الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُكْرَهُ إِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيرِ الْمَسَاجِدِ الثَلَاثَةِ.
ــ
ولَنا، أنَّها نافِلَةٌ، والنّافِلَةُ (1) لا تَجِبُ. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تُصَلِّ صَلَاةً فِي يَوْم مَرَّتَينِ» . رَواه أبو داودَ (2). ومَعْناه، واللهُ أعلمُ، واجِبَتان، ويُحْمَلُ الأمْرُ على الاسْتِحْبابِ. فعلى هذا إذا قَصَد الإعادَةَ، فلم يُدْرِكْ إلَّا رَكْعَتَين، فقال الآمِدِيُّ: يَجُوزُ أن يُسَلّمَ معهم، وأن يُتِمَّها أرْبَعًا؛ لأنَّها نافِلَةٌ. والمَنْصُوصُ أنَّه يُتِمُّها أرْبعًا؛ لقَوْله عليه السلام:«وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِموا» (3).
533 - مسألة: (ولا تُكْرَه إعادَةُ الجَماعَةِ في غيرِ المَساجِدِ الثَّلاثَةِ)
معنى إعادَةِ الجَماعَةِ، أنَّه إذا صلَّى إمامُ الحَيِّ، وحَضَر جَماعَةٌ
(1) في م: «والثانية» .
(2)
في: باب إذا صلى مع جماعة ثم أدرك جماعة بعيد، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 136.كما أخرجه النسائي، في: باب سقوط الصلاة على من صلى مع الإمام في المسجد جماعة، من كتاب الإمامة. المجتبى 2/ 88.
(3)
تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 395، 396.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُخْرَى، اسْتُحِبَّ لهم أن يُصَلُّوا جَماعَةً. وهذا قولُ ابنِ مسعودٍ، وعَطاءٍ، والحسنِ، والنَّخَعِيِّ، وإسحاقَ. وقال مالكّ، والثَّوْرِي، واللَّيثُ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ: لا تُعادُ الجَماعَةُ في مَسْجِدٍ له إمامٌ راتِبٌ، في غيرِ مَمَرِّ النّاسِ، ومَن فاتَتْه الجَماعَةُ صَلَّى مُنْفَردًا؛ لئلَّا يُفْضِيَ إلى اخْتِلافِ القُلُوبِ، والعَداوَةِ، والتَّهاوُنِ في الصلاةِ مع الإمامِ، ولأنَّه مَسْجِدٌ له إمامٌ راتِبٌ، فكُرِهَ فيه إعادَةُ الجَماعَةِ، كالمَسْجِدِ الحَرامِ. ولَنا، عُمُومُ قَوْلِه (1) عليه السلام:«صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (2). وروَى أبو سعيدٍ، قال: جاء رجلٌ، وقد صَلَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال:«أيُّكُمْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا؟» . فقامَ رجلٌ، فصَلَّى معه (3). قال التِّرمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ. ورَواه الأثْرَمُ، وفيه،
(1) سقط ش: م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 266.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في الجمع في المسجد مرتين، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 135. الترمذي، في: باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذي 2/ 21. والدارمي، في: باب صلاة الجماعة في مسجد قد صلى فيه مرة، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 318. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 5، 64، 85، 5/ 254، 269.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: «ألَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ» . وروَى بإسْنادِه، عن أبي أمامَةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مِثْلَه، وزاد: فلَمّا صَلَّيا، قال:«وَهَذانِ جَمَاعَةٌ» . ولأنَّه قادِرٌ على الجَماعَةِ، فاسْتُحِبَّ له، كالمَسْجِدِ الذي في مَمَرِّ النّاسِ، وما قاسُوا عليه مَمْنُوعٌ.
فصل: فأمّا إعادَتُها في المَسْجدِ الحَرامِ، ومَسْجِدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ والمَسْجِدِ الأقْصَى، فقد رُوِيَ عن أَحمدَ كَراهَتُه. وذَكَرَه أصْحابُنا؛ لَئلّا يَتَوانَى النّاسُ في حُضُورِ الجَماعَةِ مع الإمامِ الرّاتِبِ فيها إذا أمْكنَهُم الصلاةُ مع الجَماعَةِ مع غيرِه. وطاهِرُ خَبَرِ أبي سعيدٍ وأبي أمامَةَ، أنَّه لا يُكْرَهُ؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّ ذلك كان في مَسْجِدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ المَعْنَى يَقْتَضِيه؛ لأنَّ حُصُولَ فَضِيلَةِ الجَماعَةِ فيها، كحُصُولها في غيرِها. واللهُ أعلمُ.