الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُقَسَّطُ الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ منْهُمْ مُكَاتَبًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، يَعْتِقُ بِأَدَائِهَا، وَيَعْجِزُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَحْدَهُ.
ــ
أنَّ جُملةَ العِوَضِ مَعْلُومَةٌ، وإنَّما جَهِلَ تَفْصِيلُه، فلم يَمْنَعْ صِحَّةَ العَقْدِ، كما لو باعَهُم لواحِدٍ. وعلى قولِ مَن قال: إنَّ العِوَضَ يكونُ بينَهم على السَّوَاءِ. فقد عُلِمَ أيضًا تَفْصِيلُ العِوَضِ، وعلى كلِّ واحدٍ منهم ثُلُثٌ، وكذا يقولُ فيما لو باعَهم لِثلاثةٍ.
3028 - [مسألة: (ويُقَسَّطُ العِوَضُ بينَهم على قَدْرِ قِيمَتِهم، ويكونُ كلُّ واحدٍ منهم مُكاتَبًا بقَدْرِ حِصَّتِه، يَعْتِقُ بأدائِها، ويَعْجزُ بالعَجْزِ عنها وحدَه)]
(1). إذا ثَبَتَ هذا، [فإنَّ كلَّ](2) واحِدٍ منهم (3) مُكاتَبٌ بحِصَّتِه مِن الألْفِ، يُقْسَمُ بينَهم على قَدْرِ قِيمَتِهم حينَ العَقْدِ؛ لأنَّه حينُ المُعاوضَةِ وزوالِ سُلْطانِ السيدِ عنهم، فإذا أدَّاة عَتَقَ. وهذا قولُ عَطاءٍ،
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «فكل» .
(3)
سقط من: الأصل.
وَقَال أبُو بَكْرٍ: الْعِوَضُ بَينَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكِتَابَةِ.
ــ
وسليمانَ بنِ موسى، والحسنِ بنِ صالحٍ، والشافعيِّ، وإسحاقَ. (وقال أبو بكرٍ) عبد العزيزِ: يَتَوَجَّه لأبي عبدِ الله قِولٌ آخر، أنَّ (العِوَضٍ بينَهم) على عَدَدِ (1) رُءوسِهم، فيَتَساوَوْن فيه؛ لأنَّه أُضِيفَ إليهم إضافَةً واحِدَةً، فكان بينَهم بالسَّويَّةِ، كما لو أقَرَّ لهم بشيءٍ. ولَنا، أنَّ هذا عِوَضٌ، فيَتَقَسَّطُ على المُعَوِّضِ، كما لو اشْتَرَى شِقْصًا وسَيفًا، وكما لو اشْتَرَى عَبِيدًا فرَدَّ واحدًا منهم بعَيبٍ، أو تَلِفَ أحدُهم ورَدَّ الآخَرَ. ويُخالِفُ الإِقْرارَ؛ فإنَّه ليس بعِوَضٍ. إذا ثَبَتَ ذلك، فأيُّهم أدَّى حِصَّتَه عَتَقَ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقال ابن أبي موسى:(لا يَعْتِق واحدٌ منهم حتى تُؤَدَّى جَمِيعُ الكِتابةِ) وحُكِيَ ذلك عن أبي بكرٍ. وهو قولُ مالكٍ. وحُكِيَ عنه،
(1) في الأصل: «قدر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه (1) إذا امْتَنَعَ أحدُهم عن (2) الكَسْب مع القُدْرَةِ عليه أُجْبِرَ عليه الباقُون. واحْتَجُّوا بأنَّ الكِتابَةَ واحِدَةٌ؛ بدليلِ أنَّه لا يَصِحُّ مِن كلِّ واحِدٍ منهم الكتابةُ بقَدْرِ حِصَّتِه دُونَ الباقِين، ولا يَحْصُلُ العِتْقُ إلَّا بأداءِ جميعِ الكِتابةِ، كما لو كان المُكاتَبُ واحِدًا. وقال أبو حنيفةَ: إن لم يقُلْ لهمُ السيدُ: إن أدَّيتُم عَتَقْتم. فأيُّهم أدَّى بحِصَّتِه عَتَقَ، وإن أدَّى (3) جَمِيعَها، عَتَقُوا كلُّهم، ولم يَرْجِعْ على صَاحِبِه بشيءٍ. وإن قال لهم: إن أدَّيتُمْ عَتَقْتُم. لم يَعْتِقْ واحِدٌ منهم حتى يُؤَدِّيَ الكِتابَةَ كُلَّها، ويكونُ بعضُهم حَمِيلًا عن بعض، ويأخُذُ أيُّهم شاء بالمالِ، وأيُّهم أدَّاها عَتَقُوا كُلُّهم، ويَرْجِعُ على صَاحِبَيه بحِصَّتِهما. ولَنا، أنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ مع ثلاثةٍ، فيَبْرأُ كلُّ واحِدٍ منهم بأداءِ حِصَّتِه، كما لو اشْتَرَوْا عبدًا (4)، وكما لو لم يَقُلْ لهم: إن أدَّيتُم عَتَقْتُم. على أبي حنيفةَ، فإنَّ قولَه ذلك لا يُؤَثِّرُ؛ لأنَّ اسْتِحْقاقَ العِتْقِ بأداءِ العِوَضِ، لا بهذا القولِ، بدَليلِ أنَّه يَعْتِقُ بالأداءِ بدُونِ هذا القولِ، ولم يَثْبُتْ كونُ هذا القولِ مانِعًا مِن العِتْقِ. وقولُه: إنَّ هذا العَقْدَ كِتابةٌ واحِدَةٌ. مَمْنُوعٌ، فإنَّ العَقْدَ مع جماعةٍ عُقُودٌ، بدليلِ البَيعِ. ولا يَصِحُّ القِياسُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «من» .
