الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَبْطُلُ الصِّفَةُ بِمَوْتِه.
فَإِنْ قَال: إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ. أَوْ: أنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. فَهَلْ يَصِحُّ ويَعْتِقُ بِذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
2935 - مسألة: (وتَبْطُلُ الصِّفَةُ بالمَوْتِ)
لأنَّ مِلْكَه يَزُوْلُ بمَوْتِه، فتَبْطُلُ تَصَرُّفاتُه بزَوالِه، كالبَيعِ.
2936 - مسألة: (فإن قال: إن دَخَلْتَ الدّارَ [فأنت حُرٌّ بعدَ مَوْتِي]
(1). أو: أنت حُرٌّ بعَد مَوْتِي بشَهْرٍ. فهل يَصِحُّ ويَعْتِقُ بذلك؟ على روايتين) إذا قال: إن دَخَلْتَ الدّارَ بعَد مَوْتِي فأنت حُرٌّ. لم تَنْعَقِدْ هذه الصِّفَةُ (2)؛ لأنَّه عَلَّقَ عِتْقَه على صِفَةٍ تُوجَدُ بعدَ زَوالِ مِلْكِه، فلم يَصِحَّ، كما لو قال: إن دَخَلْتَ الدّارَ بعدَ بَيعِي إيّاك فأنت حُرٌّ. ولأنَّه إعْتاقٌ له بعدَ قَرارِ مِلْكِ غيرِه عليه، فلم يَعْتِقْ به، كالمُنْجَزِ. والثانِيَةُ، يَعْتِقُ. ذَكَرَه القاضي. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه صَرَّحَ بذلك، فحُمِلَ عليه، كما
(1) كذا في النسخ الثلاث.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لو وَصَّى بإعْتاقِه، وكما لو وَصَّى ببيعِ سِلْعةٍ ويُتصَدَّقُ (1) بثَمَنِها، ويُفارِقُ التَّصرُّفَ بعدَ البَيعِ؛ فإنَّ اللهَ تعالى جَعَل للإِنْسانِ التَّصرُّفَ بعدَ مَوْتِه في ثُلُثِه، بخِلاف ما بعدَ البَيعِ. والأوَّلُ أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى. ويُفارِقُ الوَصِيَّةَ بالعِتْقِ وبَيعَ السِّلْعَةِ؛ لأنَّ المِلْكَ لا يَسْتَقِرُّ للوَرَثَةِ فيه، ولا يَمْلِكُونَ التَّصرُّفَ فيه، بخِلافِ مَسْألتِنا. وسَنَذْكُرُ ذلك بأبْسَطَ مِن هذا في التَّدْبِيرِ، إن شاء اللهُ تعالى. وعنه، يَصِحُّ؛ لأنَّه إعْتاقٌ بعدَ الموتِ، فصَحَّ، كما لو قال: أنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي. فإن قال: أنت حُرٌّ بعدَ مَوْتِي بشَهْرٍ. فقد رُوِيَ عن أحمدَ في رِوايَةِ مُهَنّا، أنَّه لا يَعْتِقُ، ولا تَصِحُّ هذه الصِّفَةُ. وقال أيضًا: سألتُ أحمدَ عن رجلٍ قال: أنتَ حُرٌّ بعدَ مَوْتِي
(1) في الأصل: «تصدق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بشهرٍ، بألْفِ دِرْهَم. فقال لي (1): هذا كُلُّه لا يكونُ شَيئًا بعدَ مَوْتِه. وهذا اخْتِيارُ أبي بكرٍ. وذَكَر القاضي، وابنُ أبي مُوسَى رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه يَعْتِقُ إذا وُجِدَتِ الصِّفتان (2)؛ الموتُ، ومُضِيُّ المُدَّةِ المذْكورةِ. وهذا قولُ الثَّوْرِيِّ، وأبي يُوسُفَ، وإسحاقَ. ووَجْهُهما ما تقَدَّمَ. وقال أصحابُ الرَّأْي: لا يَعْتِقُ حتى يُعْتِقَه الوارِثُ. وعلى قولِ مَن قال: يَعْتِقُ. يكونُ قبلَ العِتْقِ مِلْكًا للوارِثِ، وكَسْبُه له، كأُمِّ الوَلَدِ، والمُدَبَّرِ في حياةِ السَّيِّدِ، [وإن كان أمَةً، فوَلَدتْ قبلَ وُجُودِ الصِّفَةِ](3)، فوَلَدُها يَتْبَعُها في التَّدْبِيرِ، ويَعْتِقُ بوُجُودِ الصِّفَةِ، كَما تَعْتِقُ هي. واللهُ سبحانه أعلمُ.
