الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ لَمْ يَسْجُدِ الْإمَام، فَهَلْ يَسْجدُ الْمأمُومُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ». ولأن السُّجُودَ مِن تَمامِ الصلاة، فيُتابِعُه فيه، كالذى قبلَ السلامِ، وكغيرِ المسْبُوقِ، وفارَقَ صلاةً أخْرَى، فإنَّه غيرُ مُوتَم به فيها. إذا ثَبَت أنَّه يُتابع إمامَه، فإذا قَضَى ففي إعادَةِ السجُودِ رِوايتان؛ إحْداهما، يُعيدُه؛ لأَنه قد لَزِمَه حُكْمُ السهْوِ؛ وما فَعَلَه مِن السجُودِ مع الإمامِ كان مُتابَعةً له، فلا يَسْقُطُ به ما لَزِمَه، كالتشَهدِ الأخِيرِ. والثانِيَةُ، لا يَلْزَمُه السجُودُ؛ لأن سُجُودَ إمامِه قد كَمُلَتْ به الصلاةُ في حَقِّهما، وحَصَل به الجُبْرانُ، فلم يَحْتَجْ إلى سُجُودٍ ثانٍ، كالمَأمُومِ إذا سَها وَحْدَه. وللشافعى قوْلان كالروايَتَيْن. فإن نَسىَ الإمامُ (1) السجُودَ، سَجَد المسْبُوقُ في آخر صَلَاِته، رِوايَة واحِدَة؛ لأنه لم يُوجَدْ مِن الإمامِ ما يُكْمِلُ به صلاةَ المَأمُومِ، وكذلك إن لم يَسْجُدْ مع الإمام. وإذا سَها المَأمُومُ بعدَ مُفارَقَةِ إمامِه في القَضاء، سَجَد، رِوايَة واحِدَةً؛ لأنه قد صار مُنْفَرِدًا، فلم يَتَحَملْ عنه الإمامُ السُّجُودَ. وكذلك لو سها، فسلمَ مع إمامه، قام فأتم وسجد بعدَ السَّلامِ، كالمنْفَردِ.
482 - مسألة: (فإن لم يَسْجُدِ الإمامُ، فهل يَسْجُدُ المَأمُومُ؟ على رِوايَتَيْن)
يُريدُ غيرَ المسْبُوقِ، إذا سَها إمامه فلم يَسْجُدْ، [فهل يَسْجُدُ (2) المَأمُومُ؛ فيه رِوايَتان؛ إحْداهما، يَسْجُدُ. اخْتارَها ابنُ
(1) في تش: «المأموم» .
(2)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَقِيلٍ، وقال: هي أَصَحُّ؛ لأنَّ صلاةَ المَأمُومِ نَقَصَتْ بسَهْوِ إمامِه، ولم تَنْجبِرْ بسُجودِه، فيلْزَم المَأمومَ جَبْرها. وهذا مَذْهب ابنِ سيرِينَ، وقَتادَةَ، ومالكٍ، واللَّيْثِ، والشافعي. والثانيةُ، لا يَسْجُدُ. رُوىَ ذلك عن عطاءٍ، والحسن، والقاسِمِ، وحمادِ بنِ أبي سُلَيْمانَ، والثوْرِي، وأصْحابِ الرأيِ؛ لأن المَأمُومَ إنَّما يَسْجُد تَبَعًا، فإذا لم يَسْجدِ الإمامُ لم يوجَدِ المُقْتَضِي لسجودِ المَأمُومِ. هذا إذا تَرَكَه الإمامُ لعُذْرٍ، فإن تَرَكَه قبلَ السلام عَمْدًا، وكان مِمن لا يَرَى وُجُوبه، فهو كتركِه سَهْوًا، وإن كان يَعْتقِد وجُوبَه، بَطَلَتْ صَلاتُه؛ لأنَّه تَرَك الواجِبَ عَمْدًا. وهل تَبْطُلُ صلاةُ المَأمومِ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، تَبْطُلُ؛ لبُطْلانِ صلاةِ الإمَام، كما لو تَرَك التَّشهدَ الأوَّلَ. والثَّانِي، لا تَبْطلُ؛ لأنَّه لم يَبْقَ مِن الصلاةِ إلَّا السلامُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا قام المَأمُوم لقضاءِ ما فَاتَه، فسَجَدَ إمامُه بعدَ السَّلامِ، وقلْنا: تَجِبُ عليه مُتابَعَةُ إمامه. فحُكْمُه حُكْم القائمِ عن التَّشهدِ الأولِ؛ إن (1) لم يسْتَتِمَّ قائِمًا لَزِمَه الرُّجُوعُ، وإنِ اسْتَتَمَّ قائِمًا لم يَرْجِعْ، وإن رَجَع جاز، وإن شَرَع في القِراءَة لم يَجُزْ له الرُّجُوعُ. نَصّ عليه أحمدُ، في روايةِ الأثرَم، لأَنه قام عن واجِب إلى رُكْن، أشْبَهَ القِيامَ عن التَّشَهُّدِ الأوَّلِ. وذَكَرَ ابنُ عَقِيل فيه ثلاثَ رِوايات؛ إحْداها، يَرْجِعُ؛ لأنَّ إمامَه بَعُدَ (2) في الأداءِ، ولأنه سجُود في الصلاةِ، أشبهَ سُجُودَ صُلْبها. والثّانِيَةُ، لا يَعُودُ؛ لأنه نَهَض إلى رُكْن. والثّالِثَةُ، هو مُخير؛ لأنَّ سُجُودَ السَّهوِ أخَذَ شَبَهًا مِن سُجُودِ صُلْبِ الصلاةِ، مِن حيث إنه سُجُود، وشَبَها مِن التشهدِ الأولِ؛ لكَوْنِه يَسْقطُ بالسهْوِ، فلذلك جُبِر. وما ذَكَرْناه أوْلَى.