(3)
في م: «أدوا» .
(4)
في م: «عبيدًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على كتابةِ الواحِدِ؛ لأنَّ ما قَدَّرَه في مُقابَلَةِ عِتْقِه، وههُنا في مُقابَلَةِ عِتْقِه ما (1) يَخُصمه، فافْتَرَقَا. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إن شَرَطَ عليهم في العَقْدِ أنَّ كُلَّ واحِدٍ منهم ضامِنٌ عن (1) الباقِين، فَسَدَ الشَّرْطُ، والعَقْدُ صَحِيحٌ. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه رِوَايةٌ أُخْرَى، أنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ. وخَرَّجَهُ ابنُ حامِدٍ وَجْهًا، بِناءً على الرِّوايَتَين في ضَمانِ الحُرِّ لمالِ الكتابةِ. وقال الشافعيُّ: العَقْدُ والشَّرْطُ فاسِدان؛ لأنَّ الشَّرْطَ فاسِدٌ، ولا يُمْكِنُ تَصحيحُ العَقْدِ بدُونِه؛ لأنَّ السيدَ إنَّما رَضِي بالعَقْدِ بهذا الشَّرْطِ، فإذا لم يَثْبُتْ لم يكُنْ راضِيًا بالعَقْدِ، وقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ: العَقْدُ والشَّرْطُ صَحِيحانِ؛ لأنَّه مِن مُقْتَضَى العَقْدِ عِنْدَهما. ولَنا، أنَّ مال الكِتابَةِ ليسِ بلازِمٍ، ولا مآلُه إلى اللُّزُومِ، فلم يَصِحَّ ضَمانه، كما لو جَعَلَ المال صِفَةً مجَرَّدَةً في العِتْقِ، فقال: إن أدَّيتَ إليَّ ألفًا فأنْتَ حرٌّ. ولأنَّ الضَّامِنَ لا يَلْزَمُه أكثرُ [ممَّا يَلْزَمُ](2) المَضْمُونَ عنه، ومالُ الكِتابَةِ لا يَلْزَمُ المُكاتَبَ، فلا يَلْزَمُ الضَّامِنَ، ولأنَّ الضَّمانَ تَبَرُّعٌ، وليس للمُكاتَبِ التَّبَرُّعُ، ولأنَّه لا يَمْلِكُ الضَّمانَ عن حُرٍّ، ولا عمَّن ليس معه في الكتابةِ، فكذلك مَن معه. وأمَّا العَقْدُ فصَحِيحٌ، بدَلِيلِ أنَّ الكِتابَةَ لا تَفْسُدُ بفَسادِ الشَّرْطِ، بدَليلِ خبَرِ بَرِيرَةَ (3)، [وسَنَذْكُرُه فيما بعدُ، إن شاء الله](4).
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «من» .
(3)
تقدم تخريجه في 11/ 234، 235.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا مات بعضُ المُكاتَبِين سَقَطَ قَدْرُ حِصَّتِه. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وكذلك إن أُعْتِقَ بَعْضُهم. وعن مالكٍ، إن أعْتَقَ السيدُ أحَدَهم، وكان مُكْتَسِبًا، [لم يَنْفُذْا](1) عِتْقُه؛ [لأنَّه يَضُرُّ بالباقين. وإن لم يكنْ مُكْتَسِبًا نَفَذَ (2) عِتْقُه](3)، لعَدَمِ الضَّرَرِ فيه. وهذا مَبْنِيٌّ على أنَّه لا يَعْتِقُ واحِدٌ منهم حتى يُؤَدِّيَ جَميعَ مالِ الكتابةِ، وقد مَضَى الكلامُ فيه.
فصل: فإن أدَّى أحَدُ المُكاتَبَين عن صاحِبِه، أو عن مُكاتَبٍ آخَرَ، قبلَ أداءِ ما عليه، بغيرِ عِلْمِ سيدِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ هذا تَبَرُّعٌ، وليس له التَّبَرُّعُ بغيرِ إذْنِ سيدِه، وإن كان قد حَلَّ عليه (4) نَجْمٌ صُرِفَ ذلك فيه. وإن لم يكُنْ حَلَّ عليه نَجْمٌ فله الرُّجُوعُ فيه. وإن عَلِمَ السيدُ بذلك ورَضِيَ بقَبْضِه عن الآخَرِ، صَحَّ؛ لأنَّ قَبْضَه (5) له راضِيًا مع العِلْمِ دليلٌ على الإِذْنِ فيه، فجاز، كما لو أذِنَ فيه صَرِيحًا. وإن كان الأداءُ بعدَ أن عَتَقَ، صَحَّ، سَواءٌ عَلِمَ السيدُ، أو لم يَعْلَمْ. فإن أرادَ الرُّجُوعَ على صاحِبِه بما أدَّى عنه، وكان قد قَصَدَ التَّبَرُّعُ عليه، لم يَرْجِع به. وإن أدَّاه مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ عليه بإذْنِ المُؤَدَّى عنه، رَجَعَ عليه؛ لأنَّه قَرْضٌ. وإن كان بِغَيرِ إذْنِه لم يَرْجِعْ عليه؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ عليه بأداء ما لا يَلْزَمُه أداؤُه بغيرِ إذْنِه، فلم يَرْجِعْ عليه، كما لو تَصَدَّقَ عنه صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ. وبهذا فارقَ
(1) في م: «نفذ» .
(2)
في الأصل: «بعد» .
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: م.
(5)
في الأصل: «فيه» .