الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ سُنة لِلْقَارِئِ وَالْمُسْتَمِعِ دُونَ السَّامِعِ.
ــ
اللهمَّ لك سجَدْتُ. وقال الشعبي، في مَن سمَع السجْدَةَ على غيرِ وُضُوءٍ: يَسجدُ حيث كان وَجْهه. ولَنا، قوله صلى الله عليه وسلم:«لَا يَقْبَل الله صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ» (1). فيَدْخُل في عُمومِه السُّجُودُ. ولأنه سُجُود، فأشْبَهَ سُجُودَ السهْوِ. فعلى هذا إن سَمِع السجْدَةَ (2) وهو مُحْدِث، لم يَلْزَمْه الوُضوءُ ولا التَّيْمُّمُ. وقال النَّخَعِي: يَتَيَمَّمُ، ويَسْجُدُ. [وعنه، يَتَوَضأ، ويَسْجُدُ (3). وبه قال الثَّوْرِي، وإسحاقُ، وأصحابُ الرأيِ. ولَنا، أنها تَتَعلقُ بسَبَبٍ، فإذا فات لم يَسْجُدْ](4)، كما لو قَرَأ سَجْدَةً في الصلاةِ، فلم يَسْجدْ، [لم يَسْجُدْ](5) بعدَها. فعلى هذا، إن تَوَضأ لم يَسْجُدْ لفَواتِ سببِها، ولا يَتَيَمَّمُ لها مع وُجُودِ الماءِ؛ لأن الله تعالى شَرَط لجَوازِ التيممِ المَرَضَ أو عَدَمَ الماء، ولم يُوجَدْ واحِدٌ منهما. فإن كان عادِمًا للماءِ فتَيمم، فله السُّجُودُ إذا لم يَطُلِ الفَصْلُ (6)، لأنه لم يَبْعُدْ سَببُها، ولم يَفُتْ، بخِلافِ الوُضُوءِ.
509 - مسألة: (وهو سُنَّة للقارئ والمُسْتَمِع دُونَ السّامعِ)
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثالث 124.
(2)
في م: «السجود» .
(3)
زيادة من: م.
(4)
سقط من: «تش» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سُجُودُ التِّلاوَةِ سُنة مُؤكَّدَةٌ، وليس بواجِبٍ. رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وابنِه. وبه قال مالك، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه بوُجُوبِه؛ لقَوْلِه تعالى:{فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} (1). وهذا ذَمّ، ولا يُذَمُّ إلَّا على تَرْكِ الواجِبِ. ولأنَّه سُجُود يُفْعَلُ في الصلاةِ، أشْبَهَ سجُودَ صُلْبِها. ولَنا، ما رُوِيَ عن عُمَرَ، رضي الله عنه، أنَّه قَرَأ يومَ الجُمُعَةِ على المِنْبَرِ سُورَةَ النّحْلِ (2)، حتَّى إذا جاء السَّجْدَةَ [نَزَل، فسَجَدَ وسَجد النَّاس، حتَّى إذا كانَتِ الجُمُعَة القابِلَة قَرَأ بها، حتَّى إذا جاءَتِ السَّجْدَةُ](3) قال: يَا أيُّها
(1) سورة الانشقاق 20، 21.
(2)
في م: «النمل» .
(3)
سقط من: «تش» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النّاسُ، إنما نمُرُّ بالسجُودِ، فمَن سَجَد فقد أصابَ، ومَن لم يَسْجُدْ فلا إثْمَ عليه. ولم يَسْجُدْ عُمَرُ. وفي لَفْظٍ: إن الله لم يَفْرِضْ علينا السجُودَ، إلَّا أن نَشاءَ. رَواه البُخارِي (1). وهذا كان يومَ الجُمُعَةِ بمَحْضَرٍ مِن الصحابَةِ وغيرِهم، ولم يُنْكرْ، فيَكُونُ إجْماعًا. وروَى زَيْدُ بنُ ثابِتٍ، قال: قَرَأتُ على النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم سُورَةَ النَّجْمِ، فلم يَسْجُدْ منّا أَحَد. مُتفَق عليه (2). فأما الآيَةُ فإنَّما ذَم فيها تارِكَ السجودِ غيرَ مُعْتَقِدٍ فَضْلَه، ولا مَشْرُوعِيته، وقِياسُهم يَنتَقِضُ بسُجُودِ السهْوِ، فإنَّه في الصلاةِ، وهو غيرُ واجِبٍ عندَهم.
