الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ أَدَّى إِلَيهِ عَتَقَ، وَوَلَاؤهُ لَهُ، وَإنْ عَجَزَ عَادَ قِنًّا لَهُ، وَإنْ لَمْ يَعْلَمْ أنَّهُ مُكَاتَبٌ، فَلَهُ الرَّدُّ أو الْأَرْشُ. وَعَنْهُ، لَا يَجُوزُ بَيعُهُ.
ــ
الكِتابَةَ لا تنْفَسِخُ فيه (1) بالبَيعِ، ولا يجوزُ إبْطالُها. لا نعلمُ في هذا خِلافًا. وقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ على أنَّ بَيعَ السيدِ مُكاتَبَه على أن يُبْطِلَ (2) كتابَتَه ببَيعِه، إذا كان ماضِيًا فيها، مؤَدَيًا ما يجبُ عليه مِن نُجومِه في أوْقاتِها، غيرُ جائِزِ؛ وذلك لأنَّها عَقْدٌ (3) لازِمٌ، فلا يبْطُلُ بالبَيعِ، كالإِجارَةِ والنِّكاحِ، ويَبْقَى على كتابَتِه عندَ المُشْتَرِي وعلى نُجومِه، كما كان عندَ البائِعِ، مُبْقًى على ما بَقِيَ مِن كتابَتِه، يُؤَدِّي إلى (4) المُشْتَرِي ما كان يُؤَدِّي إلى البائِع.
3014 - مسألة: (فإن أدَّى عَتَقَ، ووَلاؤُه له، وإن عجز عاد قِنًّا له، وإن لم يَعْلَمْ أنَّه مُكاتَبٌ، فله الرَّدُّ أو
(5) الأرْشُ) إذا أدَّى إلى المُشْتَرِي عَتَقَ؛ لأنَّ حقَّ المُكاتِبِ فيه انْتَقَلَ إلى المُشْتَرِي، فصار المُشْتَرِي (4) هو المُعْتِقَ، وولاؤُه له؛ لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ» . وقد دَلَّ [على ذلك](6) حديثُ بَرِيرَةَ؛ لأنَّه جَعَلَ
(1) سقط من: م.
(2)
في الأصل: «تبطل» .
(3)
بعده في الأصل: «جائز» .
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في النسختين: «و» .
(6)
في م: «عليه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولاءَها لعائشةَ حينَ اشْتَرَتْها وأعْتَقتْها. وإن عَجَزَ عاد قِنًّا له؛ لأنَّه صار سيدَه، فقامَ مَقَامَ المُكاتِبِ، وإن لم يَعْلَمْ أنَّه مُكاتبٌ، ثم عَلِمَ ذلك، فله فَسْخُ البَيعِ، أو أخْذُ الأرْشِ؛ لأنَّ الكتَابَةَ عَيبٌ (1)، لكَونِ المُشْتَرِي لا يقْدِرُ على التَّصَرُّفِ فيه، ولا يَسْتَحِقُّ كَسْبَه ولا اسْتِخْدامَه، ولا الوَطْءَ إن كانت أمَةً، فمَلَكَ الفَسْخَ، كشراءِ الأمَةِ المُزَوَّجَةِ، فيُخَيَّرُ حِينَئذٍ بينَ الفَسْخِ والرُّجُوعِ بالثَّمَنِ، وبينَ الإِمْساكِ مع الأرْش، على ما ذَكَرْنا في البَيع.
