الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ أكَلَ أَوْ شَرِبَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، قَلَّ أوْ كَثُرَ، وَإنْ كَانَ سَهْوًا لَمْ تَبْطُلْ إذَا كَانَ يَسِيرًا.
ــ
وعَمَل مِن غيرِ جِنْسِ الصلاةِ، كالحَكِّ والمَشْيِ والتَّرَوُّحِ، فهذا تَبْطُلُ الصلاةُ بكثِيرِه، عَمْدًا كان أو سَهْوًا، بالإجْماعِ. وإن كان مُتَفَرِّقًا لم تَبْطُلْ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَمَل أُمامَةَ في الصلاةِ، إذا قام حَمَلَها، وإذا سَجَد وَضَعَها (1). وهذا لو اجْتَمَعَ كان كَثِيرًا. وإن كان يَسيرًا، لم يُبْطِلْها، لِما ذَكَرْنا. والمَرْجِعُ في الكَثِيرِ واليَسِيرِ إلى العُرْفِ، وقد ذَكَرْناه فيما مَضَى. ولا يُشْرَعُ له سُجُودٌ؛ لأنَّه لا يكادُ تَخْلُو منه صلاةٌ، ويَشُقُّ التَّحَرُّرُ منه.
470 - مسألة: (وإن أكَلَ أو شَرِب عَمْدًا، بَطلَت صَلَاتُه، قَلَّ أو كَثُر، وإن كان سَهْوًا، لم تَبْطُلْ إذا كان يَسِيرًا)
إذا أكَل أو شَرِب عامِدًا في الفَرْضِ، بَطَلَت صَلَاتُه، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ
(1) تقدم تخريجه في الجزء الأول صفحة 160.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العِلْمِ، على أنَّ المُصَلِّيَ مَمْنُوعٌ مِن الأكْلِ والشُّرْبِ، وأجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العِلْم، على أنَّ مَن أكَل أو شَرِب في صلاةِ الفَرْضِ عامِدًا، أنَّ عليه الإِعادَةَ. وإن فَعَله في التَّطَوُّعِ أبْطَلَه، في الصَّحِيح مِن المذهبِ، وهو قولُ أكثَرِ الفقهاء؛ لأنَّ ما أبْطَلَ الفَرْضَ أبْطَلَ التَّطَوُّعَ، كسائِرِ المُبْطِلاتِ. وعن أحمدَ، أنَّه لا يُبْطِلُها. ويُرْوَى عن ابن الزُّبَيْرِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْر، أنَّهُما شَرِبا في التَّطَوُّعِ (1). وهذا قولُ إسحاقَ؛ لأنَّه عَمَلٌ يَسِيرٌ، أشْبَهَ غيرَ الأكْلِ. فأمّا إن كَثُر فإنَّه يُفسِدُها بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّ غيرَ الأكْلِ مِن الأعْمالِ يُبْطِلُ الصلاةَ إذا كَثُر، فالأكْلُ والشُّرْبُ أوْلَى. فإن كان سَهْوًا وكَثُر (2) أبْطَلَ الصلاةَ أَيضًا بغيرِ خلافٍ، لِما ذَكَرْنا. وإن كان يَسِيرًا، لم يَبْطُلْ به الفَرْضُ ولا التَّطَوُّعُ،
(1) انظر: مصنف عبد الرَّزّاق 2/ 333.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ عطاءٍ والشافعيِّ. وقال الأوْزاعِيُّ: يُبْطِلُ الصلاةَ؛ لأنَّه فِعْلٌ مِن غيرِ جِنْسِ الصلاةِ، يُبْطِلُ عَمْدُه، فأبْطَلَ سَهْوُه، كالعَمَلِ الكَثِيرِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه عليه السلام:«عُفِيَ لأُمَّتِي عَنِ الخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» (1). ولأنَّه يُسَوَّى بينَ قَلِيلِه وكَثِيرِه حالَ العَمْدِ، فعُفِيَ عنه في الصلاةِ إذا كان سَهْوًا، كالعَمَلِ مِن جِنْسِها.
فصل: إذا تَرَك في فِيهِ ما يَذُوبُ كالسُّكَّرِ، فذاب منه شئٌ، فابْتَلَعَه، أفْسَدَ الصلاةَ؛ لأنَّه أكَل. وإن بَقِي بينَ أسْنانِه، أو في فِيهِ، مِن بَقايا الطَّعامِ يَسِيرٌ يَجْرِي به الرِّيقُ، فابْتَلَعَه، لم تَبْطُلْ؛ لأنَّه يَشُقُّ الاحْتِراز منه. وإن تَرَك في فِيهِ لُقْمَةً ولم يَبْتَلِعْها، كُرِهَ؛ لأنَّه يَشْغَلُه عن خُشُوعِ الصلاةِ، وعن الذِّكْرِ والقِراءَةِ فيها، ولا يُبْطِلُها؛ لأنَّه عَمَلٌ يَسِيرٌ، فهو كما لو أمْسَكَ شيئًا في يَدِه. واللهُ أعلمُ.
(1) تقدم تخريجه في الجزء الأول صفحة 276.