الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ الْوِتْرُ، وَلَيْس بِوَاجِبٍ، وَوَقْتُهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأقَلُّهُ رَكْعَة، وَأكْثَرُهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلمُ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ، وَيُوترُ بِرَكْعَةٍ.
ــ
على الاعْتِناءِ بها، والمُحافَظَةِ عليها.
490 - مسألة؛ قال: (ثم الوِتر، وليس بواجِب، ووَقْتُه ما بينَ صلاةِ العِشاء وطُلُوعِ الفَجْرِ، وأقلُّه رَكْعَةٌ، وأكثرُه إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَة، يُسَلِّمُ مِن كل رَكْعَتَيْن، ويُوتِر برَكْعَةٍ)
الوِترُ سُنةْ مُؤكدَة، في المَنْصُوص
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عنه. قال أحمدُ: مَن تَرَك الوِتْر عَمْدًا] (1) فهو رَجُلُ سوء، ولا يَنْبغى أن تُقْبَلَ له شَهادَة. أراد بذلك المُبالَغَةَ في تَأكيدِه، ولم يُرِدِ الوُجُوبَ؛ فإنَّه قد صَرحَ، في رِوايَةِ حَنبلٍ، فقال: الوِتر ليس بمَنْزِلَةِ الفَرْض، فإن شاء قضَى الوِتر، وإن شاء لم يقضه. وذلك لأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يداوِمُ عليه حَضَرًا وسَفَرًا. وروَى أبو أيوبَ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:«الْوِتر حَقٌّ؛ فَمَنْ أَحَبُّ أن يُوتِرَ بِخمس فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أحَبَّ أنْ يُوترَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ» . رَواه أبو داودَ (2).
فصل: واخْتَلفَ أصحابُنا في الوِتْرِ ورَكْعَتَيِ الفَجْرِ، فقال القاضي: رَكْعَتا الفَجْرِ آكَدُ؛ لاخْتِصاصِهما بعَدَدٍ لا يَزِيدُ ولا يَنْقُصُ. وقال غيرُه: الوِتر آكَدُ. وهو أَصَحُّ؛ لأنه مُخْتَلَف في وُجُوبِه، وفيه مِن الأخْبار ما لم يَأْتِ مِثْلُه في رَكْعَتَى الفَجْرِ، لكنْ رَكْعَتا الفَجْرِ تَلِيه في التَّأكِيدِ.
(1) سقط من: م.
(2)
في: باب كم الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 328. كما أخرجه النَّسائيّ في: باب الاختلاف على الزُّهْرِيّ، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 197 وابن ماجه، في باب ما جاء في الوتر ثلاث وخمس وسبع وتسع، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 376.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس الوِتر واجِبًا. وبهذا قال مالك، والشافعي. وذَهَب أبو بكر إلى وجُوبِه. وهو قَوْلُ أبي حنيفةَ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حَدِيثِ أبي أيُّوبَ، ولقَوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ، فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» (1). وعن بُرَيْدَةَ، قال: سَمعْتُ رسولَ اللهَ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «الوِتر حَقٌّ، فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنا» . رَواه الإمامُ أَحْمد (2). وعن خارِجَةَ بنِ حُذافَةَ، قال: خَرَج علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذاتَ غَداةٍ، فقال:«إنَّ اللهَ قدْ أمَدكُمْ بِصَلَاة، وَهِيَ خَيْر لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، وَهِيَ الوِتر، فجَعلَها لَكمْ فِيما بَيْنَ العِشاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» . رَواه الإمام أحمدُ (3)، وأبو داودَ (4). وعن أبي بَصْرَةَ (5)، قال: سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إن اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً، فَصَلوهَا مَا بَيْنَ العِشاءِ إلى صَلَاةِ الصبحِ» . رَواه الأثْرَمُ (6).
(1) تقدم تخريجه في صفحة 11، 12 في حديث:«صلاة الليل مثنى مثنى» .
(2)
في: المسند 5/ 357. كما أخرجه أبو داود، في: باب في من لم يوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 328.
(3)
لم نجده عنده من حديث خارجة بن حذاقة.
(4)
في: باب استحباب الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 327. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في فضل الوتر، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 241. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 369. والدارمي، في: باب في الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 370.
(5)
في الأصل: «نضرة» .