فصل: ويُسَنُّ للتالِي والمسُتمِع، وهو الذي يَقْصِدُ الاسْتِماعَ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمناه، سَواء كان التّالي في الصلاةِ، أو لم يكُنْ. فإن كان المسُتمِعُ في صلاةٍ فهل يَسْجُدُ بسُجُودِ التالي؛ على رِوايَتيْن؟ وذلك لِما روَى ابنُ عُمَرَ، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرأ علينا القُرْآنَ، فإذا [مَرّ بالسجْدَةِ](3) كَبر وسَجَد، وسَجَدْنا معه. رَواه أبو داودَ (4). وروَى
(1) في: باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، من كتاب السجود. صحيح البُخَارِيّ 2/ 52.
(2)
أخرجه البُخَارِيّ، في: باب من قرأ السجدة ولم يسجد. صحيح البُخَارِيّ 2/ 51. ومسلم، في: باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 406. كما أخرجه أبو داود، في: باب من لم ير السجود في المفصل، من كتاب السجود، سنن أبي داود 1/ 324، 325. والتِّرمذيّ، في: باب ما جاء من لم يسجد فيه، من أبواب الجمعة. عارضة الأحوذى 3/ 57، 58. والنَّسائي، في: باب ترك السجود في النجم، من كتاب افتتاح الصلاة. المجتبى 2/ 124. والإمام أَحْمد، في: المسند 5/ 183، 186.
(3)
في الأصل: «أمرنا بسجدة» .
(4)
في: باب في الرَّجل يسمع السجدة وهو راكب، من كتاب السجود. سنن أبي داود 1/ 236.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَيضًا، قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأ علينا السُّورَةَ في غير الصلاةِ، فيَسْجُدُ، ونَسْجُدُ معه، حتَّى لا يَجِدَ أحَدُنا مَكانًا لموْضع جَبْهَتِه. مُتَّفَق عليه (1). فأمّا السامِعُ الذي لا يَقْصِدُ الاسْتِماعَ فلا يُسَن له، رُوِيَ ذلك عن عثمانَ، وابنِ عباس، وعِمْرانَ بنِ حُصَيْن، رضي الله عنهم. وبه قال مالكٍ. وقال أصْحابُ الرأيِ: عليهِ السجُودُ. ورُوِيَ نَحْوُه عن ابنِ عُمَرَ، والنخعِي، وإسحاقَ؛ لأنَّه سامِع للسَّجْدَةِ، أشبهَ المُسْتَمِعَ. وقال الشَّافعيّ: لا أؤكِّدُ عليه السجُودَ، وإن سَجَد فحَسَن. ولَنا، ما رُوِي عن عثمانَ، أنَّه مَر بقاصٍّ، فقَرَأ القاصُّ سَجْدَة ليَسْجُدَ عثمانُ معه، فلم يَسْجُدْ. وقال: إنما السَّجْدَةُ على مَن اسْتَمَعَ. وقال [ابنُ مَسْعُودٍ](2)، وعِمْرانُ: ما جَلَسْنا لها (3). ولم يُعْلَم لهم مُخالِفٌ في عَصْرِهم. فأمَّا ابنُ عُمَرَ فإنَّما رُوِيَ عنه أنَّه قال: إنَّما السجْدَةُ على من سمِعَها.
(1) أخرجه البُخَارِيّ، في. باب من سجد لسجود القارئ، وباب ازدحام النَّاس إذا قرأ الإِمام السجدة، وباب من لم يجد موضعًا للسجود من الزحام، من كتاب السجود. صحيح البُخَارِيّ 2/ 51 - 53. ومسلم، في: باب سجود التلاوة، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 405. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرَّجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير صلاة، من كتاب الصلاة. عن أبي داود 1/ 326. والإمام أَحْمد، في: المسند 2/ 17.
(2)
في م: «ابن عباس» .
(3)
أخرج هذه الآثار عبد الرَّزّاق، في: باب السجدة على من استمعها، من كتاب الصلاة، مصنف عبد الرَّزّاق 3/ 344. وابن أبي شيبة، في: باب من قال السجدة على من جلس لها، من سمعها، من كتاب الصلاة. مصنف ابن أبي شيبة 2/ 5.