الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا عَلِقَتِ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، فَوَضَعَتْ مِنْهُ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، صَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِذَا مَاتَ
ــ
حتى وُلِدَ هؤلاء الثَّلاثةُ، فرَغِبَ النَّاسُ فِيهِنَّ. ورُوِيَ عن سالِم بنِ عبدِ اللهِ، قال: كان لابنِ رَواحَةَ جارِيَةٌ، وكان يُرِيدُ الخَلْوَةَ بها، وكانتِ امْرَأتُه تَرْصُدُه، فخَلَا البَيتُ فَوَقَعَ عليها، فنَذِرَتْ به (1) امْرَأتُه، فقالت: أفَعَلْتَها؟ قال: ما فَعَلْتُ. قالت: فاقْرأْ إذًا. فقال:
شَهدْتُ بأنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ
…
وأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الكافرِينا (2)
وأَنَّ العَرْشَ فَوْقَ الماءِ طافٍ
…
وفَوْقَ العَرْشِ رَبُّ العَالمِينا
وتَحْمِلُه مَلائِكةٌ شِدادٌ
…
مَلائِكَةُ الإِلهِ مُسَوّمِينا (3)
قالت: أما إذْ قَرأْتَ فاذْهَبْ. فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرَه، قال: فلقد رَأيتُه يَضْحَكُ حتى تَبْدُوَ (4) نَواجِذُه، ويقولُ:«هِيهِ، كَيفَ قُلْتَ؟» . فأُكرِّرُه عليس، فيَضْحَكُ (5).
3041 - مسألة: (إذا حَمَلَتِ الأمَةُ مِن سيدِها، فوضَعَتْ منه ما يَتَبَيَّنُ فيه بعضُ خَلْقِ الإِنْسانِ، صارت له بذلك أُمَّ وَلَدٍ، فإذا ماتَ عَتَقَتْ
(1) نذرت به: علمت به.
(2)
في النسختين: «الظالمينا» والتصويب من ديوانه، وكذلك من المغني 14/ 581.
(3)
الأبيات في ديوانه 165. واللسان (ع ر ض).
(4)
في الأصل: «بدت» .
(5)
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 9/ 217، والذهبي في سير أعلام النبلاء 1/ 238، والسبكي في: طبقات الشافعية 1/ 264، وانظر الاستيعاب 3/ 901.
عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيرَهَا.
ــ
وإن لم يَمْلِكْ غَيرَها) ذَكَر ههُنا لمَصِيرِ الأمَةِ أُمَّ وَلَدٍ شَرْطَين؛ أحدُهما، أن تَحْمِلَ به في مِلْكِه، سواءٌ كان مِن وَطْءٍ مُباحٍ، أو مُحَرَّمٍ؛ كالوَطْءِ في الحَيضِ، والنِّفاسِ، والإِحْرامِ، والظِّهارِ. فأمَّا إن عَلِقَتْ منه في غيرِ مِلْكِه لم تصِرْ بذلك أُمِّ ولدٍ، سَواءٌ عَلِقَت منه بمَمْلوكٍ، مثلَ أن يَطَأَها في مِلْكِ غيرِه بنِكاحٍ أو زِنًى، أو عَلِقَتْ بحُرٍّ، مثلَ أن يَطَأَها بشُبْهَةٍ، أو غُرَّ مِن أمَةٍ، فتَزَوَّجَها على أنَّها حُرَّةٌ فاسْتَوْلَدَها، أو اشْتَرَى جارِيَةً فاسْتَوْلَدَها ثم ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً، فإنَّ الولدَ حُرٌّ، ولا تَصِيرُ الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ في هذه المواضِعِ بحالٍ. فإن مَلَكَها بعدَ ذلك، ففيه اخْتِلافٌ، يُذْكَرُ إنْ شاء اللهُ تعالى. الشرطُ الثَّاني، أن تَضَعَ ما يَتَبَيَّنُ فيه شيءٌ مِن خَلْقِ الإِنْسانِ، من رَأْسٍ، أو يَدٍ، أو رِجْلٍ، أو تَخْطيطٍ (1)، سواءٌ وضَعَتْه حيًّا أو مَيِّتًا، وسواءٌ أسْقَطَتْه أو كان تَامًّا. قال عمرُ، رضي الله عنه: إذا وَلَدَتِ الأمَةُ مِن سيدِها فقد عَتَقَتْ، وإن كان سَقْطًا (2). وروَى الأثْرَمُ بإسْنادِه
(1) في الأصل: «تخليط» .
(2)
أخرجه سعيد بن منصور، في: سننه 2/ 61. والبيهقي، في: السنن الكبرى 10/ 346.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عن ابنِ عمرَ (1)، أنَّه قال: أعْتَقَها وَلَدُها وإن كان سَقْطًا. وقال الأثْرَمُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: أُمُّ الولدِ إذا أسْقَطَتْ لا تَعْتِقُ؟ فقال: إذا تَبَيَّنَ فيه يَدٌ أو رِجْلٌ أو شيءٌ مِن (2) خَلْقِه فقد عَتَقَتْ. هذا قولُ الحسنِ، والشافعيِّ. وقال الشَّعْبِيُّ: إذا نَكَس في الخَلْقِ الرابِعِ فكان مُخَلَّقًا، انْقَضَتْ به عِدَّةُ الحُرَّةِ، وأُعْتِقَتْ به الأمَةُ. قال شيخُنا (3): ولا أعْلَمُ في هذا خِلافًا بينَ مَن قال بِثُبُوتِ حكمِ الاسْتِيلادِ. فأمَّا إن ألْقَتْ نُطْفَةً أو عَلَقَةً، لم يثْبُتْ به شيءٌ مِن أحْكامِ الولادَةِ؛ لأنَّه ليس بولدٍ. وروَى يُوسُف بنُ موسى، أنَّ أبا عبدِ اللهِ قيل له: ما تقولُ في الأمَةِ إذا ألْقَتْ مُضْغَةً أو عَلَقَةً؟ قال: تَعْتِقُ. وهذا قولُ إبراهيمَ النَّخَعِيِّ (4). وذَكَرَ الخِرَقِيُّ لمصيرِها أُمَّ وَلَدٍ شَرْطًا ثَالِثًا، وهو أن تحْمِلَ بحُرِّ. ويُتَصَوَّرُ ذلك في المِلْكِ في مَوْضِعَين؛ أحدُهما، في العبدِ إذا مَلَّكَه سيِّدُه أمةً (5)، وقُلْنا:
(1) كذا ورد، وأخرجه البيهقي عن عمر في: السنن الكبرى 10/ 346.
(2)
في النسختين: «أو» . وانظر المغني 14/ 596.
(3)
في: المغني 14/ 596.
(4)
في الأصل: «والنخعي» .
(5)
سقط من: م.