(6)
أخرجه الإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 7.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولنا، قَوْلُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للأعْرابِي، حينَ سَألَه عن ما فَرَض الله عليه مِن الصلاةِ في اليوم والليْلَةِ، قال:«خَمْسُ صَلَوَاتٍ» . قال: هل عليَّ غيرُها؟ قال: «لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ» . فقال الأعْرَابي: والذى بَعَثَك بالحَقِّ لا أزِيدُ علها، ولا أنقُص منها. فقال:«أفْلَحَ الرجُلُ إنْ صَدَقَ» . حديث صحيح (1). ورُوِي أن رجلًا مِن كِنانَةَ يُدْعَى المُخْدِجِيَّ (2)، سَمِع رَجُلًا مِن أهلِ الشامِ، يُدْعَى أَبا محمدٍ، يقولُ: إن الوِتر واجِبٌ. قال: فرُحْت إلى عُبادَةَ بنِ الصامِتِ، فأخْبَرْتُه، فقال عُبادَةُ: كذَب أبو محمدٍ،
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب الزكاة من الإسلام، من كتاب الإيمان، وفي: باب وجوب صوم رمضان، من كتاب الصوم، وفي: باب كيف يستحلف، من كتاب الشهادات، وفي: باب في الزكاة، وأن لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق؛ خشية الصدقة، من كتاب الحيل. صحيح البُخَارِيّ 1/ 18، 3/ 30، 235، 9/ 21. ومسلم، في: باب بيان الصلوات التى هي أحد أركان الإسلام، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم 1/ 41. وأبو داود، في. باب حَدَّثَنَا عبد الله بن مسلمة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 93. والنَّسائيّ، في: باب كم فرضت في اليوم والليلة، من كتاب الصلاة، وفي: باب وجوب الصيام، من كتاب الصيام، وفي: باب الزكاة، من كتاب الإيمان. المجتبى 1/ 184، 4/ 97، 8/ 104. والدارمي، في: باب في الوتر، من كتاب الصلاة 1/ 370. والإمام مالك، في: باب جامع الترغيب في الصلاة، من كتاب السفر. الموطأ 1/ 175.
(2)
هو أبو رفيع، وقيل: رفيع. انظر: ثقات ابن حبان 5/ 570، 571.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سَمعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «خَمس صَلَوَاتٍ كَتَبَهُن الله تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِن لَمْ يُضَيعْ مِنْ حَقِّهِن شَيْئًا، اسْتِخْفَافًا بِحَقهِنَّ، كان له عندَ الله عَهْد أنْ يُدْخِلَهُ الْجَنةَ، وَمَنْ لم يَأتِ بِهن، فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الله عهد، إنْ شَاءَ عَذبَه، وَإنْ شاءَ أدْخَلَهُ الجَنةَ» . رَواه مسلمٌ (1). وعن عليٍّ، رضي الله عنه، قال: الوِتر ليس بحَتْمٍ، ولكنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أوْتَرَ، ثم قال:«يَا أهْلَ الْقُرْآنِ أوْتِرُوا، فَإنَّ الله يُحِبُّ الْوِتر» . رَواه أحمدُ (2). ولأنه يَجُوزُ فِعْلُه على الراحِلَةِ مِن غيرِ ضَرُورَةٍ، فلم يَكُنْ واجِبًا، كالسننِ، فرَوَى ابنُ عُمَرَ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يُوتِرُ على بَعيرِه. مُتفَق عليه (3). وفي لَفْظٍ: كان يُسَبحُ على الراحِلَةِ قِبَلَ أيِّ وَجْهٍ توَجهَ، ويُوتِرُ عليها، غيرَ أنَّه لا يُصَلِّي عليها المَكتُوبَةَ. رَواه مسلم (4).
(1) هكذا في الأصول، ولم يخرجه مسلم. انظر: تلخيص الحبير 2/ 147.
وأخرجه أبو داود، في: باب في المحافظة على الصلوات، من كتاب الصلاة، وفي: باب في من لم يوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 100/ 1، 328. والنَّسائيّ، في: باب المحافظة على الصلوات الخمس، من كتاب الصلاة. المجتبى 1/ 186. وابن ماجه، في: باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 448، 449. والدارمي، في: باب في الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 370. والإمام مالك، في: باب الأمر بالوتر، من كتاب صلاة الليل. الموطأ 1/ 123. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 316، 317، 322.
