الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ رُكُوعِ إِمَامِهِ عَالِمًا عَمْدًا فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
544 - مسألة: (فإن رَكَع ورَفَع قبلَ رُكُوعِ إمامِه عالِمًا عَمْدًا فهل تَبْطُلُ صَلَاتُه؟ على وَجْهَيْن)
وكذلك ذَكَرَه أبو الخَطّابِ؛ أحَدُهما، تَبْطُلُ؛ للنَّهْيِ. والثّانِي، لا تَبْطُلُ؛ لأنَّه سَبَقَه برُكْنٍ واحِدٍ، فهي كالتى قَبْلَها. قال ابنُ عَقِيلٍ: اخْتَلَفَ أصحابُنا، فقال بَعْضُهم: تَبْطُلُ الصلاةُ بالسَّبْقِ، بأيِّ رُكْنٍ مِن الأرْكانِ؛ رُكُوعًا كان أو سُجُودًا، أو قِيامًا أو قُعُودًا. وقال بَعْضُهم: السَّبْقُ المُبْطِلُ يَخْتَصُّ بالرُّكُوعِ؛ لأنَّه الذى
وَإنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيّا لَمْ تَبْطُلْ صَلَاُتهُ. وَهَلْ تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ؛
عَلَى رِوَايَتَيْنِ. فَإِنْ رَكَعَ وَرَفعَ قَبْلَ رُكُوعِهِ، ثُمَّ سَجَدَ قَبْلَ رَفْعِهِ،
ــ
يَحْصُلُ به إدْراكُ الرَّكْعَةِ، وتَفوتُ بفَواتِه، فجازَ أن يَخْتَصَّ بُطلانُ الصلاةِ بالسَّبْقِ به. (وإن كان جاهِلًا أو ناسِيًا لم تَبْطُلْ صلاتُه) لقَوْلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ» . (وهل تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ؛ فيه رِوايتانِ) إحْداهما، تَبْطُلُ؛ لأنَّه [لم يَقْتَدِ](1) بإمامِه في الرُّكُوعِ، أشْبَهَ ما لو لم يُدْرِكْه. والأُخْرى، لا تَبْطُلُ؛ للخبَير. فأمّا (إن رَكَع ورَفَع (2) قبلَ رُكُوعِ إمامِه) فلَمّا رَكَع الإِمامُ (سَجَد قبلَ
(1) في م: «لا يقتدى» .
(2)
سقط من. م.
بَطَلَتْ صَلَاُتهُ، إلَّا الْجَاهِلَ وَالنَّاسِيَ، تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا وَتَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ.
ــ
رفْعِه، بَطَلَت صَلَاتُه) وإن كان عَمْدًا؛ لأنَّه لم يَقْتَدِ بإمامِه في أكْثَرِ الرَّكْعَةِ. وإن فَعَلَه جاهِلًا أو ناسِيًا، لم تَبْطُلْ؛ للحَدِيثِ، ولم يَعْتَدَّ بتلك الرَّكْعَةِ؛ لعَدَمِ اقْتِدائِه بإمامِه فيها.
