الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ بَاقِيهِ، عَتَقَ كُلُّهُ، وَعَليهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ يَوْمَ الْعِتْقِ لِشَرِيكِهِ.
ــ
وإن أعْتَقَ يَدَه، أو عُضوًا تَبْقَى حياتُه بدُونِها لم يَعْتِق؛ لأنَّه يُمْكِنُ إزالةُ ذلك مع بَقائِه، فلم يَعْتِقْ، كإعْتاقِه شَعَرَه [وسِنَّه](1). ولَنا، أنَّه أعْتَقَ عُضوًا مِن أعْضائِه، فعَتَقَ جَميعُه، كرأْسِه. فأمّا إذا أعْتَقَ شَعَرَه، أو سِنَّه، أو ظُفْرَه، لم يَعْتِقْ. وقال قتادةُ، واللَّيثُ، في الرَّجُلِ يُعْتِقُ ظُفْرَ عَبْدِه: يَعْتِقُ كُلُّه؛ لأنَّه مِن أجْزائِه، أشْبَهَ إصْبَعَه. ولَنا، أنَّ هذه الأشْياءَ تَزُولُ، ويَخْرُجُ غيرُها، فأشْبَهَتِ الشَّعَرَ، والرِّيقَ. وسَنذْكُرُ ذلك في الطَّلاقِ، والعِتْقُ مِثْلُه.
2921 - مسألة: (وإن أعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، وهو مُوسِرٌ بقِيمَةِ باقِيه، عَتَق كُلُّه، وعليه قِيمَةُ باقِيهِ يَوْمَ العِتْقِ لشريكِه)
وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ الشَّرِيكَ إذا أعْتَقَ نَصِيبَه مِن العَبْدِ عَتَقَ عليه. لا نَعْلَمُ فيه خلافًا؛ لِما
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَكَرْنا مِن الأثَرِ، وإذا عَتَق نَصِيبُه سَرَى العِتْقُ إلى جَمِيعِه، فصار جَميعُه حُرًّا، وعلى المُعْتِقِ قِيمَةُ أنْصِباءِ شُرَكائِه، والولاءُ له. هذا قولُ مالكٍ، وابنِ أبي لَيلَى، وابنِ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وأبي يُوسُفَ، ومحمدٍ، وإسحاقَ. وقال البَتِّيُّ: لا يَعْتِقُ إلَّا حِصَّةُ المُعْتِقِ، ونَصِيبُ الباقِينَ باقٍ على الرِّقِّ، ولا شيءَ على المُعْتِقِ؛ لِما روَى ابنُ (1) التَّلِبِّ، عن أبيهِ، أنَّ رجلًا أعْتَقَ شِقْصًا له في مَمْلُوكٍ، فلم يُضَمنْه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. رَواه الإِمامُ أحمدُ (2). ولأَنه لو باع نَصِيبَه لاخْتَصَّ البَيعُ به، فكذلِك العِتْقُ، إلَّا أنَّ تكونَ جَارِيةً نَفِيسَةً يُغالَى فيها، فيكون ذلك بمَنْزِلَةِ الجِنايَةِ مِن المُعْتِقِ؛ للضَّرَرِ الذي أدْخَلَه على شَريكِه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَعْتِقُ إلَّا حِصَّةُ المُعْتِقِ، ولشَرِيكِه الخِيارُ في ثَلاثةِ أشْياءَ؛ إن شاء أعْتَقَ، وإن شاء اسْتَسْعَى العَبْدَ، وإن شاء ضَمَّنَ شرِيكَه، فيَعْتِقُ حِينَئِذٍ. ولَنا، الحديثُ الذي رَوَيناه، وهو صحيحٌ، مُتَّفَقٌ عليه (3)، ورَواه مالكٌ في
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه أبو داود من طريق الإمام أحمد، في: باب من روى أنه لا يستسعى، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 350. ولم نجده في المسند.
(3)
تقدم تخريجه في 15/ 259.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُوَطَّئِه (1)، عن نافِع، عن ابنِ عُمَرَ. فأثْبَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم العِتْقَ في جَميعِه، وأوْجَبَ قِيمَةَ نَصيبِ شَريكِ (2) المُعْتِقِ عليه، ولم يَجْعَلْ له خِيَرَةً ولا لغيرِه. وروَى قتادةُ، عن أبي المَليحِ، عن أبيه، أنَّ رجلًا مِن قَوْمِه، أعْتَقَ شِقْصًا له في مَمْلُوكٍ، فرُبعَ ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجَعَلَ خَلَاصَه عليها في مالِه، وقال:«لَيسَ للهِ شَرِيكٌ» (3). قال أبو عبدِ اللهِ: الصَّحيحُ أنَّه عن أبي المَلِيحِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ، وليس فيه عن أبيه. هذا مَعْنَى كلامِه. وقولُ البَتِّيِّ شاذٌّ يُخَالِفُ الأخْبارَ كُلَّها، فلا يُعَوَّلُ عليه. وحديثُ التَّلِبِّ يتَعَيَّنُ حَمْلُه على المُعْسِرِ، جمعًا بينَ الأحاديثِ. وقياسُ العتق على البيعِ لا يصِحُّ؛ فإنَّ البيِعَ لا يَسري فيما إذا كان العبدُ كُلُّه له، والعِتْقُ يَسْرِي، فإنَّه لو باع نِصْفَ عَبْدِه لم يَسْرِ، ولو أعْتَقَه عَتَق كُلُّه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّ ولاءَه يكونُ له؛ لأنَّه عَتَق بإعْتاقِه مِن مالِه، ولا خِلافَ في هذا عندَ مَن يَرَى عِتْقَه عليه.
(1) في: باب من أعتق شركا له في مملوك، من كتاب العتق والولاء. الموطأ 2/ 772.
(2)
سقط من: م.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب من أعتق نصيبا له من مملوك، من كتاب العتق. سنن أبي داود 2/ 348. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 74، 75.