الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَربَع رَكَعَاتٍ؛
ــ
فصل: فإن مَضَى في مَوْضِعٍ يَلْزَمُه الرُّجُوعُ، أو رَجع في مَوْضِعٍ يَلْزَمُه المُضِيُّ، عالِمًا بتحْرِيمِه، بَطَلَت صَلاتُه؛ لتَرْكِه الواجِبَ عَمْدًا. وإن فَعَلَه يَعْتَقِدْ جَوازَه، لم تَبْطُلْ؛ لأنَّه تَرَكَه (1) غيرَ مُتَعَمِّدٍ، أشْبَهَ ما لو مَضَى قبل ذِكْرِ المَتْرُوكِ، لكنْ إذا مَضَى في مَوْضِعٍ يَلْزَمُه الرُّجُوعُ، فَسَدَتِ الرَّكْعَةُ التى تَرَك رُكْنَها، كما لو لم يَذْكُرْه إلَّا بعدَ الشُّرُوعِ في القِراءَةِ. وإن رَجَع في موْضِعِ المُضِيَّ لم يَعْتَدَّ بما يَفْعَلُه في الرَّكْعَةِ التى تَرَكَه منها؛ لأنَّها فَسَدَت بشُرُوعِه في قِراءَةِ غيرِها، فلم يَعُدْ إلى الصِّحَّةِ بحالٍ.
477 - مسألة: (وإن نَسِيَ أرْبَعَ سَجَداتٍ مِن أرْبَع ركَعاتٍ
،
(1) في الأصل: «فعله» .
وَذَكَرَ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ، سَجَدَ سَجْدَةً فَصَحَّتْ لَهُ رَكْعَةٌ، وَيَأْتِي بثَلَاثِ رَكَعَاتٍ. وَعَنْهُ، تَبْطُلُ صلَاُتهُ.
ــ
وذَكَر وهو في التَّشَهُّدِ، سَجَد سَجْدَةً، فصَحُّت له رَكْعَةٌ، ويَأْتِي بثَلاثِ رَكَعاتٍ (1). وعنه، تَبْطُلُ صَلاتُه) هذه المَسْأَلةُ مَبْنِيِّةٌ على المَسْأَلَةِ التى قَبْلَها، وهو أنَّه متى تَرَك رُكْنًا مِن رَكْعَةٍ، فلم يذْكُرْه حتَّى شَرَع في قِراءَةِ التى بَعْدَها، بَطَلَت. فهاهنا لمّا شَرَع في قِراءَةِ الثانِيَةِ بَطَلَتِ الأُولَى، فلمّا شَرَع في قِراءَةِ الثّالِثَةِ قبلَ إتْمام الثّانِيَةِ، بَطَلَتِ الثانيةُ. وكذلك الثالثةُ تَبْطُلُ بشُرُوعِه في الرّابِعَة، فبَقِيَتِ الرابعةُ، ولم يَسْجُدْ فيها إلَّا سَجْدَةً واحِدَةً، فيَسْجُدُ الثانيةَ حينَ يذْكُرُ، وتَتِمُّ له رَكْعَةٌ، ويَأْتِي بثَلاثِ رَكَعاتٍ.