(2)
في: المسند 1/ 110، 143 - 145، 148.كما أخرجه أبو داود، في: باب استحباب الوتر». من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 327. والتِّرمذيّ؛ في: باب ما جاء أن الوتر ليس بختم، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 242. والنَّسائيّ في: باب الأمر بالوتر، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 187. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 370. والدارمي، في: باب في الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 371.
(3)
تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 322.
(4)
انظر الموضع المشار إليه سابقًا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأحادِيثُهم قد تُكُلِّمَ فيها، ثم إنَّ المرادَ بها تَأكدُه وفَضِيلته، وذلك حَقٌّ، وزِيادَةُ الصلاةِ يَجُوزُ أن تكونَ سُنة، والتَوَعُّدُ للمبالَغَةِ، كقَوْلِه:«مَنْ أكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشجَرَتَيْنِ فَلَا يَقْرَبَن مَسْجِدَنَا» (1). والله أعلمُ.
فصل: ووَقْتُه ما بينَ صلاةِ العشاءِ إلى طُلُوعِ الفَجرِ. كذلك ذَكَرَه شيخُنا في كتاب «المغْنِي» (2). وذَكَر في «الكَافِي» أنَّه إلى صلاةِ الصبح؛ لقولِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ زَادَكُمْ صَلَاة فَصَلوهَا مَا بينَ الْعِشَاءِ إلَى صَلاةِ الصبحِ» . رَواه الإمامُ أحمدُ في «المُسْنَدِ» (3). ووَجْهُ الأولِ ما رُوِيَ عن مُعاذ، قال: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: «زَادَنِي رَبِّي صَلَاةً، وَهِيَ الْوِتر، وَوَقتها مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ» . رَواه الإمامُ أحمدُ (4). فإن أوْترَ قبلَ العِشاءِ، لم يَصِحَّ وِتره. وهو قولُ مالك،
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب ما جاء في الثوم، من كتاب الأذان، وفي: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، من كتاب الاعتصام. صحيح البُخَارِيّ 1/ 216، 217، 9/ 135. ومسلم. في: باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا ونحوهما عن حضور المسجد، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 393 - 395. وأبو داود، في: باب في أكل الثوم، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 324، 325. والنَّسائيّ، في: باب من يمنع من المسجد، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 34. وابن ماجه، في: باب من أكل الثوم، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 324، 325. الإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 12، 4/ 19، 252، 5/ 26.
(2)
2/ 595.
(3)
6/ 7.
(4)
في: المسند 5/ 242.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشافعيِّ، ويَعْقُوبَ، ومحمَّد. وقال الثَّوْرِي، وأبو حنيفةَ: إن صَلَّاه قبلَ العشاءِ ناسِيًا، لم يُعدْ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثَيْن، ولأنه صَلاه قبل الوَقْتِ، أشْبهَ ما لو صَلاه نَهارًا. وإن أخَّرَه حتَّى طَلَع الصُّبْحُ، احْتمَلَ أن يكونَ أداءً؛ لحديثِ أبي بَصْرَةَ. وهو قولُ عليٍّ، وابن مسعودٍ، رَضىَ الله عنهما. قال شيخُنا (1): والصحِيحُ أن يَكُونَ قضاءً؛ لحديثِ مُعاذٍ، ولقوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«فَإذَا خَشىَ أحَدُكُم الصبحَ صَلى رَكْعَة، فَأوْتَرَتْ لَه مَا قَدْ صَلَّى» (2). وقال: «وَاجْعلُوا آخِرَ صَلاتكمْ بِالليْلِ وِترا» . متفق عليه (3). وقال: «أوْتِرُوا قَبلَ أنْ تُصْبحُوا» . رَواه مسلمٌ (4).
(1) انظر: المغني 2/ 596.
(2)
قطعة من حديث: «صلاة الليل مثنى مثنى» . وتقدم تخريجه في صفحة 11، 12.
(3)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب ليجعل آخر صلاته وترًا، من كتاب الوتر. صحيح البُخَارِيّ 2/ 31. ومسلم، في: باب صلاة الليل مثنى مثنى، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 518. الإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 30، 39، 102، 119، 135، 143.
