الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَلَا يَتَسَرَّى، وَلَا يَتَبَرَّعَ، وَلَا يُقْرِضَ، وَلَا يُحَابِيَ، وَلَا يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِ رَقِيقِهِ، وَلَا يُعْتِقَ وَلَا يُكَاتِبَ إلا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَوَلَاءُ مَنْ يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ لِسَيِّدِه.
ــ
وإن وَجَبَتْ للسيدِ على مُكاتَبه شُفْعَةٌ، فأدَّعَى المُكاتَبُ أنَّ سيدَه عَفا عنها، سُمِعَتْ دَعْواه. وإن أنْكَرَه السيدُ، كان عليه اليَمِينُ. وإن أذِنَ السيدُ لمُكاتَبِه في البَيعِ بالمحاباةِ، صَحَّ منه، وكان لسيدِه الأخْذُ بالشُّفْعَةِ؛ لأنَّ بَيعَه بالمحاباةِ مع إذنِ (1) سيدِه فيه صَحِيحٌ. ويَصِحُّ إقرارُ المُكاتَبِ بالبَيعِ والشِّراءِ والعَيبِ والدَّينِ؛ لأنَّه يَصِحُّ تصَرُّفُه فيه بذلك، ومَن مَلَكَ شيئًا مَلَكَ الإِقْرارَ به.
2993 - مسألة: (وليس له أن يَتَزَوَّجَ، ولا يَتَسَرَّى، ولا يَتَبرعَ، وَلَا يُقْرِضَ، ولا يحابِيَ، ولا يَقْتَصَّ عبدِه الجانِي على بَعْضِ رَقِيقِه، وَلَا يُعْتِقَ ولا يُكاتِبَ إلَّا بإذْنِ سَيدِه، وولاءُ من يُعْتِقُه ويُكاتِبُه لسيدِه)
وجملةُ ذلك، أنَّ المُكاتَبَ ليس له أن يَتَزَوَّجَ إلَّا بإذْنِ سيدِه.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ الحسنِ، ومالكٍ، واللَّيثِ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأبي يوسفَ. وقال الحسنُ بنُ صالحٍ: له ذلك؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، أشْبَهَ البَيعَ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«أَيُّما عَبْدٍ تَزَوَّجَ بغَيرِ إذْنِ مَوَالِيهِ (1) فَهُوَ عَاهِرٌ» (2). ولأنَّ على السيدِ فيه (3) ضَرَرًا، لأنَّه إن عَجَزَ رَجَعَ إليه ناقِصَ القِيمَةِ، ويَحْتاجُ أن يُؤَدِّيَ المَهْرَ والنَّفَقَةَ مِن كَسْبِه، فيَعْجِزُ عن أداءِ نُجُومِه، فيُمْنَعُ مِن ذلك، كالتَّبَرُّعِ به. فعلى هذا، إذا تَزَوَّجَ لم يَصِحَّ. وقال الثَّوْرِيُّ: نِكاحُه مَوْقُوفٌ، إن أدَّى تَبَيَّنّا أنَّه كان صَحِيحًا، وإن عَجَزَ فنِكاحُه باطِلٌ. ولَنا، الخبرُ، ولأنَّه تَصَرُّفٌ مُنِعَ منه للضَّرَرِ، فلم يَصِحَّ، كالهِبَةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُفَرَّقُ بينَهما، ولا مَهْرَ لها إن كان قبلَ الدُّخُولِ، وإن كان بعدَه فعليه مَهْرُ المِثْلِ، يُؤَدَّى مِن كَسْبِه، كجِنايَتِه. فإن أتَتْ بولدٍ، لَحِقَه نَسبُه؛ لأنَّه مِن وَطْءٍ في نِكاحٍ فاسِدٍ. فإن كانتِ المرأةُ حُرَّةً فهو حُرٌّ. وإن كانت أمةً فهو رَقيقٌ لسيدِها. فإن أذِنَ له سيدُه
(1) في الأصل: «مولاه» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في نكاح العبد بغير إذن مواليه، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 480. والترمذي، في: باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذي 5/ 31. والدارمي، في باب في العبد يتزوج بغير إذن من سيده، من كتاب النكاح. سنن الدارمي 2/ 152. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 301، 377 كلهم من حديث جابر. وأخرجه ابن ماجه عن ابن عمر، في: باب تزويج العبد بغير إذن سيده، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 630.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في النِّكاحِ صَحَّ، في قولِ الجميعِ؛ فإنَّ الخَبَرَ يَدُلّ بمَفْهُومِه على أنَّه يَصِحُّ إذا أذِنَ له؛ لأنَّ المَنْعَ مِن نِكاحِه لِحَقِّ السيدِ، فإذا أذِنَ فيه زال المَانِعُ. وقياسًا على ما إذا أذِنَ لعبدِه القِنِّ.
