الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَسْدَاسِهِ، وَإنْ وَقَعَتْ عَلَى الْآخَرِ، عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَتْسَاعِهِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَأتِي مِنْ هَذَا، فَسَبِيلُهُ أَنْ يُضْرَبَ في ثَلَاثَةٍ؛ لِيَخْرُجَ بِلَا كَسْرٍ.
وَإنْ أعْتَقَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةِ أعْبُدٍ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاتِهِ، أَقْرَعَ
ــ
قِيمَتَهما إلى ذلك، تكُنْ خَمْسَةَ أسْداسِه، فيَعْتِقُ منه كذلك، وإن وقَعَتْ على الآخَرِ، ضَرَبْنا قِيمَتَه في ثَلاثةٍ، تكُنْ تِسعَمائةٍ، ونَسَبْنا قِيمَتَهما، وهي خَمْسُمائةٍ إلى ذلك، نَجِدْها خَمْسَةَ أتْساعِه، فيَعْتِقُ منه ذلك، وهو ثُلُثُ الجَمِيعِ؛ لأنَّنا إذا ضَرَبْنا قِيمَةَ العَبْدَين، وهي خَمسُمائةٍ، في ثَلاثةٍ، كانتْ ألْفًا وخَمْسَمائةٍ، وهي جميعُ المالِ، فالخَمْسُمائةٍ بالنِّسبَةِ إليها ثُلُثٌ، وبالنِّسبَةِ إلى الذي قِيمَتُه مائَتان، خَمْسَةُ أسْداسِه بعدَ الضَّرْبِ، وإلى الآخَرِ خَمْسَةُ أتْساعِه (وكُلُّ شيءٍ أتَى مِن هذا، فسَبِيلُه أن يُضْرَبَ في ثَلاثةٍ؛ ليَخْرُجَ بلا كَسْرٍ) وهذا قولُ مَن يَرَى [جميع العِتْقِ في بعضِ العَبيدِ](1) بالقُرْعَةِ. وعندَ أبي حنيفةَ ومَن وافَقَه، يَعْتِقان فيُسْتَسْعَيان في باقِي قِيمَتِهما. وقد مَضَى الكلامُ مَعهم. والله أعلمُ.
2957 - مسألة: (وإن أعْتَقَ وَاحِدًا مِن ثلاثةِ أعْبُدٍ)
غيرَ مُعَيَّنٍ (فمات أحَدُهُم في حياةِ السَّيِّدِ، أَقرَعَ بَينَه وبينَ الحَيَّين، فإن وَقَعَتْ)
(1) في المبدع 6/ 323: «جمع العتق في بعض العبد» .
بَينَهُ وَبَينَ الْحَيَّينِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى الْمَيِّتِ، رَقَّ الْآخَرَانِ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى أَحدِ الْحَيَّينِ، عَتَقَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ. وإنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَةَ في مَرَضِهِ، فَمَاتَ أحَدُهُمْ في حَيَاةِ السَّيِّدِ، فَكَذَلِكَ في قَوْلِ أَبي بَكْر. وَالْأوْلَى أَنْ يُقْرِعَ بَينَ الْحَيَّينِ، وَيَسْقُطَ حُكْمُ الْمَيِّتِ.
