الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اشْتَرَى كُلّ وَاحِدٍ منَ الْمُكَاتَبَينِ الْآخَرَ، صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ، وَبَطَلَ شِرَاءُ الثَّانِي، سَوَاءٌ كَانَا لِوَاحِدٍ أوْ لِاثْنَينِ.
ــ
فصل: وإذا كان للمُكاتَبِ وَلَدٌ يَتْبَعُه في الكِتابَةِ، فباعَهُما، صَحَّ؛ لأنَّهما مِلْكُه، ولا مانِعَ مِن بَيعِهما، ويكونان عندَ المُشْتَرِي كما كانا عندَ البائِعِ سَواءً. وإن باع أحَدَهما دُونَ صاحِبِه، أو باع أحَدَهما لرجُلٍ، وباع الآخرَ لغيرِه، لم يَصِحَّ؛ لوَجْهَين؛ أحدُهما، أنَّه لا يجوزُ التَّفْرِيقُ بينَ الوَالِدِ ووَلَدِه في البَيعِ إلَّا بعدَ البُلُوغِ؛ على إحْدَى الرِّوايَتَين. والثاني، أنَّ الولدَ تابعٌ لوالِدِه، وله كَسْبُه، وعليه نَفَقَتُه، فصارَ في مَعْنى مَمْلوكِه، فلم يَجُزِ التَّفْرِيقُ بَينَهما. وعلى الروايةِ الأخْرَى، يَحْتَمِلُ أن يجوزَ بَيعُه بعدَ البُلُوغِ؛ لأنَّه مَحَلٌّ للبَيعِ، صَدَرَ فيه التَّصَرُّفُ مِن أهْلِه، ويكونُ عندَ مَن هو عندَه على ما كان عليه قبلَ بَيعِه، لوالِدِه كَسْبُه، وعليه نَفَقَتُه وأرْشُ جِنايته، ويَعْتِقُ بعِتْقِه، كما لو بِيعَ مع والدِه.
فصل: وتَصِحُّ الوَصيَّةُ لمُكاتَبِه؛ لأنَّه مع سيدِه في المُعامَلَةِ كالأجْنَبِيِّ، ولذلك جازَا دفْعُ زَكاتِه إليه. فإن قال: ضَعُوا عن مُكاتَبِي بعضَ كِتابَتِه، أو: بعضَ ما عليه. وَضَعُوا ما شاءُوا، قليلًا كان أو كثيرًا. وقد ذَكَرْنا نَحْوَه في الوَصايَا (1).
3015 - مسألة: (وإنِ اشْتَرَى كلُّ واحدٍ مِن المُكاتَبَين الآخَرَ، صَحَّ شِرَاءُ الأوَّلِ، وبَطَلَ شِرَاءُ الثاني، وسَواءٌ كانا لواحِدٍ أو لاثْنَين)
(1) انظر ما تقدم في 17/ 283.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا خِلافَ في أنَّ المُكاتَبَ يَصِحُّ شِراؤه للعبِيدِ (1)، والمُكاتَبُ يجوزُ بَيعُه على ما ذَكرْنا، في الصَّحِيحِ مِن المذهبِ. فإذا اشْتَرَى أحَدُهما الآخرَ، صَحَّ شِراؤُه، ومَلَكَه؛ لأنَّ التَّصَرُّفَ صَدَرَ مِن أهلِه في مَحَلِّه، وسَواءٌ كانا مُكاتَبَين لسيدٍ واحدٍ أو لاثْنَين. فإن عاد الثاني فاشْتَرَى الذي اشْتَراه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه سيدُه ومالِكُه، وليس للمَمْلُوكِ أن يَمْلِكَ مالِكَه؛ لأنَّه يُفْضِي إلى تَناقُضِ الأحْكامِ، إذْ كلُّ واحِدٍ منهما يقولُ لصاحِبِه: أنا سيدُكَ، ولي عليك مالُ الكتابَةِ تُؤَدِّيه إليَّ، وإن عَجَزْتَ فلي فَسْخُ كتابَتِكَ ورَدُّكَ إلى أن تكونَ رَقِيقًا لي (2). وهذا تناقُضٌ، وإذا [تنافى أنَّ تَمْلِكَ](3) المرأةُ زَوْجَها مِلْكَ اليَمِين؛ لثُبُوتِ مِلْكِه عليها في النِّكاحِ، فها هُنا أوْلَى، ولأنَّه لو صَحَّ هذا، [لتَقاصَّ الدَّينان](4) إذا تساوَيا، وعَتَقَا جَمِيعًا. إذا ثَبَتَ هذا، فشراءُ الأوَّلِ صحيحٌ، والمَبِيعُ منهما باقٍ على كتابتِه، فإن أدَّى عَتَقَ، ووَلاؤُه مَوْقُوفٌ، فإن أدَّى سيدُه كتابَتَه، كان الوَلاءُ له؛ لأنَّه عَتَقَ بأدائِه إليه، وإن عَجَزَ، فوَلاؤُه لسيدِه؛ لأنَّ العبدَ لا يثْبُتُ له ولاءٌ (2)، وَلأنَّ السيدَ يأخُذُ ماله، فكذلك حُقُوقُه. هذا مُقْتَضَى قولِ
(1) في الأصل: «للعبد» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «تناقض بملك» .
(4)
في م: «لتقاصا الدينين» .