الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ، عَتَقَ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَسْرِ إِلَى نَصِيبِهِ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَعْتِقُ جَمِيعُهُ.
ــ
2928 - مسألة: (وإنِ اشْتَرَى أحَدُهما نَصِيبَ صاحِبِه عَتَق)
عليه (ولم يَسْرِ إلي) النِّصْفِ الذي كان له؛ لأنَّ عِتْقَه حَصَل باعْتِرافِه بحُرِّتَّيِه بإعْتاقِ شَرِيكِه، ولا يَثْبُتُ له عليه وَلاءٌ، لأنَّه لا يَدَّعِي إعْتاقَهُ، بل يَعْتَرِفُ بأنَّ المُعْتِقَ غيرُه، وإنَّما هو مُخَلِّصٌ له مِمَّن يَسْتَرِقُّه ظُلْمًا، فهو كمُخَلِّصِ الأسِيرِ مِن أيدِي الكُفّارِ (وقال أبو الخَطَّاب) يَسْرِي؛ لأنَّه شِراءٌ حَصَل به الإِعْتاقُ، فأشْبَهَ شِراءَ بعضِ وَلَدِه. فإن أكْذَبَ نَفْسَه في شَهادَتِه على شَرِيكِه ليَسْتَرِقَّ ما اشْتَراه منه، لم يُقْبَلْ قَوْلُه (1)؛ لأنَّه رُجُوعٌ عن الإِقْرارِ بالحُرِّيَّةِ، فلم يُقْبَلْ، كما لو أقَرَّ بحُرِّيَّةِ عَبْدِه ثم أكْذَب نَفْسَه. وهل يَثْبُتُ له الوَلاءُ عليه إن أعْتَقَهُ؟ فيه احْتِمالان؛ أحَدُهما، لا يَثْبُتُ؛ لِما ذَكَرْناه. والثانِي، يَثْبُتُ؛ لأنّا نَعْلَمُ أنَّ على العَبْدِ وَلاءً، ولا يَدَّعِيه أحَدٌ سِواه، ولا يُنازِعُه فيه، فوجَبَ أن يُقْبَلَ قَوْلُه فيه. وإنِ اشْتَرَى كلُّ واحِدٍ منهما نَصِيبَ صاحِبِه صار العَبْدُ كُلُّه حُرًّا، ولا وَلاءَ عليه لواحِدٍ منهما. فإن أعْتَقَ كلُّ واحِدٍ منهما ما اشْتَرَاه، ثم أكْذَبَ نَفْسَه
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في شَهادَتِه، فهل يَثْبُتُ له وَلاءُ ما أعْتَقَه؟ على وَجْهَين. وإن أقَرَّ كلُّ واحِدٍ منهما بأنَّه كان أعْتَقَ نَصِيبَه، وصَدَّقَ الآخَرَ في شَهادَتِه، بَطَل البَيعان، وثَبَت لكُلِّ واحِدٍ منهما الوَلاءُ على نِصْفِه؛ لأنَّ أحدًا لا يُنازِعُه فيه، وكلُّ واحِدٍ منهما يُصَدِّقُ الآخَرَ في اسْتِحْقاقِ الوَلاءِ. [ويَحْتَمِلُ أن يَثْبُتَ الولاءُ لهما](1) وإن لم يُكَذِّبْ واحِدٌ منهما نَفْسَه؛ لأنّا نَعْلَمُ أنَّ الوَلاءَ عليه ثابتٌ لهما ولا يَخْرُجُ عنهما، وأنَّه بينَهما، إمّا بالعِتْقِ الأوَّلِ، وإمّا بالثانِي؛ لأَنَّهما إن كانا صادِقَين في شَهادَتِهما، فقد ثَبَت الوَلاءُ لكُلِّ واحِدٍ منهما على النِّصْفِ الذي أعْتَقَهُ أوَّلًا، وإن كانا كاذِبَين، فقد أعْتَقَ كلُّ واحِدٍ منهما نِصْفَه بعدَ أنِ اشْتراه، وإن كان أحَدُهما صادِقًا والآخَرُ كاذِبًا، فلا وَلاءَ للصّادِقِ منهما؛ لأنَّه لم يُعْتِقِ النِّصْفَ الذي كان له أولًا (2)، ولا صَحَّ عِتْقُه في الذي اشْتَراه؛ لأنَّه كان حُرًّا قبلَ شِرائِه، والوَلاءُ كُلُّه للكاذِبِ؛ لأنَّه أعْتَقَ النِّصْفَ الذي كان له ثم اشْتَرَى النِّصْفَ الذي لشَرِيكِه، وكلُّ واحِدٍ منهما يُساوي صاحِبَه في الاحْتِمالِ، فيُقْسَمُ بينَهما.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وكلُّ مَن شَهِد على سَيِّدِ عَبْدٍ بعِتْقِ عَبْدِه ثم اشْتراه، عَتَق عليه. وإن شَهِد اثْنان عليه بذلك فرُدَّتْ شَهادَتُهما، ثم اشْتَرَياه أو أحَدُهما، عَتَق. وبهذا قال مالكٌ، والأوْزاعِيُّ، والشافعيُّ، وابنُ المُنْذِرٍ. وهو قياسُ قولِ أبي حنيفةَ. ولا يَثْبُتُ للمُشْتَرِي وَلاءٌ على العَبْدِ؛ لأنَّه لا يَدَّعِيه، ولا للبائِعِ؛ لأنَّه يُنْكِرُ عِتْقَه. ولو كان العَبْدُ بينَ شَريكَين، فادَّعَى كلُّ واحِدٍ منهما أنَّ شَرِيكَه أعْتَقَ حَقَّه منه، وكانا موسِرَين، فعَتَقَ عليهما، أو كانا مُعْسِرَين عَدْلَين، فحَلَفَ العَبْدُ مع كلِّ واحِدٍ منهما، [وعَتَق، أو شَهِد مع كلِّ واحدٍ منهما عَدْلٌ آخَرُ](1) وعَتَق العَبْدُ، أو ادَّعَى عَبْدٌ أنَّ سَيِّدَه أعْتَقَه؛ فأنْكَرَ وقامَتِ البَيِّنَةُ بعِتْقِه، عَتَق. ولا وَلاءَ على العَبْدِ في هذه المواضِعِ كُلِّها؛ لأنَّ أحَدًا لا يَدَّعِيه، ولا يَثْبُتُ لأحَدٍ حقٌّ (2) يُنْكِرُه، فإن عاد مَن [يُثْبتُ له عَتاقَه](3) فاعْتَرَفَ به، ثَبَت له الوَلاءُ؛ لأنَّه لا مُسْتَحِقَّ له سِواه، وإنَّما لم (4) يَثْبُتْ له لإِنْكارِه له، فإذا اعْتَرَفَ زال الإنْكارُ وثَبَت له. وأمّا الموسِران إذا عَتَق عليهما، فإن صَدَّقَ أحَدُهما صاحِبَه. في أنَّه أعْتَقَ نَصيبَه وَحْدَه، أو أنَّه سَبَق بالعِتْقِ، فالوَلاء له، وعليه غَرامَةُ نَصِيبِ الآخَرِ. وإنِ اتَّفَقا على أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما أعْتَقَ نَصِيبَه دَفْعَةً واحِدَةً
(1) زيادة من: الأصل.
(2)
في الأصل: «حتى» .
(3)
في م: «ثبت إعتاقه» .
(4)
سقط من: الأصل.