ــ
رُقْعَةُ العِتْقِ (على المَيِّتِ رَقَّ الآخَران) لأنَّ القُرْعَةَ يُبَيَّنُ بها مَن وَقَع عليه العِتْقُ، فوَجَبَ أن يُقْرَعَ بينَهم، كما لو كانوا أحياءً، فإذا وَقَعَتِ القُرْعَةُ على المَيِّتِ تَبَيَّنَ رِقُّ الآخَرَين؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ إنَّما تَقَعُ على المُعْتَقِ، وهذان لم يُعْتَقْ واحدٌ منهما. وإن وَقَعَتْ على أحَدِ الحَيَّين عَتَق، إن خَرَج مِن الثُّلُثِ. وقد سَبَق شَرْحُ هذا، فيما إذا قال: أحَدُ عَبْدَيَّ حُرٌّ. وذَكَرْنا الخِلافَ فيه (1). وإن أعْتَقَ الثَّلاثَةَ في مَرَضِه، فماتَ أحَدُهم في حياةِ السَّيِّدِ، فكذلك، في قولِ أبي بكرٍ؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ إنَّما تَنْفُذُ في الثُّلُثِ، فأشْبَهَ ما لو أعْتَقَ واحدًا منهم. قال شيخُنا:(والأوْلَى أن يُقْرِعَ بينَ الحَيَّين، ويَسْقُطَ حكْمُ الميِّتِ) لأنَّه أعْتَقَ الثَّلاثةَ، والاعْتِبارُ في خُرُوجِه مِن الثُّلُثِ
(1) انظر ما تقدم في صفحة 103.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بحالةِ الموتِ، وحالةُ الموتِ إنَّما كان له العَبْدَان الحيَّان، وهما كلُّ مالِه، فيُقْرَعُ بَينَهما، فمَن وَقَعَتْ عليه القُرْعَةُ، عَتَق، إن خَرَج مِن الثُّلُثِ، وإِلَّا عَتَق منه بقَدْرِ الثُّلُت، وإن بَقِيَ مِن الثُّلُثِ شيءٌ بعدَ عِتْقِه، عَتَق مِن الآخَرِ بقَدْرِ ما بَقِيَ مِن الثُّلُثِ، وصارَ بمنزلَةِ ما لو أعْتَقَ العَبْدَين في مَرَضِه ولم يكُنْ له مالٌ غيرُهم.
فصل: إذا دَفَع العَبْدُ إلى رَجُلٍ مالًا، فقال: اشْتَرِني مِن سَيِّدِي بهذا المالِ فأعْتِقْني. ففَعَلَ، لم يَخْلُ مِن أن يَشْتَرِيَه بعَينِ المالِ، أو في ذِمَّتِه ثم ينْقُدَ (1) المال، فإنِ اشْتَراه في ذِمَّتِه ثم أعْتَقَه، صَحَّ الشِّراءُ ونَفَذ العِتْق؛ لأنَّه مَلَكَه بالشِّراءِ، فنَفذ عِتْقُه له، وعلى المُشْتَرِي أداءُ الثَّمَنِ الذي اشْتَراه
(1) في الأصل: «ينفذ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به؛ لأنَّه لَزِمَه الثَّمَنُ بالبَيعِ، والذي دَفَعَه إلى السَّيِّدِ كان مِلْكًا له، لا يَحْتَسِبُ له به مِن الثَّمَنِ، فبَقِيَ الثَّمَنُ واجِبًا عليه، يَلْزَمُه أداؤُه، وكان العِتْقُ مِن مالِه، والولاءُ له. وبه قال الشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. فأمّا إنِ اشْتراه بعَينِ المالِ، فالشِّراءُ باطِلٌ، ولا يَصِحّ العِتْق؛ لأنَّه اشْتَرَى بعَينِ مالِ غيرِه شيئًا بغيرِ إذْنِه، فلم يَصِحَّ الشِّراءُ، ولم يَنْفُذِ العِتْقُ؛ لأنَّه أعْتَقَ مَمْلوكَ غيرِه بغيرِ إذْنِه، ويكونُ السَّيِّدُ قد أخَذَ ماله؛ لأنَّ ما في يَدِ العَبْدِ مَحْكُومٌ به لسَيِّدِه. فأمّا على الرِّوايةِ التي تقولُ: إنَّ النُّقُودَ لا تَتَعَيَّنُ بالتَّعْيِينِ، فإنَّه يكونُ الحُكْمُ فيه كما لو اشْتَراه في ذِمَّتِه. ونحوَ هذا قال النَّخَعِيُّ، وإسْحاقُ، فإنَّهما قالا: الشِّراءُ والعِتْقُ جائِزان، ويرُدُّ المُشْتَرِي مِثْلَ الثَّمَنِ. مِن غيرِ تَفْرِيقٍ. وقال الحسنُ: البَيعُ والعِتْقُ باطِلان (1). وقال الشَّعْبِيُّ: لا يجوزُ ذلك، ويُعاقَبُ مَن فَعَلَه. مِن غيرِ تَفْرِيقٍ أيضًا. وقد ذَكَرْنا ما يَقْتَضِي التَّفْرِيقَ، وفيه تَوَسُّطٌ بينَ المَذْهَبَين، فكان أوْلَى، إن شاءَ الله تعالى.
