الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ أربَعَ عَشَرةَ سَجْدَةً،
ــ
512 - مسألة؛ قال: (وهو أربَعَ عشرةَ سَجْدَة)
اخْتَلَفُوا في سُجُودِ القُرآنِ، فالمشهُورُ في المَذهْبَ أن عَزائِمَ السُّجُودِ أربَعَ عَشرةَ سَجْدَة؛ منها ثَلاث في المُفَصَّلِ، وليس منها سَجْدَةُ ص، ومنها اثْنَتان في الحَجِّ. وهذا أحَدُ قَوْلَى أبي حنيفةَ، والشافعيّ، إلَّا أن أَبا حنيفةَ جَعَل سَجْدَةَ ص بَدلًا من السَّجْدَةِ الثَّانِيَة مِن الحَجِّ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّها خَمسَ عشرةَ، منها سَجْدَةُ ص. ورُوِيَ ذلك عن عُقْبَةَ بنِ عامِرٍ، وهو قولُ إسحاقَ، لِما رُوىَ عن عَمرِو به. العاص، أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أقْرَأه خمسَ عشرةَ سَجْدَة، منها ثَلاث في المُفَصَّلِ، وفي الحَجِّ سَجْدَتان (1). رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجه (2). وقال مالك في رِواية، والشافعي في قول: عَزائِمُ السُّجُودِ إحدَى عَشرةَ سَجْدَةً. ويروَى هذا القولُ عن ابن عُمَرَ، وابنِ عباسٍ، منها سَجْدَةُ ص، وأولُ الحَجِّ دُونَ آخِرِها، وليس فيها سَجَداتُ المفَصَّلِ. ورُوِيَ عن ابن عباس أنَّه عدَّها عَشرًا، وأسْقَطَ منها سَجْدَةَ ص، لِما روَى أبو الدرداءِ، قال: سَجَدتُ مع النبيّ صلى الله عليه وسلم إحدَى عشرةَ سَجْدَة (3)، ليس فها مِن المُفَصَّلِ شيءٌ.
(1) في م: «اثنتان» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب تفريع أبواب السجود، وكم سجدة في القرآن، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 324. وابن ماجه، رضي الله عنه: باب عدد السجود، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 335.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رواه ابنُ ماجه (1). وقال ابنُ عباسٍ: إنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يَسْجدْ في شئٍ مِن المُفَصَّلِ منذُ تَحَوَّلَ إلى المَدِينَةِ. رواه أبو داودَ (2). ولَنا، ما روَى أبو رافِع، قال: صَليْتُ خلفَ أبي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فقَرَأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} . فسَجَدَ، فقُلْتُ: ما هذه السَّجْدَةُ؟ قال: سَجَدتُ بها خلفَ أبي القاسِمِ صلى الله عليه وسلم فلا أزالُ أسْجُدُ فيها حتَّى ألْقاه. مُتَّفَقٌ عليه (3). وعن أبي هُرَيرةَ، قال: سَجَدنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} . و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} . أخْرَجَه مسلمٌ (4). وعن عبدِ اللهِ
(1) في: باب عدد سجود القرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 335. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في سجود القرآن، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 3/ 48. والإمام أَحْمد، في المسند 5/ 194، 6/ 442
(2)
في: باب من لم ير السجود في المفصل، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 324.
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الجهر في العشاء، وباب القراءة في العشاء بالسجدة، من كتاب الأذان، في: باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها، من كتاب السجود. صحيح البُخَارِيّ 1/ 194، 2/ 52. ومسلم، في: باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 407. كما أخرجه أبو داود، في: باب من رأى فيها (في سورة النجم) سجودا، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 325. وابن ماجه، في: باب عدد سجود القرآن، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 336.
