الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أسَرَ الْعَدُوُّ الْمُكَاتَبَ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ، فَأحَبَّ سيِّدُهُ، أخَذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ، وَإلَّا فَهُوَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، مُبْقًى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ، يَعْتِقُ بِالْأدَاءِ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ.
ــ
ما إذا زَوَّجَ الوَلِيَّان فأشْكَلَ الأوَّلُ منهما. فيَقْتَضِي هذا أن يُفْسَخَ البَيعَانِ كما يُفْسَخُ النِّكاحَان. وعلى قولِ أبي بكرٍ، لا يُحْتاجُ إلى الفَسْخِ؛ لأنَّ النِّكاحَ إنَّما احْتِيجَ فيه (1) إلى الفَسْخِ مِن أجْل المرِأةِ؛ فإنَّها مَنْكُوحَةٌ نِكاحًا صحيحًا لواحدٍ منهما يَقِينًا، فلا يَزُولُ إلَّا بفسْخٍ، وفي مسألتِنا لم يَثْبُتْ تَعَيُّنُ (2) البَيعِ في واحدٍ بعَينِه، فلم يَفْتَقِرْ إلى فَسْخٍ. والله أعلمُ.
3017 - مسألة: (وإن أسَرَ العَدُوُّ المُكاتَبَ، فاشْتَراه رجلٌ، فأحَبَّ سيدُه، أخَذَه بما اشْتَراه، وإلَّا فهو عندَ مُشْتَرِيه، مُبْقًى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، يَعْتِقُ بالأداءِ، ووَلاؤُه له)
إذا أسَرَ (3) الكُفَّارُ مُكاتبًا، ثم اسْتَنْقَذَه المسلمون، فالكتابةُ بحالِها. فإن أُخِذَ في الغَنائِم فعُلِمَ بحالِه، أو أدْرَكَه سيدُه قبلَ قَسْمِه، أخَذَه بغيرِ شيءٍ، وهو على كتابتِه، كمَن لم
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «يقين» .
(3)
في الأصل: «اشترى» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُؤْسَرْ، وإن لم يُدْرِكْه حتى قُسِمَ، وصار في سَهْمِ بعضِ الغانِمين، أو اشْتَراه رجلٌ مِن الغَنِيمَةِ قبلَ قَسْمِه، أو مِن المشركين، وأخْرَجَه إلى سيدِه، فإنَّ السيدَ أحَقُّ به بالثَّمَنِ الذي ابْتاعَه به. وفيما إذا كان غَنِيمَةً رِوايَةٌ أخْرَى، أنَّه إذا قُسِمَ فلا حَقَّ لسيدِه فيه بحالٍ. فيُخَرَّجُ في المُشْتَرَى مثلُ ذلك. وعلى كلِّ تَقْديرٍ، فإنَّ سيدَه إن أخَذَه، فهو مُبْقىً على ما بَقِيَ مِن كتابَتِه، وإن تَرَكَه، فهو في يَدِ مُشْتَرِيه، مُبْقًى على ما بَقِيَ مِن كِتابَتِه، يَعْتِقُ بالأداءِ في المَوْضِعَين، ووَلاؤُه لمَن يُؤَدِّي إليه، كما لو اشْتَراه مِن سيدِه. وقال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ: لا يَثْبُتُ عليه مِلْكُ الكُفَّارِ، ويُرَدُّ إلى سيدِه بكلِّ حالٍ. ووافَقَ أبو حنيفةَ الشافعيَّ (1)، في المُكاتَبِ والمُدَبَّرِ خاصَّةً؛ لأنَّهما عندَه لا يجوزُ بَيعُهما ولا نَقْلُ (2) المِلْكِ فيهما، فأشْبَها أمَّ الوَلَدِ. وقد تَقَدَّمَ الكلامُ في الدَّلالةِ على أنَّ (3) ما أدْرَكَه صاحِبُه مَقْسُومًا لا يَسْتَحِقُّ صاحِبُه أخْذَه بغيرِ شيءٍ (4)، وكذلك ما اشْتَراهُ مُسْلِمٌ مِن دارِ الحَرْبِ، وفي أنَّ المُكاتَبَ والمُدَبَّرَ يجوزُ بَيعُهما، بما يُغْنِي عن إعادَتِه ها هُنا.
(1) في م: «والشافعي» .
