الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس للمُكاتَبِ أن يُكاتِبَ إلَّا بإذْنِ سيدِه. وهذا قولُ الحسنِ، والشافعيِّ؛ لأنَّ الكِتابَةَ نَوْعُ إعْتاقٍ، فلم تَجُزْ مِن المُكاتَبِ، كالمُنْجَزِ. ولأنَّه لا يَمْلِكُ الإِعْتاق، فلم يَمْلِكِ الكِتابَةَ، كالمأْذُونِ واخْتار (1) القاضي جوازَ الكِتابَةِ. وهو الذي ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ، في «رُءُوسِ المسائِلِ» . وهو قولُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، والثَّوْرِيِّ، والأوْزَاعِيِّ؛ لأنَّه نوْعُ مُعاوَضَةٍ، فأشْبَهَ البَيعَ. وقال أبو بكرٍ: هو مَوْقُوفٌ. كقَوْلِه في العِتْقِ المُنْجَزِ، فإن أذِنَ فيها السيدُ صَحَّت. وقال الشافعيُّ: فيها قولان. وقد ذَكَرْنا ذلك فيما تَقَدَّمَ.
2994 - مسألة: (وولاءُ مَن يُعْتِقُه ويُكاتِبُه لسيدِه)
إذا كاتَبَ عبدَه فعَجَزا جَمِيعًا صارا رَقِيقَين للسيدِ. وإن أدَّى المُكاتَبُ الأوَّلُ، ثم
(1) في م: «اختيار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أدَّى الثانِي، فوَلاءُ كلِّ واحدٍ منهما لمُكاتِبِه. وإن أدَّى الأولُ وعَجَز الثاني صار رَقِيقًا للأولِ. وإن عجز الأولُ وأدَّى الثاني فولاؤُه للسيِدِ الأولِ. وإن أدَّى الثاني قبلَ عِتْقِ الأوَّلِ عَتَقَ. قال أبو بكر: ووَلاوه للسيدِ. وهو قول أبي حنيفةَ؛ لأنَّ العِتْقَ لا يَنْفَكُّ عن الوَلاءِ. والولاءُ لا يُوقَفُ؛ لأنَّه سَبَبٌ يُورَثُ به، فهو كالنَّسَبِ، ولأنَّ المِيراثَ لا يَقِفُ، كذلك سَبَبُه. وقال القاضي: هو مَوْقُوفٌ؛ إن أدَّى عَتَقَ والولاءُ له، وإلَّا فهو للسيدِ. وهذا أحدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ» (1). ولأنَّ العَبْدَ ليس بمِلْكٍ له، ولا يجوزُ أن يَثْبُتَ له الوَلاءُ على مَن لم يَعْتِقْ في مِلْكِه. وقولُهم: لا يجوزُ أن يَقِفَ كما لم يَقِفِ النَّسَبُ والميراثُ. ليس كذلك؛ فإنَّ النَّسَبَ يَقِفُ على بُلُوغِ الغُلامِ وانْتِسابه إذا لم تُلْحِقْه القَافَةُ بأحدِ الواطِئين، وكذلك المِيراثُ يُوقَفُ، على أَنَّ (2) الفَرْقَ بينَ النَّسَبِ والميراثِ وبينَ الولاءِ، أنَّ الوَلاءَ يجوزُ أن يَقَعَ لشَخْصٍ ثم يَنْتَقِلَ، وهو ما يَجُرُّه مَوْلَى الأبِ مِن مَوْلَى الأُمِّ، فجازَ أن يكونَ مَوْقُوفًا. والنَّسَبُ والمِيراثُ بخلافِ ذلك. فإن مات المُعْتَقُ قبل عتْقِ المُكاتَبِ، وقُلْنا: الوَلاءُ للسيدِ. وَرِثَه. وإن قُلْنا: هو موقوفٌ. فمِيراثُه أيضًا مَوْقوفٌ.
(1) تقدم تخريجه في 11/ 234، 235.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس له أن يَبِيعَ نَسِيئَةً وإن باع السِّلْعَةَ بأضْعافِ قِيمَتِها. وهذا مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ فيه تَغْريرًا بالمالِ، وهو مَمْنوعٌ منه؛ لتَعَلُّقِ حَقِّ السيدِ به. قال القاضي: ويَتَخرَّجُ الجوازُ، بِناءً على المُضَارِبِ أنَّ له البَيعَ نَسِيئَةً، في إحْدَى الرِّوايَتَين، فيُخرَّجُ ههُنا مثلُه. وسواءٌ أخَذَ ضَمِينًا (1) أو رَهْنًا (2) أو لم يَأْخُذْ؛ لأنَّ الغَرَرَ باقٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يَتْلَفَ الرَّهْنُ ويُفْلِسَ الغَرِيمُ والضَّمِينُ. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ مع الرَّهْنِ والضَّمِينِ؛ لأنَّ الوَثِيقَةَ قد حَصَلَتْ به، والعَوارِضُ نادِرَةٌ على خِلافِ الأصْلِ. فإن باع بأكْثَرَ مِن قِيمَتِه حالًّا، وجَعَلَ الزِّيادَةَ مُؤَجَّلَةً، جازَ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ رِبْحٌ.
(1) في الأصل: «ضمنًا» .
(2)
في م: «هينًا» .