فصل: فأمَّا بَيعُ الدَّينِ الذي على المُكاتَبِ كان نُجُومِه، فلا يَصِحُّ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال عطاءٌ، وعمرُو بنُ دينارٍ، ومالكٌ: يَصِحُّ؛ لأنَّ السيدَ يَمْلِكُها في ذِمَّةِ المُكاتَبِ، فجاز بَيعُها، كسائِرِ أمْوالِه. ولَنا، أنَّه دَين غيرُ مُسْتَقِرٍّ، فلم يَجُزْ بَيعُه، كدَين السَّلَمِ، ودليلُ عَدَمِ الاسْتِقْرارِ، أنَّه مُعَرَّص للسُّقُوطِ بِعَجْزِ المُكاتَبِ، [ولأنَّه](2) لا يَمْلِكُ السيدُ إجْبارَ العبدِ على أدائِه ولا إلْزَامَه بتَحْصِينه، فلم يجُزْ بَيعُه، كالعِدَةِ بالتَّبَرُّعِ، ولأنَّه في، مَقبُوضٍ، وقد نَهَى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن بَيعِ ما لم يُقْبَضْ (3). فإن باعه فالبَيعُ باطِلٌ، وليس للمُشْتَرِي مُطالبَةُ المُكاتَبِ بتَسْلِيمِه إليه، وله الرُّجوعُ بالثَّمَنِ على البائِع
(1) في الأصل: «عبث» .
(2)
في الأصل: «لأنه» .
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 506.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إن كان دَفَعَه إليه. وإن سلَّمَ المُكاتَبُ إلى المُشْتَرِي نُجومَه، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَعْتِقُ؛ لأنَّ البَيعَ تَضَمَّنَ الإِذْنَ في القَبْضِ، فأشْبَهَ قَبْضَ الوَكِيلِ. والثاني، لا يَعْتِقُ؛ لأنَّه لم يَسْتَنِبْه في القَبْضِ، وإنَّما قَبَضَ لِنَفْسِه بحُكْمِ البَيعِ الفاسِدِ، فكان القَبْضُ فاسِدًا، فلم يَعْتِقْ، بخِلافِ وَكيله، فإنَّه اسْتَنابَه. ولو صَرَّحَ بالإِذْنِ لم يكُنْ مُسْتَنِيبًا له في ألقَبْضِ، وإنَّما إذنه في القَبْضِ بحُكْمِ المُعاوَضَةِ، فلا فَرْقَ بينَ التَّصْرِيحِ وعَدَمِه. فإن قُلْنا: يَعْتِقُ بالأداءِ. بَرِئ المُكاتَبُ مِن مالِ الكِتابَةِ، ويَرْجِعُ السيدُ على المُشْتَرِي بما قَبَضَه؛ لأنَّه كالنَّائِبِ عنه، فإن كان مِن جِنْسِ الثَّمَنِ، وكان قد تَلِفَ، تَقَاصَّا بقَدْرِ أقَلِّهما، ورجَعَ ذو الفَضْلِ بفَضْلِه. وإن قُلْنا: لا يَعْتِقُ بذلك. فمالُ الكِتابَةِ باقٍ في ذِمَّةِ المُكاتَبِ، ويَرْجِعُ المُكاتَبُ على المُشْتَرِي بما دَفَعَه إليه، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي على البائِعِ. فإن سَلَّمَه المُشْتَرِي إلى البائِعِ، لم يَصِحَّ تَسْلِيمُه؛ لأنَّه قَبَضَه بغيرِ إذْنِ المُكاتَبِ، فأشْبَهَ ما لو أخَذَه مِن مالِه بغيرِ إذْنِه. وإن كان مِن غَيرِ جِنْسِ مالِ الكتابَةِ، تَرَاجَعا بما لِكُلِّ واحدٍ منهما على الآخَرِ. وإن باعَهُ [ما أخَذَه بما لَه](1) في ذِمَّتِه، وكان ممَّا يجوزُ البَيعُ فيه، جاز إذا كان ما قَبَضَه السيدُ باقِيًا، وإن كان قد تَلِفَ ووَجَبَتْ قِيمَتُه، وكانت (2) مِن جِنْسِ مالِ الكتابَةِ، تَقاصَّا، وإن كان المقبوضُ مِن جِنْسِ مالِ الكتابَةِ، فتَحاسَبا به، جاز.