(2)
في الأصل: «يقبل» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
انظر ما تقدم في 10/ 196 - 200.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وهل يَحْتَسِبُ عليه بالمدَّةِ التي كان فيها عندَ الكُفَّارِ؟ على وَجْهَين؛ أحدُهما، لا يَحْتَسِبُ عليه بها؛ لأنَّ الكِتابَةَ اقْتَضَتْ تَمْكِينَه مِن التَّصَرُّفِ والكَسْبِ في هذه المدَّةِ، فإذا لم يَحْصُلْ ذلك لم يَحْتَسِبْ، [كما لو حَبَسَه](1) سيدُه. فعلى هذا، يَبْنِي على ما مَضَى مِن المُدَّةِ قبلَ الأسْرِ، وتُلْغَى مُدَّةُ الأسْرِ، كأنَّها لم تُوجَدْ. والثاني، يَحْتَسِبُ عليه بها؛ لأنَّها مِن مُدَّةِ الكِتابَةِ، مَضَتْ [مِن غيرِ](2) تَفْرِيطٍ مِن سيدِه، فاحْتَسَبَ عليه بها، كمرضِه، ولأنَّه مَدِينٌ مَضَتْ مُدَّةٌ مِن أجَلِ دَينه في حَبْسِه، فاحْتَسَبَ عليه، كسائِرِ الغُرَماءِ، وفارَقَ ما إذا حَبَسه سيدُه بما ذَكَرْناه. فعلى هذا، إذا حلَّ عليه نَجْمٌ عندَ اسْتِنقاذِه جازَتْ مُطالبَتُه به. وإن حَلَّ ما يجوزُ تَعْجيزُه بتَرْكِ أدائِه فلسيدِه تَعْجِيزُه وردُّه إلى الرِّقِّ. وهل له (3) ذلك بنَفْسِه أو بحُكْمِ الحاكمِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، له ذلك؛ لأنَّه تَعَذَّرَ عليه الوُصولُ إلى المالِ في وَقْتِه، أشْبَهَ ما لو كان حاضِرًا، [يُحَقِّقُه أنَّه لو كان حاضِرًا](4)
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «بغير» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمالُ غائِبًا يَتَعَذَّرُ إحْضارُه وأداؤُه في مُدَّةٍ قَريبَةٍ، كان لسيدِه الفَسْخُ، والمالُ ها هنا إمَّا مَعْدومٌ وإمَّا غائِبٌ يَتَعَذَّرُ أداؤُه، وفي كِلا الحالين يجوزُ الفَسْخُ. والثاني، ليس له ذلك إلَّا بحُكْمِ الحاكِمِ؛ لأنَّه مع الغَيبَةِ يحْتاجُ إلى أن يَبْحَثَ، هل له مالٌ أم لا، وليس كذلك إذا كان حاضِرًا، فإنَّه يُطالبُه، فإن أدَّى، وإلَّا فقد عَجَّزَ نَفْسَه، فإن فَسَخَ الكتابَةَ بِنَفْسِه أو بحُكْمِ الحاكِمِ، ثم خَلَص المُكاتَبُ، وادَّعَى أنَّ له مالًا في وَقْتِ الفَسْخِ يَفِي (1) بما عليه، وأقامَ بذلك بَيَنةً، بَطَلَ الفَسْخُ. ويَحْتَمِلُ أن لا يبْطُلَ حتى يَثْبُتَ أنَّه كان (2) يمْكنه أداؤُه؛ لأنَّه إذا كان مُتَعَذِّرَ الأداءِ، كان وُجودُه كعَدَمِه.
(1) في الأصل: «بقى» .
(2)
سقط من: الأصل.
فَصْلٌ: وَإنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، أوْ أجْنَبيٌّ، فَعَلَيهِ فِدَاءُ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الكِتَابَةِ. وَقَال أبو بَكْرٍ: يَتَحَاصَّانِ.
ــ
فصل: قال الشيخُ، رضي الله عنه:(وإن جَنَى على سيدِه، أو أجْنَبِي، فعليه فِداءُ نَفْسِه مُقَدَّمًا على الكِتابَةِ. وقال أبو بكر: يتَحاصَّان) وجملةُ ذلك، أنَّ المُكاتَبَ إذا جَنَى جِنايةً مُوجِبةً للمالِ (1)، تَعَلَّقَ أرشُها برَقَبَتِه، ويُؤَدِّي مِن المالِ الذي في يَدِه. وبهذا قال الحسنُ، والحَكَمُ، وحمادٌ، والأوْزَاعِيُّ، ومالكٌ، والحسنُ بنُ صالح، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال عطاء، والنَّخَعِي، وعمرُو بنُ دِينارٍ: جنايَتُه على سيدِه. وقال عَطاءٌ: ويَرْجِعُ سيدُه بها عليه. وقال الزُّهْرِيُّ: إذا قَتَلَ رَجُلا خَطَأ، كانت كِتابَتُه ووَلاؤُه لوَلِيِّ المَقْتُولِ، إلَّا أن يَفْدِيَه سيدُه. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَجْنِي جَانٍ إلَّا عَلَى نَفْسِه» (2). ولأنَّها جِنايةُ عَبْدٍ، فلم تَجِبْ في ذِمَّةِ سيدِه، كالقِنِّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَبْدا بأداءِ
(1) بعده في الأصل: «عن أجنبي» .