فصل: وليس له التَّسَرِّي بغيرِ إذْنِ سيدِه؛ لأنَّ مِلْكَه نَاقِصٌ. وقال الزُّهْرِيُّ: لا يَنْبَغِي لأهلِه أن يَمْنَعُوه مِن التَّسَرِّي. ولَنا، أنَّ على السيدِ فيه ضررًا، فمُنِعَ منه، كالتَّزْويجِ. وبيانُ الضَّرَرِ، أنَّه ربَّما أحْبَلَها، والحَمْلُ عَيبٌ في بَناتِ آدمَ، وربَّما تَلِفَتْ، ورُبَّما وَلَدت فصارَت أُمَّ وَلَدٍ، يَمْتَنِعُ عليه بَيعُها في أداءِ كِتابَتِه، فإن عَجَزَ (1) رَجَعَتْ إلى سيدِه (2) ناقِصَةً. وإذا مُنِعَ مِن التِّزويجِ لضَرَرِه، فهذا أوْلَى. فإن أذِنَ له سيدُه جاز. وقال الشافعيُّ: لا يَجُوزُ. في أحدِ القَوْلين، لأنَّه أمرٌ يَضُرُّ به، ورُبَّما أفْضَى إلى مَنْعِه مِن العِتْقِ، فلم يَجُزْ بإذْنِ السيدِ. ولَنا، أنَّه [ناقِصُ المِلْكِ، فلم يَجُزْ له التَّسَرِّي، كوَطْءِ الجاريةِ المشترَكَةِ. ولَنا على الشافعيِّ، أنَّه](3) لو أذِنَ لعَبدِه القِنِّ في التَّسَرِّي جاز، فالمُكاتَبُ (4) أوْلَى. ولأنَّ المَنْعَ كان
(1) في الأصل: «عجزت» .
(2)
في الأصل: «السيد» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في م: «فللكاتب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[لضَرَرِ السيدِ](1)، فجاز بإذْنِه كالتَّزْويجِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إن تَسَرَّى بإذنِ سيدِه أو بغيرِ إذْنِه، فلا حَدَّ عليه؛ لشُبْهَةِ المِلْكِ، ولا مَهْرَ عليه؛ لأنَّه لو وَجَبَ لوَجَبَ له، ولا يَجِبُ على الإِنسانِ شيءٌ لنَفْسِه. فإن وَلَدَتْ فالنَّسَبُ لاحِقٌ به؛ لأنَّ الحَدَّ إذا سَقَطَ للشُّبْهَةِ لَحِقَه النَّسَبُ، ويكونُ الوَلَدُ مَمْلُوكًا له؛ لأنَّه ابنُ أمَتِه، ولا يَعْتِقُ عليه، لأنَّ مِلْكَه غيرُ تامٍّ، وليس له بَيعُه؛ لأنَّه وَلَدُه، ويكونُ مَوْقُوفًا على كِتابَتِه. فإن أدَّى عَتَقَ وعَتَقَ الوَلَدُ؛ لأنَّه مِلْكٌ لأبِيه الحُرِّ، وإن عَجَزَ وعاد إلى الرِّقِّ، فولَدُه رَقِيقٌ أيضًا، ويكونان مَمْلُوكَين للسيدِ.