(4)
في: باب صلاة الليل مثنى مثنى، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 519. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في مبادرة الصبح بالوتر من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 253، والنَّسائيّ، في: باب الأمر بالوتر قبل الصبح، من كتاب قام الليل. المجتبى 3/ 189. وابن ماجه، في: باب من نام عن وترٍ أو نسيه، من كتاب إقامة الصلاة سنن ابن ماجه 1/ 375. والدارمي باب ما جاء في وقت الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 372. والإمام أَحْمد، في المسند 2/ 150، 3/ 13، 35، 37، 71.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والأفَضْلُ فِعلُه في آخِرِ اللَيْلِ؛ لقَوْلِ عائشةَ: مِن كلِّ الليْلِ قد أوْترَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فانتهَى وِتره إلى السَّحَرِ. مُتَّفَق عليه (1). وقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ خَافَ أنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِر الليْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ أوَّلِه، وَمَنْ طَمعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ، فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإنَّ صلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مشهُودَةٌ، وَذَلِكَ أفْضَلُ» . رَواه مسلمٌ (2). وهذا صَريحٌ. فإذا كان له تَهَجُّر جَعَل الوِتر بعدَه؛ لأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك، وقال:«اجْعلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ باللَّيْلِ وِترًا» . رَواه مسلم (3). فأما إن خاف أن لا يَقُوم آخِرَ اللَّيْلِ، اسْتُحب أن يُوتِرَ مِن أولِه؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحَدِيثِ، ولأن
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في. باب ساعات الوتر، من كتاب الوتر. صحيح البُخَارِيّ 2/ 31. ومسلم، في: باب صلاة الليل. . . . إلخ؛ من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 152. كما أخرجه أبو داود، في: باب في وقت الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبو داود 1/ 332. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء في الوتر أول الليل وآخره، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 244. والنَّسائيّ، في: باب وقت الوتر، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 189. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر آخر الليل، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 374. والدارمي، في: باب ما جاء في وقت الوتر، من كتاب الصلاة. سنن الدَّارميّ 1/ 372. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 46، 100، 107، 129، 204، 205.
(2)
في: باب من حلف أن لا يقوم من آخر الليل، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 520. كما أخرجه التِّرْمِذِيّ، في: باب ما جاء في كراهية النَّوم قبل الوتر، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 243. وابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر آخر الليل، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 375. والإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 300، 315، 337، 348، 389.
(3)
تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أوْصَى به أَبا هُرَيرةَ (1)، وأبا ذَر (2)، وأبا الدرْداءِ (3)، وكلها أحادِيثُ صحاحٌ. وروَى أبو داودَ (4)، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ:«مَتَى تُوتِرُ؟» قال: أوتِرُ مِن أولِ الليْلِ. وقال لعُمَرَ: «مَتَى تُوتِرُ؟» قال: آخِرَ الليْلِ. فقال لأبي بكر: «أخَذَ هَذَا بالْحَزْمِ، وَهَذَا بالْقُوةِ» . وأيَّ وَقْتٍ أوْتَرَ مِن الليْلِ بعدَ العِشاءِ أجْزَأه، بغيرِ خِلافٍ. وقد دلَّتْ عليه الأخبارُ.
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في: باب صلاة الضحى في الحضر، من كتاب التهجد، وفي: باب صيام أيام البيض. . . . إلخ، من كتاب الصيام. صحيح البُخَارِيّ 2/ 73، 3/ 53. ومسلم، في: باب استحباب صلاة الضحى. . . . إلخ، من كتاب المسافرين. صحيح مسلم 1/ 499، أبو داود، في: باب في الوتر قبل النَّوم، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 331. والنَّسائيّ، في: باب الحث على الوتر قبل النَّوم، من كتاب قيام الليل، وفي: باب صوم ثلاثة أيام من الشهر، من كتاب الصيام. المجتبى 3/ 188، 4/ 187، 188، الدَّارميّ، في: باب صلاة الضحى، من كتاب الصلاة، وفي: باب في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، من كتاب الصيام. سنن الدَّارميّ 1/ 339، 2/ 18، 19. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 229، 233، 254، 258، 260، 265، 271، 277، 329، 347، 402، 459، 472، 484، 489، 497، 499، 505، 526.
