الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ شَرَطَ عَلَيهِ أَلَّا يُسَافِرَ، وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ عَلَى وَجْهَينَ.
ــ
له السَّفَرُ، [فيكونُ فيها قولان، قاله بعضُ أصحابِه. وقال بعضُهم: ليست على قولين، إنما هي على اختلافِ حالين؛ فالوضِعُ الَّذي قال: له السفرُ](1). إذا كان قصيرًا؛ لأنَّه في حُكْمِ الحَاضِرِ، والموْضِعُ الَّذي مَنَعَ منه، إذا كان بعيدًا يَتَعَذَّرُ معه اسْتِيفاءُ نُجُومِه والرُّجُوعُ في رِقِّه عندَ عَجْزِه. ولَنا، أنَّ المُكاتَبَ في يَدِ نَفْسِه، وإنَّما للسيدِ عليه دَينٌ، فأشْبَهَ الحُرَّ المَدِينَ، وما ذَكَروه لا أصْلَ له، ويَبْطُلُ بالحُرِّ الغَرِيمِ. وله أخْذُ الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ والمُسْتَحَبَّةِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى جَعَل للمُكاتَبِينَ الأخْذَ مِن الواجِبَةِ. وإذا جاز الأخْذُ مِن الواجِبَةِ فالمُسْتَحَبَّةُ أوْلَى.
2991 - مسألة: (وَإِنْ شَرَطَ عَلَيهِ أَلَّا يُسَافِرَ، وَلَا يَأْخُذَ الصَّدَقَةَ، فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ عَلَى وَجْهَينَ)
إذا شَرَطَ السيدُ على مُكاتَبِه أن لا يسافِرَ، فقال القاضي: الشَّرْطُ باطِلٌ. وهو قولُ الحسنِ، وسعيدِ بن جُبَيرٍ، والشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، وأبي حنيفةَ؛ لأنَّه يُنافِي مُقْتَضَى العقْدِ، فلم يَصِحَّ شَرْطُه، كشَرْطِ تَرْكِ الاكتسابِ، ولأنَّه غرِيمٌ، فلم يَصِحَّ
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شَرْطُ (1) تَرْكِ السَّفَرِ عليه، كما لو أقْرَضَ لرجلٍ قَرْضًا بشَرْطِ أن لا يسافِرَ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَصِحُّ الشَّرْطُ، وله مَنْعُه مِن السَّفَرِ. وهو قولُ مالكٍ؛ لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» (2). ولأنَّه شَرْطٌ له فيه فائِدَةٌ، فلَزِمَ، كما لو شَرَطَ نَقْدًا مَعْلومًا. وبيانُ فائِدَتِه، أنَّه لا يأْمَنُ إباقَه وأنَّه لا يَرْجِعُ إلى سيدِه، فيَفُوتُ العَبْدُ والمالُ الذي عليه. ويُفارِقُ القَرْضَ، فإنَّه عَقْدٌ جائِزٌ مِن جانِبِ المُقْرِضِ، متى شاء طالبَ بأخذِه ومَنَعِ الغَرِيمَ السَّفَرَ قبلَ إيفائِه (3)، فكان المَنْعُ مِن السَّفَرِ حاصِلًا بدُونِ شرْطِه، بخِلافِ الكِتابَةِ، فإنَّه لا يُمْكِنُ السيدَ مَنْعُه مِن السَّفَرِ إلَّا بشَرْطِه، وفِيه حِفْظُ عبدِه ومالِه، فلا يُمْنَعُ مِن تَحْصِيلِه. وهذا أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى. فعلى هذا الوَجْهِ، لسيدِه مَنْعُه مِن السَّفَرِ فإن سافر بغيرِ إذْنِه فله رَدُّه إن أمْكَنَه، وإن لم يُمْكِنْه رَدُّه، احْتَمَلَ أنَّ له تَعْجِيزَه ورَدَّه إلى الرِّقِّ؛ لأنَّه لم يَفِ بما شُرِط عليه، أشْبَه ما لو لم يَفِ بأداءِ الكِتابَةِ، واحْتَمَلَ أن لا يَمْلِكَ ذلك، لأنَّه مُكاتَبٌ كِتابةً، صَحِيحةً لم يَظْهَرْ عَجْزُه، فلم يَمْلِكْ تَعْجِيزَه، كما لو لم يَشْرُطْ عليه.
(1) سقط من: م.
(2)
تقدم تخريجه في 10/ 149، وانظر صفحة 20.
(3)
في الأصل: «إبقائه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن شَرَطَ عليه أن لا يسألَ الناسَ، فقال أحمدُ: قال جابرُ بنُ عبدِ اللهِ: هم على شُرُوطِهِم. إن رأيتَه يسألُ تنهاهُ، فإن قال: لا أعُودُ. لم يَرُدَّه عن كِتابتِه في مَرَّةٍ. فظاهِرُ هذا، أنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ لازِم، وأنَّه إن خالفَ مَرَّةً لم يُعَجِّزْه، وإن خالفَ مَرَّتَين أو أكثرِ فله تَعْجِيزُه. قال أبو بكرٍ: إذا رآه يسألُ مَرَّةً في مَرَّةٍ عَجَّزَه، كما إذا حَلَّ نجْمٌ في نَجْمٍ عَجَّزَه. فاعْتَبَرَ المُخالفَةَ في مَرَّتَين كحُلولِ نَجْمَين، وإنَّما صَحَّ الشَّرْطُ، لقولِه،