الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالْأُخْرَى، لَا يَصِحُّ فِيهِمَا.
ــ
568 - مسألة: (ويَصِحُّ ائْتِمامُ المُفْتَرِضِ بالمُتَنَفِّلِ، ومَن يُصَلِّي الظُّهْرَ بمَن يُصَلِّي العَصْرَ، في إحْدَى الرِّوايَتَيْن. والأُخْرَى، لا يَصِحُّ فيهما)
اخْتَلَفَ عنه (1) في صِحَّةِ ائْتِمامِ (2) المُفْترِضِ بالمُتَنَفِّلِ؛ فنقَلَ
(1) أي النقل.
(2)
في تش: «إمامة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه حَنْبَلٌ، وأبو الحارِثِ، لا يَصِحُّ. اخْتارَه أكْثَرُ الأصْحابِ. وهو قولُ الزُّهْرِيِّ، ومالكٍ، وأصحابِ الرَّأَيِ، لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّمَا جُعِلَ الْإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عليه (1). ولأنَّ صلاةَ المَأْمُومِ لا تَتَأَدَّى بنِيَّةِ الْإمامِ، أشْبَهَ صلاةَ الجُمُعَةِ خلفَ مَن يُصَلِّي الظُّهْرَ. والثّانِيَةُ، تصِحُّ. نَقَلَها عنه إسماعِيلُ بنُ سعيدٍ، وأبو داودَ. وهذا قَوْلُ عَطاءٍ، والأوْزاعِيِّ، والشافعيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. قال
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 416.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شيخُنا (1): وهي أَصَحُّ؛ لأنَّ مُعاذًا كان يُصَلِّي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثم يَرْجعُ فيُصَلِّي بقوْمِه تلك الصلاةَ. مُتَّفَقٌ عليه (2). وصَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بطائِفَةٍ مِن أصْحابِه في صلاةِ الخَوْفِ رَكْعَتَيْن، ثم سَلَّمَ، ثم صَلَّى بالطائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَتَيْن، ثم سَلَّمَ. رَواه أبو داودَ، والأثْرَمُ (3). وهو في الثّانِيَةِ مُتَنَفِّلٌ أمَّ (4) مُفْتَرِضِين. ولأنَّهما صلاتان اتَّفَقَتا في الأفْعالِ، فجازَ ائْتِمَّامُ المُصَلِّي في إحْداهما بالمُصَلِّي في الأخْرَى، كالمُتَنَفِّلِ خلفَ المُفتَرِضِ. فأمّا حَدِيثُهم فالمُرادُ به، لا تَخْتَلِفُوا عليه في الأفْعالِ؛ لأنَّه إنَّما ذَكَر في الحديثِ الأفْعالَ، فقالَ:«فَإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» . ولهذا صَحَّ ائْتِمامُ المُتَنَفِّلِ بالمُفْترِضِ، وقِياسُهم يَنْتَقِضُ بالمَسْبُوقِ في الجُمُعَةِ إذا أدْرَك أقَلَّ مِن رَكْعَةٍ، فنَوَى الظُّهْرَ خلفَ مَن يُصلِّي الجُمُعَةَ.
(1) في: المغني 3/ 67.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب إذا صلى ثم أم قومًا، من كتاب الأذان. صحيح البُخَارِيّ 181/ 1، 182. ومسلم، في: باب القراءة في العشاء، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 340. وأبو داود، في: باب إمامة من يصلي بقوم وقد صلى تلك الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 141. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 302.
(3)
يأتي في صلاة الخوف.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فأمّا صلاةُ المُتَنَفِّلِ خلفَ المُفْتَرِضِ، فلا نَعْلَمُ في صِحَّتِها خِلافًا، وقد دَلَّ عليه قَوْلُه عليه السلام:«ألَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا، فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» (1).
فصل: فأمّا صلاةُ الظُّهْرِ خلفَ مَن يُصَلِّي العَصْرَ، ففيه رِوايَتان، وكذلك صلاةُ العِشاءِ خلفَ مَن يُصَلِّي التَّراوِيحَ؛ إحداهما، يَجُوزُ. نَقَلَها عنه إسماعيلُ بنُ سعيدٍ، فإنَّه قال له: ما تَرَى إن صَلَّى في رمضانَ خلفَ إمام يُصَلِّي بهم التَّراوِيحَ؛ قال: يُجْزِئُه ذلك مِن المَكْتُوبَةِ. والثّانِيَةُ، لا يَجُوزُ. نَقَلَها عنه المَرُّوذِيُّ؛ لأنَّ أحَدَهما لا يَتَأدَّى بنِيَّةِ الأُخْرَى.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 286.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[وهذا فَرْعٌ على صلاةِ المُتَنَفِّلِ بالمُفْتَرِضِ، وقد مَضَى ذِكْرُها. فأمّا إن كانت إحْداهما تُخالِفُ الأُخْرَى](1)، كصلاةِ الجُمُعَةِ والكُسُوفِ خلفَ مَن يُصَلِّي غيرَهما، أو صلاةِ غيرِهما خلفَ مَن يُصَلِّيهما، لم تَصِحَّ، رِوايَةً واحِدَةً؛ لأنَّه يُفْضِي إلى المُخالَفَةِ في الأفْعالِ، فيَدْخُلُ في عُمُومِ قَوْلِه عليه السلام:«فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيهِ» .
