الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ.
ــ
فصل: فإنِ اجْتَمَعَ العِتْقُ في المَرضِ، والتَّدْبِيرُ، قُدِّمَ العِتْقُ، لأنَّه أسْبَقُ. وإنِ اجْتَمَعَ التَّدْبيرُ والوَصِيَّةُ بالعِتقِ، تَساوَيا؛ لأنَّهما جميعًا عتقٌ بعدَ المَوتِ. ويَحْتَمِلُ أن يُقَدَّمَ التدبِيرُ؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ تَقَعُ فيه عَقِيبَ المَوتِ مِن غيرِ تَأخُّرٍ، والوَصِيَّةُ تَقِف على الإِعْتاقِ بعدَه.
2959 - مسألة: (ويَصِحُّ مِن كلِّ مَن تَصِحُّ وَصِيَّتُه)
لأنَّه تَبَرُّعٌ بالمالِ بعدَ الموتِ، أشْبَهَ الوَصِيَّةَ. وقال الخِرَقِيُّ: يَصِحُّ تَدْبيرُه إذا جاوزَ العَشْرَ وكان يَعْرِفُ التدبِيرَ. وكذلك الجارِيَةُ إذا جاوزتِ التِّسْعَ. وقال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعيُّ في أحَدِ قَوْلَيه: يَصِحُّ تدبيرُ الصَّبِيِّ المُمَيِّزِ. قال بعضُ أصحابِه: هو أصَحُّ قَوْلَيه. وهو إحْدَى الرِّوايتين عن مالكٍ. ورُوِيَ ذلك عن شرَيحٍ، وعبدِ الله بِنِ عُتْبَةَ. وقال الحسنُ، وأبو حنيفةَ: لا يَصِحُّ تدبيرُه. وهو إحْدَى الرِّوايَتَين عن مالكٍ، والقولُ الثاني للشافعيِّ؛ لأنَّه لا يَصِحُّ إعْتاقُه، فلم يَصِحَّ تَدبيرُه، كالمَجنونِ. ولَنا، أنَّ عمرَ، رضي الله عنه، أجازَ وَصِيَّةَ غُلامٍ مِن الأنْصارِ لأخْوالِه مِن غَسَّانَ بأرْض يُقالُ لها: بِئْرُ جُشَمَ (1)، قُوِّمَتْ بثَلاثينَ ألْفًا. رواهُ سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ (2). وكان الغُلامُ ابنَ عَشْرِ سِنِين، ورُوِيَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. ولم يُعْرَفْ له مُخالِفٌ. والتدبِيرُ في معنى الوَصِيَّةِ. وقد ذكَرْنا ذلك في كتابِ الوَصايا. ويُخالِفُ التدبيرُ العِتْقَ في الحياةِ؛ لأنَّ فيه تَفْويتًا لمالِه في حياتِه ووقْتِ حاجَتِه. والوَصِيَّة والتدبيرُ، لَا ضَرَرَ عليه فيهما، فإنَّه إن عاش لم يذْهَبْ شيءٌ مِن مالِه. وإن مات فهو غيرُ مُسْتَغْنٍ عن الثوابِ، فيكونُ ذلك زيادَةً في رَفْعِ دَرَجَتِه. وإنَّما خَصَّ الخِرَقِيُّ ابنَ عَشْرِ سِنِينَ؛ لأنَّه يُؤْمَرُ بالصَّلاةِ، والجارِيَةَ بتِسْعٍ؛ لقولِ عائشَةَ: إذا بَلَغَتِ الجارِيَةُ تِسْعَ سِنين فهي امرأةٌ (3). ولأنَّه سِنٌّ يمكِنُ بُلوغُها فيه، ويَتَعَلَّقُ به أحكامٌ غيرُ ذلك. فأمّا المجْنونُ فلا يَصِحُّ شيءٌ مِن تَصَرُّفاتِه، فلذلك لم يَصِحَّ [تدْبيرُه. ويَصِحُّ](4)
(1) بئر جشم: موضع معروف بحوائط المدينة.
(2)
تقدم تخريجه في 17/ 198.
(3)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 29.
(4)
سقط من: الأصل.