(1) سقط من: م.
(2)
بعده في م: «بعد» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا قال لعَبْدٍ له مُقَيَّدٍ: هو حُرٌّ إن حَلَّ قَيدَهُ. ثم قال: هو حُرٌّ إن لم يَكُنْ في قَيدِه عَشَرةُ أرْطالٍ. فشَهِدَ شاهدان عندَ الحاكِمِ أنَّ وَزْنَ قَيْدِه خَمْسَةُ أرْطالٍ، فحَكَمَ بعِتْقِه، وأمَرَ بحَلِّ قَيدِه، فوُزِنَ فوُجِدَ وَزْنُهُ عَشَرَةَ أرْطالٍ، عَتق العبدُ بحَلِّ قَيدِه، وتَبَيَّنّا أنَّه ما عَتَق بالشَّرْطِ الذي حَكَم الحاكمُ بعِتْقِه به. وهل يَلْزَمُ الشاهِدَين ضَمانُ قِيمَتِه؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَلْزَمُهما؛ لأنَّ شهادَتَهما الكاذِبَةَ سَبَبُ عِتْقِه وإتْلافِه، فضَمِناه، كالشَّهادَةِ المَرْجُوعِ عنها، ولأنَّ عِتْقَه حُكِم بحُكْمِ الحاكِمِ المَبْنِيِّ على الشَّهادَةِ الكاذِبَةِ، فأشْبَهَ الحُكْمَ بالشَّهادَةِ التي يَرْجعان عنها. وهذا قولُ أبي حنيفةَ. والثاني، لا ضَمانَ عليهما. وهو قولُ أبي يُوسُفَ، ومحمدٍ؛ لأنَّ عِتْقَه لم يَحْصُلْ بالحُكْمِ المَبْنِيِّ على شهادَتِهما، وإنَّما حَصَل بحَلِّ قَيدِه، ولم يَشْهَدا به، فوَجَبَ أن لا يضْمَنا، كما لو لم يَحْكُمِ الحاكِمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن قال لعَبْدِه: أنت حُرٌّ متى شِئْتَ. لم يَعْتِقْ حتى يشاءَ بالقَوْلِ، فمتى شاء عَتَق، سواءٌ كان على الفورِ (1) أو التّراخِي. وإن قال: أنت حُرٌّ إن شِئْتَ. فكذلك. ويَحْتَمِلُ أن يَقِفَ على المَجْلِسِ؛ لأنَّ ذلك بمَنْزِلَةِ التَّخْيِيرِ، ولو قال لامْرَأتِه: اخْتارِى نَفْسَكِ. لم يَكُنْ لها الاخْتِيارُ إلَّا على الفورِ (2)، فإن تراخَى ذلك بَطل خِيارُها، كذا تَعْلِيقُه بالمَشِيئَةِ. وإن قال: أنتَ حُرٌّ كيفَ شِئْتَ. احْتَمَلَ أن يَعْتِقَ في الحالِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ؛ لأنَّ «كيف» لا (3) تَقْتَضِي شَرْطًا ولا وَقْتًا ولا مَكانًا، فلا تَقْتَضِي تَوْقِيفَ العِتْقِ، وإنَّما هي صِفَةٌ للحالِ، فتَقْتَضِي (4)
(1) في الأصل: «القول» .
(2)
في الأصل: «الفوت» .
(3)
في م: «إلا» .
(4)
في الأصل: «فتفضي» .