الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ.
ــ
ثُلُثُه مَوْقُوفًا، فكلَّما اقْتُضِيَ مِن الدَّينِ شيءٌ عَتَقَ مِن المُدَبَّرِ قَدْرُ سُدْسِه، وكان المُسْتَوْفَى بينَ الابنينِ والوَصِيِّ أسْداسًا؛ للوَصِيِّ سُدْسُه، ولهما خمسةُ أسْداسِه، فيَحْصُلُ لكلِّ واحدٍ نِصْفُ المائةِ وثُلُثُها وسُدْسُ العَبْدِ، وهو قَدْرُ حَقِّه، ويَحْصُلُ للوَصِيِّ [سُدْسُ المائتين و](1) سُدْسُ العَبْدِ وهو قَدْرُ حَقِّه، ويَعْتِقُ مِن المُدَبَّرِ نِصْفُه، وهو قَدْرُ حَقِّه.
2974 - مسألة: (وإذا قَتَلَ المُدَبَّرُ سيدَه بَطَلَ تَدْبِيرُه) [
إنَّما بَطَلَ تَدْبيرُه] (1) لأمْرَين؛ أحدُهما، أنَّه قَصَدَ اسْتِعْجال العِتْقِ بالقَتْلِ المُحَرَّمِ، فعُوقِبَ بنَقِيضِ قَصْدِه، وهو إبْطالُ التَّدْبِيرِ، كمَنْعِ المِيراثِ بقَتْلِ المَوْرُوثِ. ولأنَّ العِتْقَ فائدةٌ تَحْصُل بالموتِ، فتنتَفِي بالقَتلِ، كالإرْثِ والوَصِيِّةِ. والثاني، أنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ، فيَبْطُلُ بالقَتْلِ، كالوَصِيَّةِ بالمالِ. ولا يَلْزَمُ على هذا عِتْقُ أُمِّ الولَدِ؛ لكَوْنِها آكَدَ، فإنَّها صارَت
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالاسْتِيلادِ بحالٍ لا يُمْكِنُ نَقْلُ المِلْكِ فيها، ولذلك لم يَجُزْ بَيعُها، ولا هِبَتُها، ولا رَهْنُها، ولا الرُّجُوعُ عن ذلك بالقولِ (1)، ولا غيرِه. والإِرْثُ نوعٌ مِن النَّقْلِ، فلو لم تَعْتِقْ [بموتِ سَيدِها، انْتَقَلَ](2) المِلْكُ فيها إلى الوارثِ، ولا سَبِيلَ إليه، بخِلافِ المُدَبَّرِ، ولأنَّ سَبَبَ حُرِّيةِ أُمِّ الوَلَدِ الفِعْلُ والبَعْضِيَّةُ التي (3) حَصَلَتْ بينَها وبينَ سيدِها بواسِطَةِ ولَدِها، وهو آكَدُ مِن القولِ، ولهذا نَفَذَ اسْتِيلادُ المَجْنُونِ، ولم يَنْفُذْ إعْتاقُه ولا تَدْبِيرُه، وسَرَى حُكْمُ اسْتِيلادِ المُعْسِرِ إلى نَصِيبِ شَرِيكِه، بخِلافِ الإعْتاقِ، وعَتَقَت مِن رأسِ المالِ. والتَّدْبِيرُ لا يَنْفُذُ (4) إلَّا في الثُّلُثِ، ولا يَمْلِكُ الغُرَماءُ إبْطال عِتْقِها وإن كان سيدُها مُفلِسًا، بخِلافِ المُدَبَّرِ، ولا يَلْزَمُ [مِن](5) الحُكْمِ في مَوْضِع تأَكُّدُ الحُكْمِ فيما دُونَه؛ كما لم (6) يَلْزَمْ إلْحاقه به في
(1) في م «القول» .
(2)
في الأصل: «لانتقل» .
(3)
في م: «الَّذي» .
(4)
في الأصل: «ينقل» .
(5)
زيادة من المغني.
(6)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذه المَواضِعِ التي افْتَرَقَا فيها. إذا ثَبَتَ هذا، فلا فَرْقَ بينَ [كَونِ القتلِ](1) عمدًا أو خَطَأً؛ كما لا فَرْقَ بينَ (2) ذلك في حِرْمانِ الإِرْثِ، وإبْطالِ وَصِيَّةِ القَاتِلِ.
