الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا مَنْ بِهِ سَلَس الْبَوْلِ، وَلَا عَاجِزٍ عَنِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقُعُودِ.
ــ
فصل: فأمّا الأَصَمُّ فتَصِحُّ إمامَتُه؛ لأنَّه لا يُخِلُّ بشئٍ مِن أفْعالِ الصلاةِ ولا شُرُوطِها، أشْبَهَ الأعْمَى. فإن كان الأصَمُّ أعْمَى صَحَّتْ إمامَتُه كذلك. وقال بعضُ أَصْحابِنا: لا تَصِحُّ إمامَتُه؛ لأنَّه إذا سَها لا يُمْكِنُ تَنْبِيهُه بتسْبِيحٍ ولا إشارَةٍ. قال شيخُنا (1): والأوْلَى صِحَّتُها؛ لأنَّه لا يَمْنَعُ مِن صِحَّةِ الصلاةِ احْتِمالُ عارِض لا يُتَيَقَّنُ وُجُودُه، كالمَجْنُونِ حال إفاقَتِه.
555 - مسألة: (ولا)
تَصِحُّ إمامَةُ (مَن به سَلَسُ البَوْلِ، ولا عاجِزٍ عن الرُّكُوعِ والسُّجُودِ والقُعُودِ) وجملَةُ ذلك أنَّه لا تَصِحُّ إمامَةُ مَن به سَلَسُ البَوْلِ، ومَن في مَعْناه، ولا المُسْتَحاضَةِ بصَحِيح؛ لأنَّهم يُصَلُّون مع خُرُوجِ النَّجاسَةِ التى يَحْصُلُ بها الحَدَثُ مِن غيرِ طهارةٍ. فأمّا مَن عليه النَّجاسَةُ، فإن كانت على بَدَنِه فتَيَمَّمَ لها لعَدَمِ الماءِ، جاز للطّاهِرِ الائْتِمامُ به، كما يَجُوزُ لِلمُتَوَضِّئ الائْتِمامُ بالمُتَيَمِّمِ للحَدَثِ. هذا
(1) في: المغني 3/ 29.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اخْتيارُ القاضي. وعلى قِياسِ قولِ أبي الخَطّابِ، لا يَجُوزُ الائْتِمامُ به؛ لأنَّه أوْجَبَ عليه الإعادَةَ. وإن كانت على ثَوْبِه، لم يَجُزْ الِائْتِمامُ به؛ لتَرْكِه الشَّرْطَ. ولا يَجُوزُ ائْتِمامُ المُتَوَضِّئِ ولا المُتَيَمِّمِ بعادِم اِلماءِ والتُّراب، ولا اللّابِسِ بالعارِي، ولا القادِرِ على الاسْتِقْبالِ بالعاجِزِ عنه؛ لأنَّه تارِكٌ (1) لشَرْطٍ يَقْدِرُ عليه المَأْمُومُ، أشْبَهَ ائْتِمامَ المُعافَى بمَن به سَلَسُ البَوْلِ. ويَصِحُّ ائْتِمامُ كلِّ واحِدٍ مِن هؤلاء بمِثْلِه؛ لأنَّ العُراةَ يُصَلُّون جَماعَةً، وكذلك الأمِّيُّ يَجُوزُ أن يَؤُمَّ مِثْلَه، كذلك هذا.
فصل: ويَصِحُّ ائْتِمامُ المتَوضِّئ بالمُتَيَمِّمِ، بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّ عَمْرَو بنَ العاص صَلَّى بأصحابِه مُتَيَمِّمًا، وبَلَغ ذلك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم-فلم يُنْكِرْه (2). وأمَّ ابنُ عباس أصحابَه مُتَيَمِّمًا، وفيهم عَمّارُ بنُ ياسِرٍ، في نَفَرٍ مِن أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلم يَنْكِرُوه (3). ولأن طَهارَتَه صحِيحَةٌ، أشْبَهَ المُتَوَضِّئَ.
فصل: ولا تَصِحُّ إمامَةُ العاجِزِ عن شئٍ مِن أرْكانِ الأفْعالِ، كالعاجزِ عن الرُّكُوعِ والسُّجُودِ، بالقادِرِ عليه، سَواءٌ كان إمامَ الحَيِّ أو لم يَكُنْ.
(1) في م: «ما ترك» .
(2)
تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 99.
(3)
أخرجه البيهقي، في: باب المتيمم يؤم المتوضئين، من كتاب الطهارة. السنن الكبرى 1/ 234.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبه قال أبو حنيفةَ، ومالكٌ. وقال الشافعيُّ: يَجُوزُ؛ لأَنَّه فِعْلٌ أجازَه المَرَضُ، أشْبَهَ القاعِدَ يَؤُمُّ بالقُيَّامِ. ولَنا، أنَّه أخَلَّ برُكْن لا يَسْقُطُ في النّافِلَةِ، فلم يَجُزْ الائْتِمَامُ به، للقادِرِ عليه، كالقارِئُ بالأُمِّيِّ. وأمّا القِيامُ فهو أخَفُّ بدَلِيلِ سُقُوطِه في النَّافِلَةِ؛ ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ المُصَلِّين خَلْفَ الجالِسِ بالجُلُوسِ (1). ولا خِلافَ أنَّ المُصَلّىَ خَلْفَ المُضْطَجِعِ لا يَضْطَجِعُ. فأمّا إن أمَّ مِثْلَه، فقِياسُ المَذْهَب صِحَّتُه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بأصحابِه في المَطَرِ بالإِيماء (2). والعُراةُ يُصَلُّوَن جَماعَةً بالإِيماءِ، وكذلك حالَ المُسايَفَةِ، ولأنَّ الأُمِّيَّ تَصِحُّ إمامَتُه بمِثْلِه، كذلك هذا.
(1) تقدم تخريجه في حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» في الجزء الثالث صفحة 416.
(2)
أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطِّين والمطر، من كتاب الصلاة. عارضة الأحوذى 2/ 203، 204.