الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ أعتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَها، عَتَقَ وَحْدَهُ.
ــ
بعضِ الأعْضاءِ؟ وروَى الأَثْرَمُ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه أعْتَقَ أمَةً واسْتَثْنَى ما في بَطْنِها (1). ولأنَّها ذاتُ حَمْل، فصَحَّ اسْتِثْناءُ حَمْلِها، كما لو باع نَخْلَةً لم تُؤَبَّرْ واشْتَرَط. ثَمَرَتَها. وقال القاضِي: يُخَرَّجُ على الرِّوايَتَين فيما إذا اسْتَثْنَى ذلك في البَيعِ. والمَنْصُوصُ عنه ما ذَكَرْناه مِن أنَّه يَصِحُّ اسْتِثْناؤُه في العِتْقِ، ولا يَصِحُّ في البَيعِ؛ لِما ذَكَرْنا [مِن الفَرْقِ](2) بينَهما.
2915 - مسألة: (وإن أعْتَقَ ما في بَطْنِها دُونَها، عَتَقَ وَحْدَه)
لا نَعْلَمُ في ذلك خِلافًا. وهو قولُ سفيانَ، وأحمدَ، وإسْحاقَ؛ لأنَّ حُكْمَه حُكْمُ الإِنْسانِ المُنْفَرِدِ، ولهذا يُورَثُ الجنينُ إذا ضُرِب بَطْنُ امْرأةٍ فأسْقَطَتْ جَنِينًا، وَجَب فيه غُرَّةٌ مَوْرُوثَةٌ عنه، كأنَّه سَقَط حَيًّا، وتَصِحُّ الوَصِيَّةُ به وله، ويَرِثُ إذا مات مَوْرُوثُه قبلَ أنَّ يُولَدَ ثم وُلِد بَعْدَه، فصَحَّ عِتْقُه، كالمُنْفَصِلِ.
(1) تقدم تخريجه في 11/ 127.
(2)
في الأصل: «في الفروق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ العِتْقُ إلَّا مِن جائِزِ التَّصَرُّفِ، فلا يَصِحُّ عِتْقُ الصَّبِيِّ والمَجْنُونِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: هذا قولُ عامَّةِ أهلِ العِلْمِ؛ منهم الحسنُ، والشَّعْبِيُّ، والزُّهْرِيُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. وذلك لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتى يَسْتَيقِظَ» (1). ولأنَّه تَبَرُّعٌ بالمالِ، فلم يَصِحَّ منهما (2) كالهِبَةِ. ولا يَصِحُّ عِتْقُ المَحْجُورِ عليه للسَّفَهِ. وهو قولُ القاسِمِ بنِ محمدٍ. وعنه، يَصِحُّ، قِياسًا على طَلاقِه وتَدْبِيرِه. ولَنا، أنَّه مَحْجور عليه في مالِه لحَظِّ نَفْسِه، فلم يَصِحَّ عِتْقُه، كالصَّبِيِّ، ولأنَّه تَصَرُّفٌ في المالِ في حياتِه، أشْبَهَ هِبَتَه وبَيعَه. ويُفارِقُ الطَّلاقَ؛ لأنَّ الحَجْرَ عليه في مالِه، والطَّلاقُ ليس بتَصَرُّفٍ فيه. ويُفارِقُ التَّدْبيرَ؛ لأنَّه تَصَرُّفٌ فيه بعدَ مَوْتِه وغِناه عنه بالمَوْتِ، ولهذا صَحَّتْ وَصِيَّتُه ولم تَصِحَّ هِبَتُه المُنْجَزَةُ. وعِتْقُ السَّكْرانِ مَبْنِيٌّ على طلاقِه، وفيه مِن الخِلافِ ما فيه. ولا يَصِحُّ عِتْقُ المُكْرَهِ، كما لا يَصِحُّ بَيعُه ولا تَصَرُّفاتُه، ولا يَصِحُّ عِتْقُ المَوْقُوفِ؛ لأنَّ فيه إبْطالًا لحقِّ البَطْنِ الثانِي منه، وليس له ذلك.
(1) تقدم تخريجه في 3/ 15.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَصِحُّ العِتْقُ مِن غيرِ المالِكِ بغَيرِ إذْنِه، فلو أعْتَقَ عَبْدَ ولَدِه الصَّغِيرِ، أو يَتِيمِه الذي في حِجْرِه، لم يَصِحَّ. وبهذا قال الشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال مالكٌ: يَصِح عِتْقُ عبدِ وَلَدِه الصَّغِيرِ؛ لقَوْلِه، عليه الصلاة والسلام:«أنْتَ وَمَالُكَ لأبِيكَ» (1). ولأنَّ له عليه ولايةً، وله فيه حَقٌّ، فصَحَّ إعْتاقُهُ، كمالِه. ولَنا، أنَّه عِتْقٌ مِن غيرِ مالِكٍ، فلم يَصِحَّ، كإعْتاقِ عَبْدِ وَلَدِه الكَبِيرِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: لمَّا وَرَّثَ الله الأبَ مِن مالِ ابْنِه السُّدْسَ مع وَلَدِه، دَلَّ على أنَّه لا حَقَّ له في سائِره. وقَوْلُه، عليه السلام:«أنْتَ وَمَالُكَ لأبِيكَ» . لم يُزِدْ به حقيقةَ المِلْكِ، وإنَّما أرادَ المُبالغَةَ في وُجُوبِ حَقِّه عليكَ، وإمْكانِ الأخْذِ مِن مالِكَ، وامتِناعِ مُطالبتِك إياه بما أخَذَ منه، ولهذا لم يَنْفُذْ إعْتاقُه لعَبْدِ وَلَدِه الكَبِيرِ الذي وَرَد الخبرُ فيه، وثُبُوتُ الولايةِ له على مالِ وَلَدِه أبْلَغُ في امْتِناعِ إعْتاقِ عبدِه؛ لأنَّه إنَّما أثبَتَ الولايةَ عليه لحَظِّ الصَّبِيِّ؛ ليَحْفَظَ ماله عليه، ويُنَمِّيَه له،
(1) تقدم تخريجه في 7/ 94، وانظر 17/ 106.