(2)
أخرجه النَّسائيّ، في: باب صوم ثلاثة أيام من الشهر، من كتاب الصيام. المجتبى 4/ 187. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 173.
(3)
أحرجه مسلم، وأبو داود، في الموضع السابق. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 440.
(4)
في: باب في الوتر قبل النَّوم، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 331، 322. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في الوتر أول الليل، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 379، 380، الإمام أَحْمد، في: المسند 3/ 309، 331.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومَن أوْتَرَ أولَ اللَّيْلِ، ثم قام للتهَجُّدِ، صَلَّى مَثْنَى مَثْنَى، ولم يَنْقُضْ وِتره. رُوِي ذلك عن أبي بكر الصِّديقِ، وعَمَّارٍ (1)، وسعدِ بنِ أبي وَقاصٍ، وابنِ عباس، وأبي هُرَيْرَةَ، وعائشةَ. وبه قال طاوس، والنخَعي، ومالك، والأوزاعِي، وأبو ثَوْرٍ. قيل لأحمدَ: ولا تَرَى نَقضَ الوِتْرِ؟ فقال: لا. ثم قال: وإن ذَهَب إليه ذاهِب فأرْجُو، قد فَعلَه جَمَاعَة. رُوِي [عن عُمرَ](2)، وعلي، وأسامَةَ، وأبي هُرَيرةَ، وابنِ مسعود، وعُثْمانَ، وسعدٍ (3)، وابنِ عُمَرَ، رضي الله عنهم. وبه قال إسْحاقُ. ومَعْناه أنَّه إذا قام للتهَجُّدِ. يُصَلِّى رَكْعَة تشْفَعُ الوِتر الأولَ، ثم يُصَلى مَثْنَى مَثْنَى، ثم يُوتِرُ في آخِرِ التَّهَجُّدِ. ولَعلَّهم ذَهَبُوا إلى قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاِتكُمْ بِالليْلِ وِترًا» . ولَنا، قولُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«لَا وِترانِ فِي لَيْلَةٍ» . رَواه أبو داودَ، والترمِذِي (4)، وقال: حديثٌ حسن صحيحٌ.
(1) في م: «عمر» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «سعيد» .
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب في نقض الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 332. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء لا وتران في ليلة، من أبواب الوتر. عارضة الأحوذى 2/ 254.كما أخرجه النَّسائيّ، في: باب نهى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 188. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وأقلُّه رَكْعَةٌ؛ لِما ذَكَرْنا مِن حديثِ أبي أيوبَ (1)، ولِما رُوِي أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:«صَلَاة الليْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خَشيتَ الصبحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَة» (2). وروَى ابن عمَرَ، وابنُ عباس، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:«الْوِتر رَكْعَة مِنْ آخِرِ الليْلِ» . رَواهما مسلمٌ (3). وأكْثرُه إحْدَى عَشرةَ رَكْعَة، يُسَلمُ مِن كل رَكْعتَيْن، ويُوترُ برَكْعَةٍ؛ لِما رَوَتْ عائشةُ، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلى باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوترُ منها بواحِدَةٍ. رَواه مسلم (4). وفي لَفْظٍ: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فيما بينَ أن يَفْرُغَ مِن صلاةِ العِشاءِ إلى الفَجْرِ، إحْدَى عَشرةَ رَكْعَةً، يُسَلمُ مِن كُل رَكْعَتَيْن، ويُوتِرُ بواحِدَةٍ. وذَكَر القاضي، في «المُجَرَّدِ» ، أنَّه إن صَلى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، أو ما شاء منهن بسَلام واحِدٍ، أجْزَأه. والأوْلَى الاقْتِداءُ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(1) تقدم تخريجه في صفحة 106.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 11، 12.
(3)
في: باب صلاة الليل مثنى مثنى، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 518. كما أخرجه أبو داود، في: باب كم الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 328. والنَّسائيّ، في: باب كم الوتر، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 191. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 33، 43، 45، 49، 59، 54، 81، 83، 100، 154.
(4)
في: باب صلاة الليل. . . . إلخ، من كتاب صلاة المسافرين. صحيح مسلم 1/ 508 - 510. كما أخرجه أبو داود، في: باب في صلاة الليل، من كتاب التطوع. سنن أبو داود 1/ 307. والإمام أَحْمد، في: المسند 6/ 165.