الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَال: إِذَا أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِكَ. فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ، عَتَقَ عَلَيهِمَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا.
ــ
2932 - مسألة: (وإن قال: إذا أعْتَقْتَ نَصيبَكَ فنَصِيبي حُرٌّ مع نَصيبِكَ. فأعْتَقَ نَصيبَه، عَتَق عليهما، مُوسِرًا كان أو مُعْسِرًا)
ولم يَلْزَمِ المُعْتِقَ شيءٌ؛ لأنَّ العِتْقَ وُجِد منهما معًا، فهو كما لو وكَّلا رجلًا في إعْتاقِه عنهما [فأعْتَقَه بلفظٍ واحدٍ] (1). وقِيلَ: يَعْتِقُ كلُّه على المُعْتِقِ؛ لأنَّ إعْتاقَ نَصيبِه شَرْطُ عِتْقِ نَصيبِ شَرِيكِه، فيَلْزَمُ أن يكونَ سابِقًا عليه. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّه أمْكَنَ العَمَلُ بمُقْتَضَى شَرْطِه، فوَجَبَ العَمَلُ به؛ لِما ذَكَرْناه.
فصل: فإن قال: إذا أعْتَقْتَ نَصيبَك فنَصِيبي حُرٌّ قبلَ إعْتاقِك. وَقَعا معًا إذا أعْتَقَ نَصِيبَه. هذا مُقْتَضَى قولِ أبي بكرٍ، والقاضي. ومُقْتَضَى قَوْلِ ابنِ عَقِيلٍ، أن يَعْتِقَ كلّه على المُعْتِقِ، ولا يَقَعَ إعْتاقُ شَرِيكِه؛ لأنَّه إعْتاقٌ في زَمَنٍ ماضٍ. ومُقْتَضَى قولِ ابنِ سُرَيجٍ (2) ومَن وَافَقَه، مِمَّن قال بسِرايَةِ العِتْقِ، أن لا يَصِحَّ إعْتاقُه؛ لأنَّه يَلْزَمُ مِن عِتْقِه (3) نصِيبَه تَقَدُّمُ
(1) في م: «فأعتقهما» .
(2)
في الأصل، م:«شريح» .
(3)
في م: «عتق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عِتْقِ الشَّرِيكِ وسِرَايَتُه، فيَمْتَنِعُ إعْتاقُ نَصِيبِ هذا، ويَمْتَنِعُ عِتْق نَصِيبِ الشَّرِيكِ، ويُفْضِي إلى الدَّوْرِ، فيَمْتَنِعُ الجَمِيعُ. وسَنَذْكُرُ ذلك في الطَّلاقِ، إن شاء اللهُ تعالى.
فصل: إذا كان لرجلٍ نِصْفُ عَبْدَين مُتَساويَين في القِيمَةِ، لا يَمْلِكُ غيرَهما، فأعْتَقَ أحَدَهما في صِحَّتِه، عَتَق، وسَرَى إلى نَصيبِ شَرِيكِه؛ لأنَّه مُوسِرٌ بالنِّصْفِ الذي له مِن العَبْدِ الآخَرِ، فإن أعْتَقَ النِّصفَ الآخَرَ، عَتَقَ؛ لأنَّ وُجُوبَ القِيمَةِ في ذِمَّتِه لا يَمْنَعُ صِحَّةَ عِتْقِه، ولم يَسْرِ؛ لأنَّه مُعْسِرٌ. وإن أعْتَقَ الأوَّلَ في مَرَضِ مَوْتِه، لم يَسْرِ؛ لأنَّه إنَّما يَنْفُذُ عِتْقُه في ثُلُثِ مالِه، وثُلُثُ مالِه هو الثُّلُثُ مِن العَبْدِ الذي أعْتَقَ نِصْفَه، وإذا أعْتَقَ الثانِيَ وَقَف على إجازَةِ الوَرَثَةِ. فإن أعْتَقَ الأوَّلَ في صِحَّتِه وأعْتَقَ الثانِيَ في مَرَضِه، لم يَنْفُذْ عِتْقُ الثاني؛ لأنَّ عليه دَينًا يَسْتَغْرِق قِيمَتَه، فيَمْنَعُ صِحَّةَ عِتْقِه، إلَّا أن يُجِيزَ الوَرَثَة.
