الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اخْتَلَفَا في قَدْرِ عِوَضِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَينَ.
ــ
3035 - مسألة: (وإنِ اخْتَلَفا في قَدْرِ عِوَضِها، فالقولُ قولُ السيدِ في إحْدَى الرِّوايَتَين)
إذا اخْتَلَفا في عِوَضِ الكتابةِ، فقال السيدُ: كاتَبْتُكَ على ألْفَين. وقال المُكاتَبُ: على ألْفٍ. فعنه ثلاثُ رِواياتٍ؛ أحدُها، القولُ قولُ السيدِ. ذَكَرَه الخِرَقِيُّ. قال القاضي: هذا المذهبُ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الكَوْسَجِ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، والأوْزَاعِيِّ، وإسحاقَ. وقال أبو بكرٍ: اتَّفَقَ أحمدُ والشافعيُّ على أنَّهما يَتَحالفان ويتَرادَّان. وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمدٍ؛ لأنَّهما اخْتَلَفا في عِوَضِ العَقْدِ القائِمِ بينَهما، فيَتَحالفانِ إذا لم تَكُنْ بَيِّنَةٌ، كالمُتَبايِعين. وحُكِيَ عن أحمدَ رِوايَةٌ ثالِثَةٌ، أنَّ القولَ قَوْلُ المُكاتَبِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ للألْفِ الزَّائِدِ، والقولُ قولُ المُنْكِرِ؛ لأنَّه مُدَّعًى عليه، فيَدْخُلُ في عُمُومِ قولِه عليه السلام:«ولَكِنَّ اليَمِينَ على المُدَّعَى عليه» (1). ووَجْهُ الأُولَى، أنَّه اخْتِلافٌ في الكِتابَةِ، فالقولُ قولُ السيدِ فيه، كما لو اخْتَلَفا في أصْلِها، ويُفارِقُ البَيعَ مِن وَجْهَين؛ أحَدُهما، أنَّ الأصْلَ في البَيعِ عَدَمُ
(1) تقدم تخريجه في 12/ 478.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِلْكِ كلِّ واحِدٍ منهما لما صار إليه، والأصْلُ في المُكاتَبِ وكَسْبِه أنَّه لسيدِه، فالقولُ قولُه فيه. الثاني، أنَّ التَّحالُفَ في البَيعِ مُفِيدٌ، ولا فائِدَةَ في التَّحالُفِ في الكتابةِ، فإنَّ الحاصِلَ منه يَحْصُلُ بيَمِينِ السيدِ وحْدَه، وبَيانُ ذلك أنَّ الحاصِلَ بالتَّحالُفِ فَسْخُ الكِتابَةِ ورَدُّ العَبْدِ إلى الرِّقِّ إذا لم يَرْضَ بما حَلَفَ عليه سيدُه، وهذا يَحْصُلُ عندَ مَن جَعَلَ القولَ قولَ السيدِ مع يَمِينِه، فلا يُشْرَعُ التَّحالُفُ مع عَدَم فائِدَتِه. وإنَّما قَدَّمْنا قولَ المُنْكِرِ في سائِرِ الموَاضِعِ؛ لأنَّ الأصْلَ مَعه، والأَصْلُ ههُنا مع السيدِ؛ لأنَّ الأصْلَ مِلْكُه للعبدِ وكَسْبِه. إذا ثَبَتَ هذا، فمتى حَلَفَ السيدُ ثَبَتتِ الكتابةُ بألْفَين، كما لو اتَّفَقا عليها، وسَواءٌ كان اخْتِلافُهما قبلَ العِتْقِ أو بعدَه، مِثلَ أن يدفَعَ إليه ألْفَين فيَعْتِقَ، ثُم يدَّعِيَ المُكاتَبُ أنَّ أحَدَهما عن الكتابةِ والآخَرَ ودِيعَةٌ، ويقولَ السيدُ: بل هما (1) جميعًا مالُ الكتابةِ. ومَن قال بالتَّحالُفِ، قال: إذا تحَالفا فلكُلِّ واحِدٍ منهما فَسْخُ الكتابةِ، إلَّا أن يَرْضَى بقولِ صاحِبِه، وإن كان التَّحالُفُ بعدَ العِتْقِ في مثلِ الصُّورَةِ التي ذَكَرْناها لم ترتَفِعِ الحُرِّيةُ؛ لأنَّها لا يُمْكِنُ رَفْعُها بعدَ حُصُولِها ولا إعادَةُ الرِّق بعدَ رَفْعِه، ولكن يَرْجِعُ السيدُ بقِيمتِه، ويَرُدُّ عليه ما أدَّى إليه، فإن كانا مِن جِنْسٍ واحِدٍ تَقاصَّا بقَدْرِ أقَلِّهِمَا، وأخَذَ ذُو الفَضْلِ فَضْلَه.
(1) في م: «هي» .