(1) في م: «وإن» .
(2)
في م: «نفذ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وليس على المَسْبُوقِ ببعض الصلاةِ سُجُود لذلك، في قوْلِ أكثَرِ أهلِ العِلْمَ. ويروَى عن ابنِ عُمَر، وابنِ الزُّبَيْرِ، وأبي سعيدٍ، ومُجاهِدٍ، وإسحاقَ، في مَن أدرَكَ وَترا مِن صلاةِ إمامِه، سَجَد للسَّهْوِ؛ لأنه يَجْلِسُ للتَّشَهُّدِ في غيرِ مَوْضِع التَّشهدِ. ولَنا، قولُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«وَما فَاتَكُمْ فَأتمُّوا» (1). ولم يَأمُرْ بسُجُودٍ. وقد فات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْضُ الصلاةِ مع عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ فقَضَى، ولم يَكُنْ لذلك سُجُود.
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثالث صفحة 395، 396.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحديث مُتفق عليه (1). وقد جَلس في غيرِ مَوْضِعِ تَشَهُّدِه، ولأن السجُودَ إنما يشْرع للسهْوِ، ولا سَهْوَ ها هنا، ولأنَّ مُتابَعَةَ الإمام واجِبَة، فلم يَسْجدْ لفِعْلِها، كسائِرِ الواجِباتِ.
(1) أخرجه بهذا اللفظ مسلم دون البُخَارِيّ، في: باب المسح على الناصية والعمامة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 320، 231. كما أخرجه أبو داود، في: باب المسح على الحُسَيْن، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 32، 33. والنَّسائيّ، في باب كيف المسح على العمامة، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 77. والإمام أَحْمد، في: المسند 4/ 244، 251.
فَصْلٌ: وَسُجُودُ السهو لِمَاُ يبطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ وَاجِب،
ــ
فصل: قال، رحمه الله:(وسُجُودُ السَّهْوِ لِما يبطلُ عَمْده الصلاةَ واجب) في ظاهِر المَذْهَب. وعن أحمدَ، أنَّه غيرُ واجِب. قال شيخُنا (1): ولَعَل مَبْنَى هذه الروايةِ على أنَّ الواجبَاتِ التى شُرِع السُّجُودُ لجَبْرِها غيرُ واجِبَةٍ، فيَكُونُ جَبْرُها غيرَ واجِبٍ. وهذا قَوْلُ الشَّافعيّ، وأصْحابِ الرأيِ، لقَوْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:«كَانَتِ الركْعَة وَالسجْدَتَانِ نَافِلَةً لَهُ» (2). ولَنا، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ به في حديثِ ابنِ مسعود (3) وأبي سعيد (4)، وفَعَلَه. وقَوْله:«نَافِلَةً» : يَعْنِي أن له ثَوابًا فيه، كما سُميَتِ الرَّكْعَةُ أَيضًا نافِلَةً، وهي واجِبَة على الشَّاك بغيرِ خِلافٍ. فأمَا المَشْروعُ لِما لا يُبْطِلُ عَمْدُه الصلاةَ فغيرُ واجِبٍ. قال أحمدُ: إنَّما يَجِبُ السجُودُ فيما روِي عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِي وما كان في مَعْناه، فنَقِيسُ على زِيادَةِ خامِسَةٍ
(1) في: المغني 2/ 433.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 10 من حديث أبي سعيد الخُدرِيّ. وهو بهذا اللفظ عند أبي داود وابن ماجه.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 9.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 10.