فصل: إذا شَهِد شاهِدان على رجلٍ أنَّه أعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ فسَرَى إلى نَصِيبِ الشَّرِيكِ، وغَرِم له قِيمَةَ نَصِيبِه، ثم رَجَعا عن الشَّهادَةِ، غَرِ ما قِيمَةَ العَبْدِ جَمِيعِه. وقال بعضُ أصْحاب الشافعيِّ: تَلْزَمُهما غَرامَةُ نَصِيبِه، دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِه؛ لأنَّهما لم يَشْهَدا إلَّا بعِتْقِ نَصِيبِه، فلم تَلْزَمْهما غَرَامَةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما سِواه. ولَنا، أنَّهما فَوَّتا عليه نَصِيبَه وقِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِه، فلَزِمَهما ضَمانُه، كما لو فَوَّتَاه بفِعْلِهما، وكما لو شَهِدا عليه بجُرْحٍ ثم سَرَى الجُرْحُ وماتَ المَجْرُوحُ فضَمِنَ الدِّيَةَ ثم رَجَعا عن شَهادَتِهما.
فصل: وإن شَهِد شاهِدان على مَيِّتٍ بعِتْقِ عَبْدٍ (1) في مَرَضِ مَوْتِه، وهو ثُلُثُ مالِه، فحكَمَ الحاكِمُ بشَهادَتِهما، وعَتَق العَبْدُ، ثم شَهِد آخَران بعِتْقِ آخَرَ، وهو ثُلُثُ مالِه، ثم رَجَع الأوَّلان عن الشَّهادَةِ، نَظَرْنا في تاريخِ شَهادَتِهما؛ فإن كانت سابِقَةً ولم يُكَذِّبِ الوَرَثَة رُجُوعَهما، عَتَق الأوَّلُ، ولم يُقْبَلْ رُجُوعُهما، ولم يَغْرَما شيئًا. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَهما شِراءُ الثاني وإعْتاقُه؛ لأنَّهما مَنَعا عِتْقَه بشَهادَتِهما المَرْجُوعِ عنها. وإن صَدَّقوهما في رُجُوعِهما وكَذَّبُوهما في شَهادَتِهما، عَتَق الثاني، ورَجَعُوا عليهما بقِيمَةِ الأوَّلِ؛ لأنَّهما فَوَّتا رِقَّه عليهمْ بشَهادَتِهما المَرْجُوعِ عنها، وإن كان تاريخُها (2) مُتَأخِّرًا عن الشَّهادَةِ الأُخْرَى بَطَل (3) عِتْقُ المَحْكُومِ بعِتْقِه؛
(1) في الأصل: «عتق» .
(2)
في الأصل: «تاريخهما» .
(3)
بعده في م: «حكم» .
فَصْلٌ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ؛ كَدُخُولِ الدَّارِ، وَمَجِئِ الْأَمْطَارِ. وَلَا يَمْلِكُ إِبْطَالهَا بِالْقَوْلِ. وَلَهُ بَيعُهْ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ، وَغَيرُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَادَ إِلَيهِ عَادَتِ الصِّفَةُ.
ــ
لأنَّنا تَبَيَّنّا أنَّ المَيِّتَ قد أعْتَقَ ثُلُثَ مالِه قبْلَ إعْتاقِه، ولم يَغْرَمِ الشّاهِدان شيئًا؛ لأنَّهما ما فَوَّتا شَيئًا، وإن كانَتا مُطْلَقَتَين أو إحْداهما، أو أتَّفَقَ تَارِيخُهما، أُقْرِعَ بَينَهما، فإن خَرَجَتْ على الثاني عَتَق، وبَطَل عِتْقُ الأوَّلِ، ولا شيءَ على الشّاهِدَين؛ لأنَّ الأوَّلَ باقٍ على الرِّقِّ، وإن خَرَجَتْ قُرْعَةُ الأوَّلِ عَتَق، ونَظَرْنا في الوَرَثَةِ، فإذا كَذَّبُوا الشّاهِدَين الأوَّلَين في شَهادَتِهما عَتَق الثاني، ورَجَعُوا على الشّاهِدَين بقِيمَةِ الأوَّلِ؛ لأنَّهما فَوَّتا رِقَّه بغيرِ حَقٍّ. وإن كَذَّبُوهما في رُجُوعِهما لم يَرْجِعُوا عليهما بشيءٍ؛ لأنَّهم يُقِرُّون بعِتْقِ المَحْكُومِ بعِتْقِه.
