الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والْحُرُّ أَوْلَى مِنَ الْعَبْدِ، وَالْحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ الْمُسَافِرِ، وَالْبَصِيرُ أَوْلَى مِنَ الْأَعْمَى، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
551 - مسألة: (والحُرُّ أَوْلَى مِن العَبْدِ، والحاضِرُ أَوْلَى مِن المُسافِرِ، والبَصِيرُ أَوْلَى مِن الأعْمَي، في أحَدِ الوَجْهَيْن)
إمامَةُ العَبْدِ صحِيحَةٌ؛ لِما رُوِيَ عن عائشةَ، أنَّ غُلامًا لها كان يَؤُمُّها (1). وصَلَّى ابنُ مسعودٍ، وحُذَيْفَةُ، وأبو ذَرٍّ، وَراءَ أبي سعيدٍ مَوْلَى أبي أَسِيدٍ وهو عَبْدٌ.
= الكبرى 3/ 126. وهو في مصنف عبد الرَّزّاق، باب الرَّجل يؤتى في ربعه، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 392.
(1)
أخرجه عبد الرَّزّاق في: باب إمامة العبد، من كتاب الصلاة. المصنف 2/ 394.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهذا قولُ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم الحسنُ، والنَّخَعِيُّ، والشَّعْبِيُّ، والحَكَمُ، والثوْرِيُّ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْيِ. وكَرِه ذلك أبو مِجْلَزٍ. وقال مالكٌ: لا يَؤُمُّهم إلَّا أن يَكُونَ قارِئًا وهم أُمِّيُّون. ولَنا، عُمُومُ قَوْله عليه السلام:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤهُمْ لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى» (1). ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيْنا مِن الصَّحابَةِ، ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِفٌ، فكان إجْماعًا، ولأنَّه مِن أهْلِ الأذانِ للرِّجالِ يَأْتِي بالصلاةِ على الكَمالِ، فجازَ له إمامَتُهم، كالحُرِّ. إذا ثَبَت ذلك فالحُرُّ أوْلَى منه؛ لأنَّه أكْمَلُ منه وأشْرَفُ، ويُصَلِّي الجُمُعَةَ والعِيدَ إمامًا، بخِلافِ العَبْدِ، ولأنَّ في تَقْدِيمِ الحُرِّ خُرُوجًا مِن الخِلافِ. والمُقِيمُ أوْلَى مِن المُسافِرِ؛ لأنَّه إذا كان إمامًا حَصَلَتْ له الصلاةُ كلُّها جَماعَةً، فإن أمَّه المُسافِرُ أتَمَّ الصلاةَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 336.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُنْفَرِدًا. وقال القاضي: إن كان فيهم إمامًا فهو أحَقُّ بالإِمامَةِ وإن كان مُسافِرًا؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي بهم عامَ الفَتْحِ، ويَقُولُ لأهْلِ البَلَدِ:«صَلوا أرْبَعًا، فَإنَّا سَفْرٌ» . رَواه أبو داودَ (1). وإن تَقَدَّمَ المُسافِرُ جاز، ويُتِمُّ المُقِيمُ الصلاةَ بعدَ سَلام إمامِه، كالمَسْبُوقِ، وإن أتَمَّ المُسافِرُ الصلاةَ جازَتْ صَلاُتهُم. وحُكِيَ عنه رِوايَةٌ في صلاةِ المُقِيمِ، أنَّها لا تجُوزُ؛ لأنَّ الزِّيادَةَ نَفْلً أمَّ بها مُفْتَرِضِين. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ المُسافِرَ إذا نَوَى الإِتْمامَ لَزِمَه، فيَصِيرُ الجَمِيعُ فَرْضًا.
فصل: وإمامَةُ الأعْمَى جائِزَةٌ، لا يُعْلَمُ فيها خِلافًا، إلَّا ما حُكِيَ عن أنَسٍ، أنَّه قال: ما حاجَتُهم إليه. وعن ابنِ عباسٍ، أنَّه قال: كَيّفَ أؤُمُّهم وهم يَعْدِلُونَنِي إلى القِبْلَةِ (2). والصحِيحُ عن ابنِ عباسٍ أنَّه كان يَؤُمُّهم وهو أعْمَى، وعِتْبانَ بنِ مالكٍ، وقَتادَةَ، وجابِرٍ. وقال أنَسٌ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَخْلَفَ ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، أمَّ النّاسَ وهو أعْمَى. رواه أبو داودَ (3).
(1) في: باب متى يتم المسافر، من كتاب السفر سنن أبي داود 1/ 280.
(2)
أخرجهما ابن أبي شيبة، في: باب من كره إمامة الأعمى، من كتاب الصلاة. مصنف ابن أبي شيبة 2/ 215.
(3)
في: باب إمامة الأعمى، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 140.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأنَّ العَمَى (1) فَقْدُ حاسَّةٍ لا تُخِلُّ بشئٍ مِن أفْعالِ الصلاةِ ولا شُرُوطِها، أشْبَهَ فَقْدَ الشَّمِّ. والبَصِيرُ أوْلَى منه. اخْتارَه أبو الخَطّابِ، ولأنَّه يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ بعِلْمِه، ويَتَوَقَّى النَّجاساتِ ببَصَرِه، ولأنَّ في إمامَتِه اخْتِلافًا. وقال
وَفِي الْآخَرِ، هُمَا سَوَاءٌ.
ــ
القاضي: (هما سَواءٌ) لأنَّ الأعْمَى أخْشَعُ، لا يَشْتَغِلُ في الصلاةِ بالنَّظَرِ إلى ما يُلْهِيه، فيكونُ ذلك مُقابِلًا لِما ذَكَرْتُم، فيَتَساوَيان. قال الشَّيْخُ (1): والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ البَصِيرَ لو أغْمَضَ عَيْنَيْه كُرِهَ ذلك، ولوِ كان فَضِيلَةً لكان مُسْتَحَبًّا؛ لأنَّه يُحَصلُ بتَغْمِيضِه ما يُحَصِّلُه الأعْمَى، ولأنَّ البَصِيرَ إذا أغْمَضَ بَصَرَه مع إمْكانِ النَّظَرِ كان له الأجْرُ فيه، لأنَّه يَتْرُكُ المَكْرُوهَ مع إمْكانِه اخْتِيارًا، والأعْمَى يَتْرُكُه اضْطِرارًا، فكان أدْنَى حالًا، وأقَلَّ فضْلًا.
(1) في: المغني 3/ 28.