الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرأَ فِي سَكَتَاتِ الْإِمَام، وَفِيمَا لَا يَجْهَرُ فِيهِ، أَوْ لَا يَسْمَعُهُ لِبُعْدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ فَعَلَى وَجْهَينِ.
ــ
ابنِ محمودِ بنِ الرَّبِيعِ، وهو أدْنَى حالًا مِن ابنِ إسحاقَ. وقِياسُهم على المُنْفَرِدِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ المُنْفَرِدَ ليس له مَن يَتَحَمَّلُ عنه القِراءَةَ، بخِلافِ المَأْمُومِ.
541 - مسألة: (ويُسْتَحَبُّ أن يَقْرَأَ في سَكَتاتِ الإِمامِ، وما لا يَجْهَرُ فيه، أو لا يَسْمَعُه لبُعْدِه. فإن لم يَسْمَعْه لطَرَشٍ، فعلى وَجْهَين)
وهو قولُ جَماعَةٍ مِن أهْلِ العِلْمِ. ورُوِيَ نَحْوُه عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ (1).
(1) في الأصل: «عمرو» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ مُجاهِدٍ، والحسنِ، والشَّعْبيِّ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةَ، وغيرِهم. قال أبو سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحْمَنِ: للإِمامِ سَكْتَتان، فاغْتَنِمْ فيهما القِراءةَ بفاتِحَةِ الكِتابِ؛ إذا دَخَل في الصلاةِ، وإذا قال:{وَلَا الضَّالِّينَ} . وقال عُرْوَةُ: أمّا أنا فأغْتَنِمُ مِن الإِمامِ اثْنَتَين؛ إذا قال: {غَيرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} . فأَقْرَأُ عندَها، وحينَ يَخْتِمُ السُّورَةَ فأقْرَأُ قبلَ أن يَرْكَعَ. وهذا قولُ الشافعيِّ. وقالت طائِفَةٌ: لا يَقْرَأُ خلفَ الإِمام في سِرٍّ ولا جَهْرٍ. يُرْوَى ذلك عن تِسْعَةٍ مِن أصحابِ رسولِ صلى الله عليه وسلم، ذَكرْناهم في المَسْألَةِ قبلَها. رَواه سعيدٌ في سُنَنِه. وقال إبراهيمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّخَعِيُّ: إنَّما أحْدَثَ النّاسُ القِراءَةَ وراءَ الإِمامِ زَمانَ المُخْتارِ (1)؛ لأنَّه كان يُصَلِّي بهم صلاةَ النَّهارِ دُونَ اللَّيلِ، فاتَّهَمُوه، فقَرَأُوا خَلْفَه. وكَرِه إبراهيمُ القِراءَةَ خلفَ الإِمام. وقال: يَكْفِيكَ قِراءَةُ الإِمامِ. وهذا قولُ ابنِ عُيَينَةَ، والثَّوْرِيِّ، وأصَحابِ الرَّأْي؛ لِما روَى جابِرٌ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» (2). ولأنَّه مَأْمُومٌ، فلم يَقْرَأُ، كحالةِ الجَهْرِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«فَإِذَا أَسْرَرْتُ بِقِرَاءَتِي فاقْرَأوا» . رَواه الدّارَقُطنِيُّ (3). ولقَوْلِ الرّاوي في الحديثِ الصَّحِيحِ: فانْتَهَى النّاسُ أن يَقْرَأُوا فيما جَهَر فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. [وأمّا خَبَرُ جابِرٍ، فالصَّحِيحُ أنَّه مُرْسَلٌ عن عبدِ اللهِ بنِ شَدّادٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم](4). كذلك رَواه الإِمامُ أحمدُ، وسعيدُ بنُ منْصُورٍ. والقِياسُ على حالةِ الجَهْرِ لا يَصِحُّ، لأنَّه أُمِرَ فيها بالإِنْصاتِ لاسْتِماعِ قِراءَةِ الإِمامِ، بخِلافِ هذا. إذا ثبَت هذا فإنَّه يَقْرأُ في حالةِ الجَهْرِ في سَكَتاتِ الإِمامِ بالفاتِحَةِ، وفي حالِ الإِسْرارِ يَقْرَأُ بالفاتِحَةِ وسُورَةٍ، كالإِمامِ والمُنْفَرِدِ.
(1) المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، الكذاب، مُدَّعي النبوة، قتل سنة سبع وستين. الإصابة 6/ 349 - 352، سير أعلام النبلاء 3/ 538 - 544.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 305.