فصل: وليس له (2) أن يُزَوِّجَ عَبِيدَه وإماءَه بغيرِ إذْنِ سيدِه. وهذا قولُ الشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ. وذُكِرَ عنِ مالكٍ، أنَّ له ذلك، إذا كان على وَجْهِ النَّظَرِ؛ لأنَّه عَقْدٌ على منْفعَةٍ، فمَلَكَه، كالإِجارَةِ. وحُكِيَ عن القاضِي أنَّه قال في «الخِصالِ»: له تَزْويجُ الأمَةِ دُونَ العَبْدِ؛ لأنَّه يأخُذ عِوَضًا عن تَزْويجِها، بخِلافِ العَبْدِ، ولأنه عَقْدٌ على منافِعِها، أشْبَهَ إجارَتَها. ولَنا، أنَّ على السيدِ فيه [ضَرَرًا؛ لأنَّه](3) إِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زَوَّجَ العَبْدَ لَزِمَتْه نَفَقَةُ امرَأتِه ومَهْرُها، وشَغَلَه بحقوقِ النِّكاحِ، ونَقَصَ قِيمَتَه، وإن زَوَّجَ الأمَةَ مَلَكَ الزَّوْجُ بُضْعَها، ونَقَصَتْ قِيمَتُها؛ وقَلَّتِ الرَّغَباتُ (1) فيها. وربَّما امْتَنَعَ بَيعُها بالكُليَّةِ، وليس ذلك مِن جِهاتِ المَكاسِبٍ، فربَّما أعْجَزَه ذلك عن أداءِ نُجُومِه، وإن عَجَزَ عاد رَقيقًا للسيدِ مع ما تَعَلَّقَ بهم مِن الحقوقِ ولَحِقَهم مِن النَّقْصِ. وفارَقَ الإِجارَةَ، فإنَّها مِن جهاتِ المَكاسِبِ عادةً. فعلى هذا، إن وَجَبَ تَزْويجُهم لطَلَبِهم ذلك (2) وحاجَتِهم إليه، باعَهُم، فإن العبدَ متى طَلَبَ التَّزْويجَ خُيِّرَ سيدُه بينَ بَيعِه وتَزْويجِه، وإن أذِنَ السيدُ في ذلك جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ له، والمَنْعَ منه.
فصل: وليس له اسْتِهْلاك مالِه ولا هِبَتُه. وبهذا (3) قال الحسنُ، ومالكٌ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي. ولا نَعْلَمُ فيه مخالفًا (4)، لأنَّ حَقَّ سيدِه لم يَنْقَطِعْ عنه، لأنَّه قد يَعْجِر فيَعُودُ إليه، ولأنَّ
(1) في الأصل: «الرغاب» .
(2)
في الأصل: «لذلك» .
(3)
في م: «به» .