(4)
في: باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 406. كما أخرجه أبو داود، في: باب من رأى فيها (في سورة النجم) سجودا، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 325. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في السجدة في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} و {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذي 3/ 56. وابن ماجه، في: باب عدد سجود القرآن، من باب إقامة الصلاة سنن ابن ماجه 1/ 336. والدارمي، في: باب السجود في {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 343.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ مسعودٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأ سُورَةَ النَّجْمِ، فسَجَدَ فيها، وما بَقِيَ مِن القَوْمِ أحَدٌ إلَّا سَجَد. مُتَّفَقٌ عليه (1). وهذا مُقَدَّم على قولِ ابنِ عباس؛ لأنه إثْبات، والإثْباتُ مُقَدَّمٌ على النَّفْيِ، وأبو هُرَيرةَ إنَّما أسْلَمَ بعدَ الهِجْرَةِ فِي السنةِ السابِعَةِ، ويمكِنُ الجَمعُ بينَ الأحادِيثِ بحَملِ السُّجُودِ على الاسْتِحبابِ، وتركِه السُّجودَ يَدُلُّ على عَدَمِ الوُجُوب، فلا تَعارُضَ إذًا. وأمّا رِوايَةُ كَوْنِ السُّجُودِ خَمسَ عَشْرَةَ، فمَبْناه على أنَّ منها سَجْدَةَ ص. وقد رُوِيَ عن عُمَرَ، وابنه، وعثمانَ، أنَّهم سَجَدُوا فيها، وهو قَوْلُ الحسنِ، ومالكٍ، والثَّوْري، وأصحابِ الرأيِ؛ لِما روَى ابنُ عباس، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَجَد فيها (2). وظاهِرُ المَذْهبِ أنَّها ليست مِن عَزائِمَ السُّجُودِ. رُوِيَ ذلك عن [بنِ مسعودٍ](3) وابنِ عباسٍ،
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب سجدة النجم، من كتاب السجود، وفي: باب ما لقى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، من كتاب مناقب الْأَنصار. صحيح البُخَارِيّ 2/ 50، 51، 5/ 57. ومسلم، في: باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 450. كما أخرجه أبو داود، في: باب من رأى فيها (سورة النجم) سجودا، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 325. والإمام أَحْمد، في: المسند 1/ 388، 401، 437.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب السجود في صف، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 325.
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعَلْقَمَةَ. وهو قولُ الشَّافعيِّ؛ لِما روَى أبو سعيدٍ، قال: قَرَأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على المِنبَرِ ص، فنَزَلَ فسَجَدَ، وسَجَد النَّاسُ معه، فلَمّا كان يَوْمٌ آخَرُ قَرَأها، فلما بَلَغ السجْدَة تَشَزَّنَ النَّاسُ (1) للسُّجُودِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«إنَّما هِيَ تَوْبَةُ نَبيٍّ، وَلَكنِّي رَأيْتُكم تَشزَّنتُم لِلسجُودِ» . فنَزَلَ، فسَجَدَ، وسَجَدُوا. رواه أبو داودَ (2). وعن ابنِ عباس، أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَد في ص، وقال:«سَجَدَها دَاوُدُ تَوْبَةً، وَنحنُ نَسْجُدُها شُكْرًا» . أَخْرَجه النَّسائيُّ (3). وقال ابنُ عباس: ليست ص مِن عَزائِمِ السُّجُودِ. والحديثُ الذى ذَكَرنَاه للروايةِ الأولَى مِن أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سَجَد فيها، يَدُلُّ على أنَّه إنما سَجَد فيها [شُكْرًا، كما بَينَ في حَدِيثِ ابنِ عباس. فإذا قُلْنا: ليست مِن عَزائمِ السجُودِ، فسَجَدَهَا](4) في الصلاةِ، احتَمَلَ أن لا تَبْطُلَ صلاتُه؛ لأنَّ سَبَبَها القِرَاءَةُ في الصلاةِ، أشْبَهَتْ عَزائِمَ السجُودِ، واحتَمَلَ أن تَبْطُلَ صلاتُه إذا فَعَل ذلك عَمدًا، كسائِرِ سُجُودِ الشكْرِ. والله أعلمُ.
(1) تشزّن النَّاس: استوفزوا وتأهبوا له ويهيأوا.
(2)
في الموضع السابق.
(3)
في. باب سجود القرآن، السجود في ص؛ من كتاب الافتتاح. المجتبى 2/ 123.
(4)
سقط من: الأصل.