فصل: فأمَّا سائِرُ جناياتِه غيرَ قتلِ سَيدِه، فلا تُبْطِلُ تَدْبِيرَه، لكن إن كانت جِنايةً مُوجِبَةً للمالِ أو للقِصاصِ، فَعَفا الوَلِيُّ إلى المالِ، تَعَلَّقَ المالُ بِرَقَبتِه، فمَن جَوَّزَ بَيعَه جَعَلَ سيدَه بالْخِيَارِ بينَ تَسْلِيمِه فيُباعُ في الجِنايَةِ وبينَ فِدائِه؛ فإن سَلَّمه في الجِنايَةِ فبِيعَ فيها بَطَلَ تَدْبِيرُه، وإن عاد إلى سيدِه عاد تَدْبِيرُه. وإنِ اخْتارَ فِداءَه وفَداهُ بما يُفْدَى به العبدُ (3)، فهو مُدَبَّرٌ بحالِه، ومَن لم يُجِزْ بَيعَه أوْجَبَ فداءَه على سيدِه، كأُمِّ الولَدِ وإن كانتِ الجِنايَةُ مُوجِبَة للقِصاصِ، فاقْتُصَّ منه في النَّفْسِ، بَطَلَ تَدْبِيرُه. وإنِ اقْتُصَّ منه في الطَّرْفِ فهو مُدَبَّرٌ بحالِه. وإذا مات سيدُه بعَد جِنايَتِه وقبلَ اسْتِيفائِها، عَتَقَ على كلِّ حالٍ، سواءٌ كانت مُوجِبةً للمالِ أو للقِصاصِ، لأنَّ صِفَةَ العِتْقِ وُجِدَتْ فيه، فأشْبَهَ ما لو باشَرَه به. فإن كان (3) الواجِبُ قِصاصًا، اسْتُوفِيَ، سواءٌ كانت جِنايَتُه على عبدٍ أو حُرٍّ، لأنَّ القِصاصَ قد اسْتَقَرَّ وُجُوبُه عليه في حالِ رِّقه، فلا يَسْقُطُ بحُدُوثِ الحُرِّيةِ فيه. وإن كان الواجِبُ عليه مالًا في رَقَبَتِه، فُدِيَ بأقَلِّ الأمْرين مِن قِيمَتِه [أو أرْشِ](4)
(1) في م: «كونه» .
(2)
في م: «في» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[جِنايَتِه. وإن جُنِيَ على المُدَبَّرِ، فأرْشُ الجِنايةِ لسيدِه. فإن كانت الجنايةُ على نَفْسِه، وَجَبَتَ قِيمَتُه](1) لسيدِه، وبَطَلَ التَّدْبِيرُ بهَلاكِه. فإن قِيلَ: فهلَّا جَعَلْتُمْ قِيمَتَه قامْةً مَقامَه، كالعبدِ المَرْهُونِ والمَوْقُوفِ؟ قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما مِن ثلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أنَّ كُلَّ واحدٍ مِن الوَقْفِ والرَّهْنَ لازمٌ، فتَعَلَّقَ الحَقُّ ببَدَلِه، والتَّدْبِيرُ غيرُ لازم؛ لأنَّه يُمْكِنُ إبْطالُه بالبَيعِ وغيرِه، فلم يتَعَلَّقِ الحَقُّ ببَدَلِه. الثاني، أنَّ الحَقَّ في التَّدْبِيرِ للمُدَبَّرِ، فبَطَلَ حَقُّه بفَواتِ مُسْتَحِقِّه، والبَدَلُ لا يَقومُ مَقامَه في الاسْتِحقاقِ، والحَقُّ في الوَقْفِ للمَوْقُوفِ عليه، وفي الرَّهْنِ للمُرْتَهِنِ، وهو باقٍ، فثَبَتَ حَقه في بَدَلِ محَلِّ حَقِّه. الثالثُ، أنَّ المُدَبَّرَ إنَّما ثَبَتَ حَقُّه بوُجُودِ موتِ سيدِه، فإذا هَلَكَ قبلَ سيدِه فقد هَلَكَ قبلَ ثُبُوتِ الحَقِّ له، فلم يَكُنْ له بَدَلٌ، بخِلافِ الرَّهْنِ والوَقْفِ، فإنَّ الحَقَّ ثابِتٌ فيهما، فقامَ بدَلُهُما مَقامَهما، وبينَ الرَّهْنِ والمُدَبَّرِ فَرْقٌ رابعٌ، وهو أنَّ الواجِبَ القِيمةُ، ولا يُمْكِنُ وجودُ التَّدْبيرِ فيها، ولا قِيامُها مَقامَ المُدَبَّرِ فيه. وإن أخَذَ عبدًا مكانَه، فليس هو البَدَلَ، إنَّما هو بَدَلُ القِيمَةِ، بخِلافِ الرَّهْنِ؛ فإنَّ القِيمَةَ يجوزُ أن تكونَ رَهْنًا. فإن قِيلَ: فهذا يَلْزَمُ عليه المَوْقُوفُ، فإَّنه إذا قُتِلَ (2) اخِذَتْ قِيمَتُه فاشْترِيَ بها عبدٌ يكونُ وَقْفًا مكانَه. قلْنا: قد حَصَلَ الفَرْقُ بينَ المُدَبَّرِ والرَّهْنِ من الوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وكَوْنُه لا يَحْصُلُ الفَرْقُ بينَه وبينَ الوَقْفِ مِن هذا الوَجْهِ، لا يَمْنَعُ أن يَحْصُلَ الفَرْقُ بينَه وبينَ الرَّهْنِ به. والله أعلمُ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «قيل» .