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبهذا قال مالكٌ، واللَّيْثُ. وفيه رِوايَةٌ، أنَّ صَلَاته تَبْطُلُ؛ لأنَّ هذا يُؤَدِّي إلى التَّلاعُبِ بالصلاةِ، ويُلْغِي عَمَلًا كثيرًا في الصلاةِ، وهو ما بينَ التَّحْرِيمَةِ والرَّكْعَةِ الرّابِعَةِ. وهذا قَوْلُ إسحاقَ. وقال الشافعيُّ: تَصِحُّ له رَكْعَتان. على ما ذَكَرْنا في المَسْأَلةِ التى قَبْلَها، وهو أنَّه إذا قام إلى الثّانِيَةِ سَهْوًا، قبل تَمامِ الأُولَى، كان عَمَلُه فيها لَغْوًا، فلمّا سَجَد فيها انْضَمَّت سَجْدَتُها إلى سَجْدَةِ الأُولَى، فكَمُلَت له رَكْعَةٌ، وهكِذا الحُكْمُ في الثالثةِ والرابعةِ. وحَكَى الإمامُ أحمدُ هذا القولَ عن الشافعيِّ، ثم قال: هو أشْبَهُ (1) مِن قَولِ أصْحابِ الرَّأْيِ. قال الأَثْرَمُ: فقلتُ له، فإنَّه إذا فَعَل لا يَسْتَقِيمُ؛ لأنَّه إنَّما نَوَى بهذه السَّجْدَةِ عن الثانيةِ. قال: فكذلك (2) أقولُ، إنَّه يَحْتاجُ أن يَسْجُدَ لكل رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْن. قال شيخُنا (3): ويَحْتَمِلُ أن يكُونَ القَوْلُ المَحْكِيُّ عن الشافعيِّ هو الصَّحِيحَ، وأن يكُونَ قَوْلًا لأحمدَ؛ لأنَّه قد حَسَّنَه، واعْتَذَرَ عن المَصِيرِ إليه، بكَوْنِه إنَّما نَوَى بالسَّجْدَةِ الثانيةِ عن الثانِيَةِ، وهذا لا يَمْنَعُ جَعْلَها عن الأُولَى، [كما لو سَجَد في الرَّكْعَةِ الأُولَى يَحْسَبُ أنَّه في الثّانِيَةِ، أو في الثّانِيَةِ يَظُنُّ أنَّه في الأُولَى](4). وقال الثَّوْرِيُّ،
(1) في الأصل: «الأشبه» .
(2)
في م: «فلذلك» .
(3)
في: المغني 2/ 435.
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصْحابُ الرَّأْيِ: يَسْجُدُ في الحالِ أرْبَعَ سَجَداتٍ. وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ تَرْتِيبَ الصلاةِ شَرْطٌ لا يَسْقطُ بالسَّهْوِ، كما لو نَسِيَ فقَدَّمَ السُّجُودَ على الرُّكُوعِ. فإن لم يَذْكُرْ حتَّى سَلَّمَ، ابْتَدَأ الصلاةَ؛ لأنَّ الرَّكْعَةَ الأخِيرَةَ بَطَلَتْ بسَلامِه، في مَنْصُوصِ أحمدَ، فحِينَئِذٍ يَسْتَأْنِفُ الصَّلاةَ.
فصل: إذا تَرَك رُكْنًا، [ثم ذَكَرَه](1)، ولم يَعْلَمْ مَوْضِعَه، بَنَى الأمْرَ فيه على أسْوَإِ الأحْوالِ؛ مِثْلَ أن يَتْرُكَ سَجْدَةً لا يَعْلَمُ أمِن الرابعةِ هي أم مِن غيرِها، يَجْعَلُها ممّا قبلَها؛ لأَنَّه يَلْزَمُه رَكْعَةٌ كامِلَةٌ، ولو جَعَلَها مِن الرَّابعةِ، أجْزَأه سَجْدَةٌ. فإن تَرَك سَجْدَتَيْن لا يَعْلَمُ أمِن رَكْعَتَيْن أم مِن رَكْعَةٍ، جَعَلَهما مِن رَكْعَتَيْن؛ ليَلْزَمَه رَكْعَتان. وإن تَرَك رُكْنًا مِن رَكْعَةٍ، وعَلِم وهو فيها، ولم يَعْلَمْ أرْكُوعٌ هو أم سُجُودٌ، جَعَلَه رُكُوعًا. وعلى قِياسِ هذا، يَأْتِي بما يَتَيَقَّنُ به إتْمامَ صَلاتِه؛ لئَلَا يَخْرُجَ فها وهو شاكٌّ فيها، فيَكُونَ مُغَرِّرًا (2) بها. وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا غِرَارَ فِي صَلَاةٍ وَلَا تَسْلِيمٍ» . رَواه أبو داودَ (3). وقال الأثْرَمُ: سَألْتُ أَبا عبدِ اللهِ عن تَفْسِيرِ هذا الحدِيثِ. فقال: أمّا أنا فأرَى أن لا يَخْرُج منها إلَّا على يَقِينِ أنَّها قد تَمَّتْ.
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «مغرورًا» .
(3)
في باب رد السلام في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 212، 213. كما أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 461.