَكَم بالاجْتِهادِ، إلَّا أنَّه يَرُدُّ على السيدِ ما أنْفَقَه مِن حينِ الفَسْخِ؛ لأنَّه لم يكُنْ مُسْتَحَقًّا عليه في الباطِنِ. وإن أفاقَ، فأقامَ البَيِّنَةَ أنَّه كان (2) قد دَفَعَ إليه مال الكِتابةِ، بَطَلَ أيضًا، ولا يَرُدُّ عليه ما أنْفَقَه؛ لأنَّه أنْفَقَ عليه مع عِلْمِه بحُرِّيتِه، فكان مُتَطَوِّعًا بذلك، فلم يَرْجِعْ به: ويَنْبَغِي أن يَسْتَحْلِفَ الحاكمُ السيدَ أنَّه ما اسْتَوْفَى مال الكِتابةِ. وهذا قولُ أصحابِ الشافعيِّ. ولم يذكُرْه أصحابُنا، وهو حسنٌ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه اسْتَوْفاه، والمجْنُونُ لا يُعَبِّرُ عن نَفْسِه فيَدَّعِيه، فيقومُ الحاكِمُ مَقامَه في اسْتِحْلافِه عليه.
فصل: وقَتْلُ المُكاتَبِ كمَوْتِه في انْفِساخِ الكِتابةِ، على ما أسْلَفْنا مِن الخِلافِ، سواء كان القَاتِلُ السيدَ، أو الأجْنَبِيَّ؛ ولا قِصاصَ على قاتِلِه الحُرِّ، لأنَّ المُكاتَبَ عبدٌ ما بَقِيَ عليه دِرْهَمٌ، للحدِيثِ (3). فإن كان القَاتِلُ سيدَه، ولم يُخَلِّفْ وَفَاءً، انْفَسَخَتِ الكِتابةُ.، وعادَ ما في يَدِه إلى سَيدِه، ولم يَجِبْ عليه شيءٌ؛ لأَنه لو وَجَبَ لوَجَبَ له. فإن قِيلَ: فالقاتِلُ
(1) في م: «الباطل» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
تقدم تخريجه في 6/ 300.