فصل: قال الشيخُ، رضي الله عنه:(ويَصِحُّ تَعْلِيقُ العِتْقِ بالصِّفاتِ؛ كدُخُولِ الدّارِ، ومَجِئِ الأمْطارِ) لأنَّه عِتْق بصِفةٍ، فصَحَّ، كالتَّدْبِيرِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإذا عَلَّقَ عِتْقَه على مَجئِ وَقْتٍ، كقَوْلِه: أنت حُرٌّ في رأْسِ الحَوْلِ. لم يَعْتِقْ حتى يأْتِيَ (1) رَأْسُ الحَوْلِ (وله بَيعُه، وهِبَتُه) وإجارَتُه، وَوَطءُ الأمَةِ، كالتَّدْبِيرِ. وبه قال الأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرِ. قال أحمدُ: إذا قال لغُلامِه: أنت حُرٌّ إلى أن يَقْدَمَ فُلانٌ، ومَجئِ (1) فُلانٍ. واحِدٌ (2)، و: إلى رَأْسِ السَّنَةِ، وإلى رَأْسِ الشَّهْرِ. إنَّما يُرِيدُ إذا جاء رَأْسُ السَّنَةِ، أو جاء رأْسُ الهِلالِ. وإذا قال: أنتِ طالِقٌ إذا جاء الهِلالُ. إنَّما تَطْلُقُ (3) إذا جاء رأْسُ الهِلالِ. وقال إسحاقُ كما قال أحمدُ. وحُكِيَ عن مالكٍ أنَّه قال: إذا قال لعَبْدِه: أنت حُرٌّ في رَأْسِ الحَوْلِ. عَتَق في الحالِ. والذي حكاه ابنُ المُنْذِرِ عنه، أنَّها إذا كانت جَارِيَةً لم يَطَأْها؛ لأنَّه لا يَمْلِكُها مِلْكًا تَامًّا، ولا يَهَبُها، ولا يَبِيعُها، وإن مات السَّيِّدُ قبلَ الوَقْتِ كانت حُرَّةً عندَ الوَقْتِ مِن رَأْسِ المالِ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ أنَّه لا يَطَؤُها؛ لأنَّ مِلْكَه غيرُ تامٍّ عليها. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لِما رُوِيَ عن أبي ذَرٍّ، أنَّه قال لعَبْدِه: أنت عَتِيقٌ إلى رَأْسِ الحَوْلِ (4). فلَوْلَا أنَّ العِتْقَ يَتَعَلَّقُ
(1) في م: «يجئ» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: «يريد» .
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال: لا يطلق حتى يحل الأجل، من كتاب الطلاق. المصنف 5/ 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالحَوْلِ لم يُعَلِّقْه عليه، ولأنَّه عَلَّقَ العِتْقَ بصِفَةٍ، فوَجَبَ أن يَتَعَلَّقَ بها، كما لو قال: إذا أدَّيتَ إليَّ ألفًا فأنْتَ حُرٌّ. واسْتِحْقاقُه للعِتْقِ لا يَمْنَعُ إباحَةَ الوَطْءِ، كالاسْتِيلادِ. فأمّا المُكاتَبَةُ، فإنَّما لم يُبَحْ وَطْؤُها؛ لأنَّها اشْتَرَتْ نَفْسَها مِن سَيِّدِها بعِوَضٍ، وزال مِلْكُه عن اكْتسابِها، بخِلافِ مَسْألتِنا. ومتى جاء الوَقْتُ وهو في مِلْكِه عَتَق بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه. فإن خَرَج عن مِلْكِه بِبَيعٍ أو مِيراثٍ، لم يَعْتِقْ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. وقال النَّخَعِيُّ، وابنُ أبي لَيلَى: إذا قال لعَبْدِه: إن فَعَلْتَ كذا فأنْتَ حُرٌّ. فباعَه بَيعًا صحِيحًا، ثم فَعَل ذلك، عَتَق وانْتَقَضَ البَيعُ. قال ابنُ أبي لَيلَى: إذا حَلَف بالطَّلاقِ لا كَلَّمْتُ فُلانًا، ثم طَلَّقَها طَلاقًا بائنًا، ثم كَلَّمَه، حَنِث. وعامَّةُ أهلِ العلمِ على خِلافِ [هذا القولِ؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال] (1):«لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ وَلَا بَيعَ فِيما لَا يَمْلِكُ ابنُ آدَمَ» (2). ولأنَّه لا مِلْكَ له، فلم يَقَعْ طَلاقُه وعَتاقُه، كما لو لم يكُنْ له مالٌ مُتَقَدِّمٌ.