(2)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام، من أبواب الفتن، وفي: باب تفسير سورة التوبة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذي 9/ 4، 11/ 228. وابن ماجه، في: باب: لا يجنى أحد على أحد، من كتاب الديات، وفي: باب الخطبة يوم النحر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 890، 1015. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 449، 4/ 14.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجِنايةِ قبلَ الكِتابة، سَواءٌ حَلَّ عليه نَجْمٌ أبي لم يَحِلَّ. نصَّ عليه أحمدُ، وهو المَعْمُولُ به في المذهبِ. وذكر أبو بكر قولًا آخرَ، أنَّ السيدَ يُشارِكُ ولِيَّ الجِنايةِ، فيضْرِبُ بما حَلَّ مِن نُجُوم كِتابتِه؛ لأنَّهما دَينان، فيتَحاصَّان، قياسا على سائِرِ الدُّيُونِ. ولَنا، أنَّ أرشَ الجِنايَةِ مِن العبدِ يُقَدَّمُ على سائِرِ الحُقُوقِ المُتَعَلِّقةِ به، ولذلك قُدِّمَتْ على حَقِّ المالكِ وحَقِّ المُرْتَهِنِ، وغيرهما، فوَجَبَ أن تُقَدَّمَ ها هُنا. يُحَقِّقُه أنَّ [أرْشَ الجِنايةِ](1) مُقَدَّمٌ على مِلْكِ السيدِ في عبدِه، فيَجِبُ تقديمُه على عِوَضِه، وهو مالُ الكِتابَة، بطرِيقِ الأوْلَى؛ لأنَّ المِلْكَ فيه قبلَ الكِتابةِ كان مُسْتَقِرًا، ودَين الكتابةِ غيرُ مُسْتَقِرٍّ، فإذا قُدِّمَ على المُسْتَقِرِّ، فعلى غيرِه أوْلَى. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَفْدِي نَفْسَه بأقَلِّ الأمْرَين؛ مِن قِيمَتِه أو أرْشِ جِنايَته؛ لأنَّه إن كان أرشُ الجنايةِ أقَلَّ، فلا يَلْزَمُه أكْثرُ مِن مُوجَب جِنايَته، وهو أرْشُها، وإن كان أكثرَ، لم يكُنْ عليه أكثرُ مِن قِيمَتِه؛ لأنَّه لا يَلْزَمُه أكثرُ مِن بَذْلِ (2) المَحَلِّ الذي تَعَلَّقَ به الأرْشُ. فإن بدأ بدَفْعِ المالِ إلى وَلِيِّ الجِنايَةِ، فوَفَّى بأرْشِ الجِنايةِ، وإلَّا باع الحاكِمُ منه بما بقِيَ (3) مِن
(1) في م: «ملك الكتابة» .
(2)
في الأصل: «تلك» .
(3)
في م: «يفي» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أرْشِها، [وبَطَلَ الكِتابَةُ فيما باع منه](1)، وباقِيه باقٍ على كِتابَتِه. وإنِ اختار السيدُ الفَسْخَ فله ذك، ويَعُودُ عَبْدًا قِنًّا مُشْتَرَكًا بينَ السيدِ والمُشْتَرِي. وإن أبقاه السيدُ على الكِتابَةِ، فأدَّى، عَتَقَ بالكِتابَةِ، وسَرَى العِتْقُ إلى باقِيه إن كان المُكاتَبُ مُوسِرًا، ويُقَوَّمُ عليه، وإن كان مُعْسِرًا، عَتَقَ منه ما عَتَقَ، وباقِيه رَقِيقٌ. فإن لم يكُنْ في يَدِه مالٌ، ولم يفِ بالجِنايةِ إلَّا قِيمَتُه كلُّها، بِيعَ كُلُّه فيها، وبَطَلَتْ كِتابَتُه.
فصل: وإن بَدَأ بدَفْعَ المالِ إلى سيدِه، وكان وَلِيُّ الجِنَايةِ سألَ الحاكمَ فحَجَرَ على المُكاتَبِ، ثَبَتَ الحَجْرُ عليه، وكان النَّظرُ فيه إلى الحاكمِ، فلا يَصِحُّ دَفْعُه إلى سيدِه، ويَرْتَجِعُه الحاكمُ، ويُسَلِّمُه إلى وَلِيِّ الجنايةِ، فإن وَفَّى، وإلَّا كان الحُكْمُ فيه على ما ذَكَرْنا مِن قبلي. وإن لم يكُنِ الحاكمٌ حَجَرَ عليه صَحَّ دَفْعُه إلى السيدِ؛ لأنَّه يَقضِي حَقًّا عليه، فجاز، كما لو قَضَى بعضَ غُرَمائِه قبلَ الحَجْرِ عليه. فإن كان ما دَفَعَه إليه جميعَ مالِ الكتابةِ عَتَقَ.
(1) سقط من: م.