(4)
في م: «خلافًا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القَصْدَ مِن الكتابَةِ تَحْصيلُ العِتْقِ بالأداءِ، وهِبَةُ مالِه تُفَوِّتُ ذلك، وتَجُوزُ بإذْنِ سيدِه. وقال أبو حنيفةَ: لا تَجُوزُ؛ لأنَّه يَفُوتُ المقصودُ بالكِتابَةِ. وعن الشافعيِّ، كالمذهبين. ولَنا، أنَّ الحَقَّ لا يَخْرُجُ عنهما، فجاز باتِّفاقِهما، كالراهِنِ والمُرْتَهِنِ. ولا تَصِحُّ الهِبَةُ بالثَّوابِ. وقال الشافعيُّ في أحَدِ قوْلَيه: تَصِحُّ؛ لأنَّ فيها مُعاوَضَة. ولَنا، أنَّ الاخْتِلافَ في تَقْديرِ الثَّوابِ يُوجِبُ الغَرَرَ، ولأنَّ عِوَضَها يتأخَّرُ، فهو كالبَيعِ نَسِيئةً. وإن أذِنَ [السيدُ فيها](1) جازَت، ولذلك إن وَهَبَ لسيدِه أو لابنِ سيدِه الصَّغيِرِ جاز؛ لأنَّ قَبُولَه للهِبَةِ إذْنٌ فيها. وليس له أن يُحابِىَ في البيعِ، ولا يَزِيدَ في الثَّمنِ الذي اشْتَرَى به؛ لأنَّه إتْلافٌ للمالِ على سيدِه، فأشبَهَ الهِبَةَ. ولا يجوزُ له أن يُعِيرَ دابَّتَه، ولا يُهْدِيَ هَدِيَّةً. وأجاز ذلك أصحابُ الرَّأْي. ويَحْتَمِلُ جوازُ إعارَةِ دابَّتِه وهَدِيَّةِ المأكولِ، ودُعائِه إليه، كالمأذُونِ له؛ لأنَّ المُكاتَبَ لا يَنْحَطُّ عن دَرَجَتِه. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه تَبَرُّعٌ
(1) في الأصل: «فيه السيد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بمالِه، فلم يَجُزْ، كالهِبَةِ. وليس له أن يُوصِيَ بمالِه، ولا يَحُطَّ عن المُشْتَرِي شيئًا، ولا يُقْرِضَ، لأنَّه يُعَرِّضُه للإتلافِ، ولا يَضْمَنَ، ولا يتَكَفَّلَ بأخْذٍ. وبه قال الشافعيُّ، وأصحابُ الرَّأْي؛ لأنَّ ذلك تَبَرُّعٌ بمالِه، فهو كالهِبَةِ، ولا يَقْتَصُّ (1) مِن عبدِه الجاني على بعضِ رَقِيقِه. ذَكَره أبو بَكْرٍ [وأبو الخَطَّاب] (2)؛ لأنَّ فيه إتْلافَ المالِ على سيدِه. وقال القاضي: له أن يَقْتَصَّ (1) مِن الجُناةِ عليه وعلى رَقِيقِه، ويأْخُذَ الأرْشَ؛ لأنَّ فيه مَصْلَحَتَه.
فصل: ولا يُعْتِقُ رَقِيقَه إلَّا بإذْنِ سيدِه. وبه قال الحسنُ، والأوْزَاعِيُّ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ؛ لأنَّ فيه ضَرَرًا على سيدِه بتَفْويتِ مالِه فيما لا يَحْصلُ له به مالٌ، أشْبَهَ الهِبَةَ. فإن أعْتَقَ لم يَصِحَّ إعْتاقُه. ويَتَخَرَّجُ أن يَصِحَّ ويَقِفَ على إذْنِ سيدِه. وقال أبو بكرٍ: هو مَوْقُوفٌ على آخِرِ أمرِ المُكاتَبِ، فإن أدَّى عَتَقَ مُعْتَقُه، وإن لم يُؤَدِّ رَقَّ.