(3)
في: باب ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «من كان له إمام» ، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني 1/ 333.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن لم يَسْمَعِ الإِمامَ في حالِ الجَهْرِ؛ لبُعْدِه، قَرَأ. نَصَّ عليه. قِيلَ له: أَليس قد قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (1)؟ قال: هذا إلى أيِّ شيء يَسْتَمِعُ؟ قِيلَ له: فالأُطْرُوشُ؟
(1) سورة الأعراف 204.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: لا أدْرِي. قال شيخُنا (1): وهذا يُنْظَرُ فيه؛ فإن كان بَعِيدًا قَرَأ أَيضًا، وإن كان قَرِيبًا قَرَأ في نَفْسِه، بحيث لا يَشْغَلُ مَن إلى جانِبِه عن الاسْتِماعِ؛ لأنَّه في مَعْنَى البِعِيدِ، ولا يَقْرَأُ إذا كان يَخْلِطُ على مَن يَقْرُبُ إليه ويَشْغَلُه (2) عن الاسْتِماعِ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، لا يَقْرأُ إذا كان قَريبًا؛ لئَلَّا يَخْلِطَ على الإِمامِ، ولأنَّه لو كان في مَوْضِعِه مَن يَسْمَعُ لم يَقْرَأْ، أشْبَهَ السَّمِيعَ. وإن سَمِع هَمْهَمَةَ الإِمامِ ولم يَفهَمْ، فقال، في رِوايَة الجَماعَةِ: لا يَقْرَأُ. وقال، في رِوايَةِ عبدِ اللهِ: يَقْرَأْ إذا سَمِع الحَرْفَ بعدَ الحَرْفِ.
(1) في: المغني 2/ 267.
(2)
في م: «يشتغل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يُسْتَحَبُّ للمَأْمُوم القِراءَةُ وهو يَسْمَعُ قِراءَةَ الإِمامِ بالحَمْد للهِ ولا بغيرِها. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ، وأبو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرحمنِ، والزُّهْرِيُّ، وكثيرٌ مِن السَّلَفِ، والثَّوْرِيُّ، وابنُ عُيَيْنَةَ، وابنُ المُبارَكِ، وإسحاقُ (1)، وأصحابُ الرَّأْيِ. وهو أحَدُ قَوْلَيِ الشافعيِّ. والقَوْلُ الآخَرُ، قال: يَقْرَأْ. ونَحْوُه عن اللَّيْثِ، وابنِ عَوْنٍ (2)، ومَكْحُولٍ؛ لِما ذكَرْنا مِن الأحادِيثِ والمَعْنى على وُجُوبِ القِراءَةِ على المَأْمُومِ. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (3). قال سعيدُ بنُ المُسَيَّب، ومحمدُ بنُ كَعْبٍ، والزُّهْرِيُّ، وإبراهيمُ، والحسنُ: إنَّها نَزَلَت في شَأْنِ الصلاةِ. وقال أحمدُ، في رِوايَةِ أبي داودَ: أجْمَعَ النّاسُ على أنَّ هذه الآيَةَ في الصلاةِ. وروَى أبو
(1) سقط من: م.
(2)
أبو عون عبد الله بن عون بن أرطبان، مولى مزينة، من فقهاء التابعين بالبصرة، توفى سنة إحدى وخمسين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازى 90.
(3)
سورة الأعراف 204.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هُرَيْرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمُّ بِهِ، فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإذَا قَرَأَ فَأَنصِتُوا» (1). رَواه [الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والنَّسائِيُّ، وصَحَّحَه مسلمٌ ورَواه أَيضًا](2) سعيدُ بنُ مَنْصُورٍ. وروَى أبو موسى، قال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَنا، فبَيَّنَ لَنا سُنَّتَنا، وعَلَّمَنا صَلَاتَنا، فقال:«إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا» . رَواه مسلمٌ (3). وروَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ» . فانْتَهَى النّاسُ أن يَقْرأُوا فيما جَهَر فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم. رَواه مالكٌ (4) بمَعْناه. وقال التِّرْمِذِيُّ:
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 416.
(2)
سقط من: م.
(3)
تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 523.
(4)
في: باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، من كتاب الصلاة. الموطأ 1/ 86، 87. كما أخرجه أبو داود، في: باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر بها الإمام، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 190. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر بالقراءة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 107، 108. والنَّسائي: في: باب القراءة خلف الإمام فيما جهر به، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 108، 109. وابن ماجه، في: باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 276. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 240، 284، 285، 302، 487.