الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهُ إِصَابَةُ مُدَبَّرَتِهِ، فَإِنْ أولَدهَا بَطَلَ تَدْبِيرُهَا.
ــ
وانتفاءُ الحُرِّيةِ عنهم، فإذا لم تكنْ بَيَنة، فالقَوْلُ قولُ من يُوافِقُ قولُه الأصْلَ. فصل: وكَسْبُ المُدَبَّرِ في حَياةِ سَيِّدِه لسيدِه، له أخْذُه منه؛ لأنَّ التَّدْبِيرَ لا يخْرُجُ عن شِبْههِ بالوَصِيَّةِ بالعِتْقِ، أو بالتَّعْلِيقِ له على صِفَةٍ، أو بالاسْتِيلادِ، وكلُّ هؤلاء كَسْبُهم لسيدِهم، فكذلك المدَبَّرُ. فإنِ اختَلَفَ هو ووَرَثَةُ سيدِه فيما (1) بيَدِه بعدَ عِتْقِه، فقال: كَسبْتُه بعدَ حرِّيَّتي. وقالوا: بل قبلَها. فالقولُ قولُه؛ لأنَّه في يَدِه، ولم يثْبُتْ مِلكُهمٍ عليه، بخِلافِ الولَدِ، فإنَّه كان رقيقًا لهم. فإن أقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيِّنةً بدَعْواه، قُدِّمتْ بَيِّنَةُ الوَرَثَةِ عندَ مَن يَرَى تَقْدِيمَ بَيِّنةِ الخارِجِ، وبَيِّنَةُ المُدَبَّرِ عندَ مَن يُقَدِّمُ بَيَنةَ الدَّاخِلِ. فإن أقَرَّ المُدَبَّرُ أن ذلك كان في يَدِه في حياةِ سيدِه، ثم تَجَدَّدَ مِلْكُه عليه بعدَ موتِه، فالقولُ قولُ الوارِثِ؛ لأنَّ الأصْلَ معهم (2). وإن أقام المُدَبَّرُ بَيِّنةً بدَعْواه، قُبِلَتْ، وتُقَدَّمُ على بَينةِ الوَرَثةِ إن كانت لهم بَينةٌ؛ لأنَّ بَيِّنَتَه تَشْهَدُ بزِيادةٍ، وإن لم يُقِرَّ المُدَبَّرُ بأنَّه كان له في حياةِ سَيِّدِه، فأقام الورثةُ بَيِّنةً به، فهل تُسْمَعُ بَيِّنتُهم؟ على وَجْهَين.
2968 - مسألة: (وله إصابَةُ مُدَبَّرَتِه، فإن أوْلَدَها بَطَلَ تَدْبِيرُها)
(1) في م: «فما» .
(2)
في الأصل: «منعهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يباحُ وَطْءُ أمَتِه المُدَبَّرَةِ. وقد رُوِيَ عن ابنِ عمرَ، أنَّه دَبَّرَ أمَتَين، وكان يَطَؤُهما (1). ومِمَّن رأى ذلك ابنُ عباس، وسعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعطاءٌ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، ومالكٌ، واللَّيثُ، والأوْزَاعِيُّ، والشافعيُّ. قال أحمدُ: لا أعْلَمُ أحدًا كَرِهَ ذلك غيرَ الزُّهْرِيِّ. وحُكِيَ عن الأوْزَاعِيِّ، أنَّه كان يقولُ: إن كان يطؤُها قبلَ تَدْبِيرِها فلا بأْسَ بوَطْئِهَا بعدَه، وإن كان لا يَطَؤُها قَبلَه لم يَطَأْها بعدَ التَّدْبِيرِ. ولَنا، أنَّها مَمْلُوكَتُه، لم تَشْتَرِ نَفْسَها منه، فحلَّ له وَطْؤُها، لقولِ اللهِ تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيرُ مَلُومِينَ} (2). وقياسًا على أُمِّ الوَلَدِ.
فصل: وابنةُ المُدَبَّرَةِ مِثْلُها في حِلِّ وَطْئِها، إن لم يكنْ وَطِئَ أمَّها. وعنه، ليس له وَطْؤُها؛ لأنَّ حَقَّ الحُرِّيةِ ثَبَت لها تَبَعًا، أشْبَهَ ولَدَ المُكاتَبةِ. ولَنا، أنَّ مِلْكَ سَيِّدِها تام فيها، فحَلَّ له وَطْؤُها؛ للآيةِ، وكأُمِّها. واسْتِحْقاقُها الحُرِّيةَ لا يَزيدُ على استِحْقاقِ أُمِّها، ولم يَمْنَعْ ذلك وَطْأَها. وأمَّا وَلَدُ المُكاتَبةِ، فأُلحِقَتْ بأُمِّها، وأُمُّها يَحْرمُ وَطْؤُها، فكذلك
(1) أخرجه الإمام مالك، في: باب مس الرجل وليدته إذا دبرها، من كتاب المدبر. الموطأ 2/ 814. والبيهقي، في: باب وطء المدبرة، من كتاب المدبر. السنن الكبرى 10/ 315. وعبد الرزاق، في: باب الرجل يطأ مدبرته، من كتاب المدبر. المصنف 9/ 147.
(2)
سورة المؤمنون 6، سورة المعارج 30.