الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا، بِأَنْ يَقُولَ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أوْ: عَامِي هَذَا، فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ: مُدَبَّرٌ.
ــ
بعدَ موتي. فيَصِيرُ بذلك مُدَبَّرًا، بلا خِلافٍ نَعْلَمُه. وكذلك إن قال: أنتَ مُدَبَّرٌ، أو قد دَبَّرتُك. فإنَّه يَصِيرُ مُدَبَّرًا بمُجَرَّدِ اللفظِ، وإن لم يَنْوه. هذا منصوصُ الشافعيِّ. وقال أصحابُه: فيه قولٌ آخَرُ؛ أنَّه ليس بصَرِيحٍ، ويَفْتَقِرُ إلى النِّيةِ؛ لأنَّهما لفْظان لم يَكْثُرِ استعمالُهما، فافْتَقَرا إلى النِّيةِ، كالكِناياتِ. ولَنا، أنَّهما لفْظان وُضِعَا لهذا العَقْدِ، فلم يَفْتَقِرْ إلى النِّيةِ، كالبَيعِ، بخِلافِ الكِناياتِ، فإنَّها غيرُ موضوعةٍ له، ويُشارِكُها فيه غيرُها، فافْتَقَرت إلى النِّيةِ للتَّعْيِينِ وتَرْجِيحِ أحَدِ المُحْتَمَلَين، بخِلافِ الموضوعِ، فإنَّه لا يَفْتَقِرُ إلى النِّيةِ، كلَفْظِ العِتْقِ.
2961 - مسألة: (ويَصِح مُطْلَقًا ومُقَيّدًا)
فالمُطْلَقُ تَعْلِيقُ العِتْقِ بالمَوتِ مِن غيرِ شَرْطٍ آخَرَ. والمُقَيَّدُ ضَرْبانِ؛ أحدُهما، خاصٌّ مثلَ (أن يقولَ: إن مِتُّ مِن مَرَضِي هذا) أو في بلَدي هذا (أو) في (عامِي هذا، فأنْتَ حُرٌّ) فهذا جائِزٌ على ما قال، إن مات على الصِّفَةِ التي شَرَطها عَتَقَ العَبدُ، وإلَّا فلا. وقال مُهَنَّا: سألتُ أحمدَ عمَّن قال لعَبدِه: أنتَ مُدَبَّرٌ. قال: يكونُ مُدَبَّرًا ذلك اليومَ، فإن مات في ذلك اليومِ صار حرًّا. يعني
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إذا مات السيدُ. الثاني، أن يُعَلِّقَ التدبيرَ على صِفَةٍ، مثلَ أن يقولَ: إن دَخَلْتَ الدارَ فأنتَ مُدَبَّرٌ، أو إن قَدِمَ زَيدٌ، أو إن شَفَى اللهُ مريضِي، فأنت حُرٌّ بعدَ مَوتي. فهذا لا يَصِيرُ مُدَبَّرًا في الحالِ؛ لأنَّه عَلَّقَ التدبِيرَ على شَرْطٍ. فإذا وُجِدَ صار مُدبَّرًا وعَتَق بموتِ سَيِّدِه. وإن لم يُوجَدْ في حياةِ السَّيِّدِ ووُجِدَ بعدَ موتِه لم يَعْتِقْ؛ لأنَّ إطْلاقَ الشرطِ يَقْتَضِي وُجُودَه في الحياةِ، بدليلِ ما لو عَلَّقَ عليه عِتْقًا مُنْجَزًا، فقال: إذا دَخَلْتَ الدارَ فأنتَ حُرٌّ. فدَخَلَها بعدَ مَوتِه، لم يَعْتِقْ. ولأنَّ المُدَبَّرَ مَن عُلِّقَ عِتْقُه بالمَوتِ، وهذا قبلَ المَوت لم يكنْ مُدَبَّرًا. وبعدَ المَوتِ لا يُمْكِنُ حُدوثُ التدبيرِ فيه.
فصل: فإن قال لعبْدِه: إذا قرأتَ القرآنَ فأنتَ حر بعدَ مَوتِي. فقرأ القرآنَ جَمِيعَه، صار مدَبَّرًا. وإن قرأ بَعْضَه لم يَصِرْ مُدَبَّرًا. وإن قال: إذا قرأتَ قُرْآنًا فأنتَ حُرٌّ بعدَ مَوتِي. فقرأ بَعْضَ القرآنِ، صار مُدَبَّرًا؛ لأنَّه في الأُولَى عَرَّفَه بالألفِ واللامِ المُقْتَضِيَةِ للاسْتغْراقِ، فعاد إلى جَمِيعِه، وههنا نَكَّرَه، فاقْتَضَى بعضَه. فإن قيلَ: فقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ} (1). {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} (2). ولم يُرِدِ القرآنَ جميعَه. قلنا: قَضِيَّةُ اللفظِ تَتَناولُ جميعَه؛ لأن الألفَ واللامَ للاسْتِغْراقِ، وإنَّما حُمِلَ على بعضِه بدَلِيل، فلا يُحْمَلُ
(1) سورة النحل 98.
(2)
سورة الإسراء 45.