الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَدَائِهِ، عَتَقَ عَلَيهِ كُلُّهُ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَعَلَيهِ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُكَاتِبِ. وَقَال الْقَاضِي: لَا يَسْرِي إِلَى النِّصْفِ الْمُكَاتَبِ إلا أَنْ يَعْجِزَ، فَيُقَوَّمُ عَلَيهِ حِينَئِذٍ.
ــ
3033 - مسألة: (وإن أعْتَقَ الشَّرِيكُ قبلَ أدائِه، عَتَقَ عليه كلُّه إن كان مُوسِرًا، وعليه قِيمَةُ نَصِيبِ المُكاتِبِ. وقال)
أبو بكرٍ و (القاضي: لا يَسْرِي إلى النِّصْفِ المُكاتَبِ) لأنَّه قد انْعَقَدَ للمُكاتِبِ سَبَبُ الولاءِ، فلا يَجُوزُ إبْطالُه (إلَّا أن يَعْجِزَ، فيُقَوَّمُ عليه حِينَئذٍ) وقال ابنُ أبي لَيلَى: عِتْقُ الشَّرِيكِ مَوْقُوفٌ حتى يُنْظَرَ ما يَصْنَعُ في الكِتابَةِ، فإن أدَّاها عَتَقَ، وكان المُكاتِبُ ضامِنًا لقِيمَةِ نَصِيبِ شَرِيكِه، ووَلاؤُه كلُّه للمُكاتِبِ، وإن عَجَزَ سَرَى عِتْقُ الشَّرِيكِ، وضَمِنَ نِصْفَ القِيمَةِ للمكاتِبِ، وولاؤُه كلُّه له. وأمَّا الشافعيُّ، فلا يُجَوِّزُ كِتابَتَه إلَّا بإذْنِ شَرِيكِه، في أحَدِ قولَيه. فإن كاتَبَه بإذْنِ شَرِيكِه، فأعْتَقَ الذي لم يُكاتِبْ، فهل يَسْرِي في الحالِ، أو يَقِفُ على العَجْزِ؟ فيه قولانِ. ولَنا، أنَّه عِتْقٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لجُزْءٍ مِن العبدِ مِن مُوسِرٍ غيرِ محْجُورٍ عليه، فسَرَى إلى باقِيه، كالقِنِّ. وقولُهم: إنَّه يُفْضِي إلى إبْطالِ الوَلاءِ. قُلْنا: إذا كان العِتْقُ يُؤَثِّرُ في إبْطالِ المِلْكِ الثَّابتِ الذي الولاءُ مِن بعضِ آثارِه، فَلأنْ يُؤَثِّرَ في نَقْلِ الوَلاءِ بمفْرَدِه أوْلَى، ولَأنَّه لو أعْتَقَ عَبْدًا له أوْلادٌ مِن مُعْتَقَةِ قَوْمٍ، نَقَلَ وَلاءَهم [إليه، فإذا نَقَلَ ولاءَهم](1) الثَّابتَ بإعْتاقِ غيرِهم، فَلأَنْ يَنْقُلَ ولاءً لم يَثْبُتْ بعدُ بإعْتاقِ مَن عليه الوَلاءُ أوْلَى. ولأنَّه نَقَلَ الولاءَ ثَمَّ (2) عمَّن لم يَغْرَمْ له عِوَضًا، فَلأنْ يَنْقُلَه بالعِوَضِ أوْلَى. فانْتِقالُ (3) الوَلاءِ في مَوْضِعِ جَرِّ الوَلاءِ يُنَبِّهُ على سِرايَةِ العِتْقِ وانْتِقالِ الوَلاءِ إلى المُعْتِقِ؛ لكونِه أوْلَى منه (2) مِن ثَلاثةِ أوْجُهٍ؛ أحَدُها، أنَّ الوَلاءَ ثَمَّ ثابِتٌ، وهذا بعَرَضِ الثُّبُوتِ. الثَّاني، أنَّ النَّقْلَ حَصَلَ ثَمَّ بإعْتاقِ غيرِه، وههُنا بإعْتاقِه. الثالثُ، أنَّه انْتَقَلَ بغيرِ عِوَضٍ، وههنا بعِوَضٍ.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل: «بانتقال» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن كان المُعْتِقُ مُعْسِرًا لم يَسْرِ عِتْقُه، وكان نَصِيبُه حُرًّا، وباقِيه على الكِتابَةِ، فإن أدَّى عَتَقَ عليهما، وكان وَلاؤُه بَينَهما، وإن عَجَزَ عاد الجُزْءُ المُكاتَبُ رَقِيقًا قِنًّا، إلَّا على الرِّوايَةِ التي تقولُ: يُسْتَسْعَى العَبْدُ. فإنَّه يُسْتَسْعَى عندَ عَجْزِه في قِيمَةِ باقِيه، ولا يُسْتَسْعَى في حالِ الكِتابَةِ؛ لأنَّ الكتابَةَ سِعايَةٌ فيما اتَّفَقَا عليه، فاسْتُغْنِيَ بها عن السِّعايَةِ فيما يَحْتاجُ إلى التَّقْويمِ، فإذا عَجَزَ وفُسِخَتِ الكِتابَةُ، بَطَلَتْ، ورَجَعَ إلى السِّعايَةِ في القِيمةِ. [وحديثُ ابنِ عمرَ حُجَّةٌ لمَا ذَهَبْنا إليه، وهو](1) ما روَى ابنُ عمرَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا له في عَبْدٍ، فَإنْ كانَ معه ما يَبْلُغُ قِيمَةَ العَبْدِ قُوِّمِ عليه قِيمَةَ العَدْلِ، وأَعْطىَ شُرَكَاءَه (2) حِصَصهم، وَعَتَقَ جَمِيعُ العَبْدِ، وإلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» . مُتَّفَقٌ عليه (3). ورَواه مالكٌ في «المُوَطَّأ» عن نافِعٍ عن ابنِ عمرَ. وهذا الحديثُ حُجَّةٌ على مَن خَالفَه. وهذا قولُ الخِرَقِيِّ. واللهُ تعالى أعلمُ.
(1) في الأصل: «ولنا» .
(2)
في م: «شركاؤه» .
(3)
تقدم تخريجه في 15/ 159.