(1) في الأصل: «باطل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولو كان العبدُ بينَ شَرِيكَين، فأعْطَى العَبْدُ لأحَدِهما خَمْسِينَ دينارًا على أن يُعْتِقَ نَصِيبَه منه، فأعْتَقَه، عَتَق، وسَرَى إلى باقِيه إن كان مُوسِرًا، ورَجَع عليه شَرِيكُه بنِصْفِ الخَمْسِين، وبنِصفِ قِيمَةِ العَبْدِ؛ لأنَّ ما في يَدِ العَبْدِ يكونُ بينَ سَيِّدَيه، لا يَنْفَرِدُ به أحَدُهما عنٍ الآخَرِ، إلَّا أنَّ نَصيبَ المُعْتِقِ يَنْفُذُ فيه العِتْقُ، وإن كان العِوَضُ مُسْتَحَقًّا، إذا لم يقعِ العِتْقُ على عَينِها، وإنَّما سَمَّى خَمْسِين ثم دَفَعَها إليه. وإن أوْقَعَ العِتْقَ على عَينِها، يَجِبُ أن يَرْجِعَ على العَيدِ بقِيمَةِ ما أعْتَقَه بالعِوَضِ المُسْتَحَقِّ، ويَسْرِي العِتْقُ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، ويكونُ وَلاؤُه للمُعْتِقِ.
فصل: ولو وَكَّلَ أحَدُ الشَّرِيكَين شَرِيكَه في عِتْقِ نَصِيبِه، فقال الوَكِيلُ: نَصِيبِي حرٌّ. عَتَق، وسَرَى إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، والوَلاءُ له. وإن أعْتَقَ نَصِيبَ المُوَكِّلِ، عَتَق، وسَرَى إلى نَصِيبِه، إن كان مُوسِرًا، والوَلاءُ للمُوَكِّلِ. فإن أعْتَقَ نِصْفَ العَبْدِ ولم يَنْو شيئًا، احْتَمَلَ أن يَنْصَرِفَ إلى نَصِيبِه؛ لأنَّه لا يَحْتاجُ إلى نِيَّةٍ، ونَصِيبُ شَرِيكِه يَفْتَقِرُ إلى النِّيَّةِ، ولم يَنْو. ويَحْتَمِلُ أن يَنْصَرِفَ إلى نصِيبِ شَرِيكِه. لأَنه أمَرَه بالإِعْتاقِ، فانْصَرَفَ إلى ما أُمِرَ به. ويَحْتَمِلُ أن يَنْصَرِفَ إليهما؛ لأنَّهما تَساوَيا. وأيُّهما حكَمْنا بالعِتْقِ عليه ضَمِن نصِيبَ شَرِيكِه. ويَحْتَمِل أن لا يَضْمَن؛ لأنَّ الوَكِيلَ إذا أعْتَقَ نَصِيبَه فسَرَى إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مأْذُونٌ له في العِتْقِ، وقد أُعْتِقَ بالسِّرايةِ، فلم يَضْمَنْ، كمَن أُذِنَ له في إتْلافِ شيءٍ، فإنَّه لا يَضْمَنُه وإن أتْلَفَه بالسِّرايَةِ. وإذا أعْتَقَ نَصِيبَ شَرِيكِه لم يَلْزَمْ شَرِيكَه الضَّمانُ؟ لأنَّه مُباشِرٌ لسَبَبِ الإِتْلافِ، فلم يَجبْ له ضَمانُ ما تَلِف به، كما لو قال له أجْنبيٌّ: أعْتِقْ عَبْدَك. فأعْتَقَه. والله تعالى أعلمُ.