(1) في الأصل: «يقبض» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال القاضي: هذا قياسُ المذهبِ، كقَوْلِنا في ذَوي الأرْحامِ أنَّهم مَوْقُوفُونَ. ولَنا، أنَّه تَبَرُّعٌ بمالِه بغَيرِ إذْنِ سيدِه، فكان باطِلًا، كالهِبَةِ. ولأنَّه تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُنِعَ منه لِحَقِّ سيدِه، فكان باطِلًا، كسائِرِ ما مُنِعَ منه. ولا يَصِحُّ قياسُه على ذَوي أرْحامِه؛ لأنَّ عِتْقَهم ليس بتَصَرُّفٍ منه، وإنَّما يُعْتِقُهم الشَّرْعُ على مالِكِهم بمِلْكِهم، والمُكاتَبُ مِلْكُه نَاقِصٌ، فلم يَعْتِقُوا به، فإذا عَتَقَ كَمَلَ مِلْكُه، فعَتَقُوا حِينَئِذٍ. والمُعْتَقُ إنَّما يَعْتِقُ بالإعْتاقِ الذي كان باطِلًا، فلا تَتَبَيَّنُ صِحَّتُه إذا كَمَلَ المِلْكُ، لأنَّ كمال المِلْكِ في الثاني لا يُوجِبُ كونَه كامِلًا حينَ الإعْتاقِ، ولذلك لا يَصِحُّ سائِرُ تَبَرُّعاتِه بأدائِه، فإن أذن فيه سيدُه صَحَّ. وقال الشافعيُّ، في أحدِ قولَيه: لا يصحُّ، لأنَّ تَبَرُّعَه بمالِه يُفَوِّتُ المَقْصُودَ مِن كِتابَتِه، وهو العِتْقُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذي هو حَقٌّ لله تعالى أو فيه حَقٌّ له، فلا يجوزُ تَفْويتُه، ولأنَّ العِتْقَ لا يَنْفَكُّ مِن الولاءِ، وليس مِن أهلِه، ولأنَّ مِلْكَ المكاتَبِ نَاقِصٌ، والسيدُ لا يَمْلِكُ إعْتاقَ ما في يَدِه ولا هِبَتَه، فلم يَصِحَّ إذْنُه فيه. ولَنا، أنَّ الحَقَّ لا يَخْرُجُ عنهما، فإذا اتَّفَقَا على التَّبَرُّعِ به جازَ، كالرَّاهِنِ والمُرْتَهِنِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالنِّكاحِ؛ فإنَّه لا يَمْلِكُه ولا يَمْلِكُه السيدُ عليه، وإذا أذِنَ فيه جازَ. وأما الولاءُ فإنَّه يكونُ مَوْقُوفًا؛ فإن عَتَقَ (1) المُكَاتَبُ كان (2) له، وإلَّا فهو لسيدِه، كما يَرِقُّ ممالِيكُه مِن ذَوي أرْحامِه. هذا قولُ القاضي. وقال أبو بكرٍ: يكونُ لسيدِه؛ لأنَّ (3) إعْتاقَه إنَّما صَحَّ (4) بإذْنِ سيدِه، فكان كنائِبهِ.
(1) في الأصل: «أعتق» .
(2)
في م: «لأن» .
(3)
في م: «كان» .
(4)
في الأصل: «يصح» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: قال شيخُنا (1): وليس له أن يَحُجَّ إذا احْتاجَ إلى إنْفاقِ مالِه فيه. وذَكَرَ في كِتابِ الاعتِكافِ (2)، أنَّ له أن يَحُجَّ بغَيرِ إذْنِ سيدِه؛ لأنَّه كالحُرِّ المَدينِ (3). ونَقَل المَيمُونِيُّ عن أحمدَ، أنَّ للمُكاتَبِ أن يَحُجَّ مِن المالِ الذي جَمَعَه إذا لم يَأْتِ نَجْمُه. قال شيخُنا (4): وذلك مَحْمُول على أنَّه يَحُجُّ بإذْنِ سيدِه، أمَّا بغيرِ إذْنِه فلا يَجُوزُ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ بما يُنْفِقُ ماله فيه، فلم يَجُزْ، كالعِتْقِ. فأمّا إن أمْكَنَه الحَجُّ مِن غيرِ إنْفاقِ مالِه، كالذي يَتَبَرَّعُ له إنْسانٌ بإحْجاجِه، أو يَخْدُمُ مَن يُنْفِقُ عليه، فيجوزُ إذا لم يأتِ نَجْمُه؛ لأنَّ هذا يَجْرِي مَجْرَى تَرْكِه المكْسَبَ (5)، وليس ذلك ممَّا يُمْنَعُ منه.
(1) في: المغني 14/ 482.
(2)
في الأصل: «الإعتاق» . وانظر ما تقدم في 7/ 573، 574 في كتاب الاعتكاف.
(3)
في الأصل: «المدبر» .
(4)
في المغني 14/ 482.
(5)
في الأصل: «المكتسب» .