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومن صَلَّى الفَجْرَ، ثم شَكَّ، هل طَلَع الفَجْرُ أو لا، لزِمَتْه الإعادَةُ، وله أن يَؤُمَّ فيها مَن لم يُصَلِّ. وقال بَعْضُ أصْحابنا: تُخَرَّجُ على الرِّوايَتَيْن في إمامَةِ المُتَنَفِّلِ بالمُفْتَرِضِ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاءُ الصلاةِ في ذِمَّتِه ووُجُوبُ فِعْلِها (1)، فأشْبَهَ ما لو شَكَّ، هل صَلَّى أو لا؟ ولو فاتَتِ المَأْمُومَ رَكْعَةٌ، فصَلَّى الإمامُ خَمْسًا ساهِيًا، فقالَ ابنُ عَقِيلٍ: لا يُعْتَدُّ للمَأْمُومِ بالخامِسَةِ؛ لأنِّها سَهْوٌ وغَلَطٌ. وقال القاضي: هذه الرَّكْعَةُ نافِلَةٌ للإمامِ، وفَرْضٌ للمأْمُومِ. فيُخَرَّجُ فيها الرِّوايَتان. وقد سُئِل أحمدُ عن هذه المَسائِلَ، فتَوَقَّفَ فيها. قال شيخُنا (2): والأوْلَى أنَّه يُحْتَسبُ له بها؛ لأنَّه لو لم يُحْتَسبْ له بها، لَزِمَه أن يُصَلِّيَ خَمْسًا مع عِلْمِه
(1) في م: «أفعالها» .
(2)
في: المغني 3/ 69.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بذلك، ولأنَّ الخامِسَةَ واجِبَةٌ على الإمامِ عندَ مَن يُوجِبُ عليه البِناءَ على اليَقِينِ، ثم إن كانَتْ نَفْلًا، فقد ذَكَرْنا أنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ الائْتِمامِ فيه. وإن صَلَّى بقَوْمٍ الظُّهْرَ يَظُنُّها العَصْرَ، فقالَ أحمدُ: يُعِيدُ ويُعِيدُون. وهذا على الرِّوايَةِ التي مَنَع فيها ائْتِمامَ المفْتَرضِ بالمُتَنَفِّلِ. فإن ذَكَر الإِمامُ وهو في الصلاةِ، فأتَمَّها عَصْرًا، كانت له نفْلًا، وإن قَلَب نِيِّتَه إلى الظُّهْرِ، بَطَلَتْ صَلَاتُه؛ لِما ذَكَرْناه مُتَقدِّمًا (1). وقال ابنُ حامِدٍ: يُتِمُّها، والفَرْضُ باقٍ في ذِمَّتِه.
(1) انظر ما تقدم في الجزء الثالث صفحة 373.
فَصْلٌ في الْمَوْقِفِ: السُّنَّةُ أنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الْإمَامِ،
ــ
(فصلٌ في المَوْقِفِ: السُّنَّةُ أن يَقِفَ المَأْمُومُون خلفَ الإمامِ) إذا كان المَأْمُومُون جَماعَةٌ، فالسُّنَّةُ أن يَقِفُوا خلفَ الإمامِ، رِجالًا كانوا أو نِساءً؛ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي بأصْحابِه فيَقُومُون خلفَه، ولأنَّ جابِرًا وجَبّارًا لَمّا وَقَفا عن يَمِينِه وشِمالِه، رَدَّهما إلى خلفِه (1). وإن كانا اثْنَيْن فكذلك، لِما روَى جابرٌ، قال: سِرْتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةٍ، فقامَ يُصَلِّي، فتَوَضَّأْتُ، ثم جِئْتُ حتَّى قُمْتُ عن يَسارِه، فأخَذَ بيَدِي فأدارَنى حتَّى أقامَنِي عن يَمِيِنِه، فجاءَ جَبّارُ بنُ صَخْرٍ حتَّى قام عن يَسارِه، فأخَذَنا جِميعًا بيَدَيْه فأقامَنا خلفَه. رَواه أبو داودَ (2). وهذا قولُ عُمَرَ، وعليٍّ، وجابِرِ بنِ زَيْدٍ، والحسنِ، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأْيِ. وكان ابنُ مسعودٍ يَرَى أن يَقِفا عن جانِبَيِ الإِمامِ؛ لأنَّه يُرْوَى عنه، أنَّه صَلَّى بينَ عَلْقَمَةَ والأسْوَدِ، وقال: هكذا رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَل. رَواه
(1) أخرجه مسلم، في: باب حديث جابر الطَّويل. . . . إلخ، من كتاب الزهد والرقائق. صحيح مسلم 4/ 2305. وأبو داود، في: باب إذا كان ثوبًا ضيقًا يتزر به، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 147، 148.
(2)
انظر التخريج السابق.