فصل: فإن سَبَق الإِمامُ المأْمُومَ برُكْن كامِلٍ؛ مِثْلَ أن رَكَع ورفَع قبلَ رُكُوعِ المَأْمُومِ؛ لعُذْرٍ مِن نُعاسٍ أو غَفْلَةٍ أو زِحامٍ أو عَجَلَةِ الإِمامِ، فإنَّه يَفْعَل ما سُبِقَ به، ويُدْرِكُ إمامَه، ولا شئَ عليه. نَصَّ عليه أحمدُ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رِوايَةِ المَرُّوذِيِّ. قال شيخُنا (1): وهذا لا أعْلَمُ فيه خِلافًا. وحَكَى في «المُسْتَوْعِبِ» رِوايَةً، أنَّه لا يُعْتَدُّ بتلك الرَّكْعَةِ. وإن سَبَقَه برَكْعَةٍ كامِلَةٍ أو أكْثَرَ، فإنَّه يَتْبَعُ إمامَه، ويَقْضِي ما سَبَقَه به، كالمَسْبُوقِ. قال أحمدُ، في رجلٍ نَعَس خلفَ الإِمام حتَّى صَلَّى رَكْعَتَيْن، قال: كأنَّه أدْرَكَ رَكْعَتَيْن، فإذا سَلَّمَ الإِمامُ صَلَّى رَكْعَتَيْن. وعنه، يُعِيدُ الصلاةَ. وإن سَبَقَه بأكْثَرَ مِن رُكْنٍ وأقَلَّ مِن رَكْعَةٍ، ثم زال عُذْرُه، فالمَنْصُوصُ عن أحمدَ،
(1) في: المغني 2/ 211.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه يَتْبَعُ إمامَه، ولا يَعْتَدُّ بتلك الرَّكْعَةِ. [وقال المَرُّوذِيُّ: قُلْتُ لأبي عبدِ اللهِ: الإِمامُ إذا سَجَد ورَفَع رَأْسَه قبلَ أن أسْجُدَ؟ قال: إن كانَتْ سَجْدَةً واحِدَةً فاتْبَعْه إذا رَفَع رَأْسَه، وإن كان سَجْدَتَيْن فلا يُعْتَدُّ بتلك الرَّكْعَةِ] (1). وظاهِرُ هذا أنَّه متى (2) سَبَقَه بركْعَتَيْن بَطَلَتْ تلك الرَّكْعَةُ. وإن سَبَق بأقَلَّ مِن ذلك فَعَلَه وأدْرَك إمامَه. وقد قال أصْحابُنا (3)، في مَن زُحِم عن السُّجُودِ يومَ الجُمُعَةِ: يَنْتَظِرُ زَوالَ الزِّحامِ، ثم يَسْجُدُ ويَتْبَعُ الإِمامَ، ما لم يَخَفْ فَواتَ الرُّكُوعِ في الثّانِيَةِ مع الإِمام. فعلى هذا يَفْعَلُ ما فاتَه، وإن كان أكْثَرَ مِن رُكْنٍ. وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَه
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «إن» .
(3)
في م: «بعض أصحابنا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بأصْحابِه، حينَ صَلَّى بهم بعُسْفانَ (1) صلاةَ الخَوْفِ، فأقامَهم خلفَه صَفَّيْن، فسَجَدَ معه الصَّفُّ الأوَّلُ، والصَّفُّ الثّانِي قِيامٌ، حتَّى قام النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى الثّانِيَةِ، فسَجَدَ الصَّفُّ الثّانِي، ثم تَبِعَه (2). وجاز ذلك للعُذْرِ. فهذا مِثْلُه. وقال مالكٌ: إن أدْرَكَهم المَسْبُوقُ في أوَّلِ سُجُودِهم سَجَد معهم، واعتَدَّ بها. وإن عَلِم أنَّه لا يَقْدِرُ على الرُّكوعِ، وأدْرَكَهم في السُّجُودِ حتَّى يَسْتَوُوا قِيامًا، اتِّبَعَهم فيما بَقِيَ مِن صَلاِتهم، ثم يَقْضى رَكْعَةً، ثم يَسْجُدُ للسَّهْوِ. وهذا قولُ الأوْزاعِيِّ، إلَّا أنَّه لم يَجْعَلْ عليه سُجُودَ سَهْوٍ. قال شيخُنا (3): والأوْلَى في (4) هذا، والله أعلمُ، أنَّه ما كان على قِياسِ فِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في صلاةِ الخَوْفِ، فإنَّ غيرَ المَنْصُوصِ عليه يُرَدُّ في الأقْرَبِ من المَنْصُوصِ عليه. وإن فَعَل ذلك لغيرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُه؛ لأنَّه تَرَك الائْتِمامَ بإمامِه عَمْدًا. واللهُ أعلمُ.
(1) عسفان: منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. معجم البلدان 3/ 673.
(2)
يأتي الحديث في صلاة الخوف.
(3)
في: المغني 2/ 212.
(4)
في الأصل: «من» .